|
قضايا الثورة ليس أقلها استهداف سورية ولبنان لإنعاش مشروع الهيمنة الأميركية -الإسرائيلية على المنطقة وإعطاء حصة من هذا المشروع لفرنسا بعد دخولها على خطه بصفقة سرية لن يطول الزمن حتى تتكشف فصولها بالشكل الذي تكشفت فيه اتفاقية سايكس-بيكو الشبيهة بمشروع الشرق الأوسط الكبير قبل تسعين عاماً. وهاتان الحقيقتان اللتان جرى ويجري التعتيم عليهما هما: تحديد هوية الطرف الذي يقف وراء جريمة اغتيال الحريري والجرائم التالية لها في لبنان, وموضوع براءة سورية المطلقة من أي علاقة لها بهذا المسلسل الدنيء للاغتيالات وأي اتهام كالته لها زمرة الحقد والتآمر في لبنان تساوقاً مع حملة الضغوط المنظمة ضدها. ولئلا يأخذ التعتيم المبرمج على هاتين الحقيقتين مداه, فينخدع العالم بالاتهامات الكاذبة ضد سورية وحملات التشويه لصورتها ودورها القومي حيال لبنان, ركز السيد الرئيس بشار الأسد بجهد دؤوب ومتواصل على توضيح أبعاد هذه الاتهامات وحملات التشويه والضغوط في مجمل أحاديثه التلفزيونية والصحفية وكل تصريح له حول القضية اللبنانية لإظهار كل حقيقة يجري تغييبها, وكان آخر إيضاح له قوله في حديثه إلى تلفزيون سكاي نيوز التركي أول أمس من أن جميع الاتهامات التي تكال لسورية لا علاقة لها بحقيقة ماجرى في لبنان و(القضية قضية سياسية بامتياز). هذا التوصيف الدقيق للقضية, يوضح الأبعاد الحقيقية لتوظيف قضية اغتيال الحريري سياسياً, والابتعاد بها من مجرد جريمة اغتيال يتعين على التحقيق فيها أن يكون جنائياً بحتاً لمعرفة المرتكب والجهات المدبرة, إلى حدث تم إخضاعه عنوة لعملية توظيف سياسي أريد بها الكيد لسورية ومعاقبتها على مواقفها القومية والوطنية من خلال إطلاق الشبهة حول علاقة لها بالجريمة دون أي دليل مادي وقانوني. والتوظيف السياسي, أي تسييس القضية وجعلها سياسية بامتياز, كان واضحاً جداً من خلال إصرار قوى الضغط الخارجي وقوى الحقد العنصري في لبنان ورموزها من وليد جنبلاط إلى سعد الحريري فمروان حماده وكل المتاجرين بدم رفيق الحريري, على إلباس جريمة اغتيال الحريري وكل الاغتيالات التي أعقبتها لسورية كذباً وافتراءً, والدفع باتجاه تشكيل محكمة دولية من أجل تدويل القضية اللبنانية كمدخل لفرض الوصاية الدولية (الاستعمارية) على لبنان بشكل سافر بعد أن مورست هذه الوصاية بشكل غير معلن من قبل سفارات الضغط على سورية ولبنان, ومن قبل المستقوين بالخارج وعملاء الموساد المتغلغلين في كل مكان من لبنان وبهويات لبنانية أحياناً يزوّرها لهم(أبطال) التدويل والوصاية الاستعمارية, وغني عن القول هنا إن هؤلاء العملاء أيديهم ملطخة بجرائم القتل والاغتيالات, ودورهم معروف تاريخياً بإيذاء لبنان وشعبه وإثارة الفتن في كل دول المنطقة, وكل هذا يستهدف بالمحصلة النهائية إحداث ثغرات جيوسياسية لكي يتم تمرير المشروع الشرق أوسطي باستهدافاته الاستعمارية المكشوفة منها. واذا كان ثمة استنتاج يستخلص من هذه الصورة عن واقع القضية واستهدافات تسييسها, فهو أن قتلة الحريري ورفاقه وكل الذين اغتيلوا من بعدهم هم أولئك الذين لايريدون للبنان ولسورية الخير والاستقرار, وأن سورية كما أكد الرئيس الأسد دوماً بريئة من كل هذه الجرائم وتخسر بسببها,و إذا كان المنطق يقول إن أي دولة لايمكن أن تعمل ضد مصالحها, فهذا بحد ذاته يكشف حقيقة براءة سورية, وحقيقة الجهات المدبرة لكل جرائم الاغتيالات في لبنان ولانظن أن هذه الجهات بعيدة عن إسرائيل والقوى المتحالفة معها لأن زعزعة استقرار لبنان ومن خلاله سورية والمنطقة هدف يصب في مصلحة هذه القوى مجتمعة. |
|