|
معاً على الطريق ومن اسمه اشتقت منه الأفعال والأسماء. ثم اتسع مفهوم «التطفل» حتى صار ينسحب على كل فعل يقوم به المرء من دون سبب وجيه. غير أن وجه الخطورة في التطفل أنه صار ثقافة لاشعورية ، ولا ينتبه الإنسان إلى سلوكه التطفلي. ها أنت سائر في الطريق ذاهب إلى مكان ما أو لديك موعدّ مع صديق .يسلم عليك شخص بالكاد تتعرف عليه ، أو حتى صديق فيبادرك بالسؤال: «لوين رايح» إلى أين أنت ذاهب ماالذي حمله على هذا السؤال؟ ربما لايقصد معرفة جهة ذهابي . وقد لاينتظر جواباً مني ، لكن السؤال صار عادة ، إنه سؤال تطفلِ بكل معنى الكلمة ،سؤال ثقافة تطفل. هاأنت جالس في المطعم أو المقهى مع صديق عزيز وبينكما حديث خاص . يأتي شخص ، يسلم ويجلس من دون أي إحساس بالذنب ،من دون أي دعوة له بالجلوس يقطع حديث الصداقة لأنّنا لانريد لهذا الآخر الذي جلس معنا أن يسمعه.إنه يرى الأمر عادياً جداً. إنها ثقافة التطفل. يسألك - مع ابتسامة نصر وكأنه ألقى عليك القبض . متلبساً بجرمك المشهود، من تلك الفتاة الجميلة التي كانت جالسة بقربك في المسرح؟ فتتذكر أنك كنت مع صديقك فقط ، وربما تكون هذه المرأة زوجة أحد الجالسين في الصف الذي تجلس فيه . وحين تجيبه أنه لم تكن هناك أي امرأة بجانبي يعاود الابتسام دلالة على أني أنكر ، هب أن المرأة التي كانت بجانبي تخصني ماعلاقتك أنت بذلك . إنها ثقافة التطفل. يسألك من دون حرج : ماالذي يحملك على صداقة فلان ، لماذا وافقت على إجراء حوار مع فلان ... وقس على ذلك من أسئلة التطفل التي لايراها السائل تطفلاً ، إنها ثقافة التطفل. ومن أخطر أشكال ثقافة التطفل السائدة التطفل علىالكتابة والمهنة ذات الصلة بالثقافة . ولقد شهد الوطن العربي في الربع الأخير من القرن العشرين ومازال حالة من التطفل علىالكتابة لامثيل لها بكل أنواع الكتابة. وبموضعات ماأنزل الله بها من سلطان ، فهذا يحدثك عن صديقه الجني ولقائه به ، وذاك يحدثك عن قضايا حساب الآيات في القرأن ، وثالث عن الماسونية وخطرها العالمي ورابع عن اطماع اليهود في فلسطين والحركة الصهيونية التي أصلها يبدأ من ابراهيم ، وخامس وسادس.... وتأمل تطفل الناس على مهنة أستاذ الجامعة: يحمل شهادة الدكتوراه من دون أن يعرف مامضمون الرسالة التي تقدم بها لنيل الدكتوراه ، ثم يتقدم للتدريس في الجامعة . وتأمل أيضاً أيها القارئ العزيز الكارثة المترتبة على ذلك إنها ثقافة التطفل. ثقافة التطفل لاتعني سوى شيء واحد وحيد لم تنتصر ثقافة الإنسان الحر والمنطقي والواقعي . أبعد هذا تسألني لماذا أنت غاضب يا ابن الحياة؟.. |
|