تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اتفاق خطي...مهلاً أيتها السنة الجديدة..

معاً على الطريق
الخميس 29/12/2005م
أنيسة عبود

مهلاً: وأنت تدخلين المدينة, تعالي بثوب جميل, وبورد على الرأس.. تعالي بلا شوك ولا كعب غليظ..

مري بهدوء فالمدينة متعبة من العراك مع السنة التي تتأهب للرحيل.. لا تنتظري الغناء أولاً فنحن لا نقدر على الغناء في لحظات الوداع.. لابد أن يمر وقت حتى تطوي الذاكرة أوراقها وتوضب سجلاتها وتلم كؤوسها المكسورة.‏‏

مهلاً.. لا تبدئي بالجفا فوراً - كوني لطيفة قليلاً - والله العظيم - أتعبتنا السنة التي مضت, لم نكن ننتظر منها كل هذا الوعيد ولا كل الذين - يبعقون - وراءنا.. لم نكن ننتظر كل هذا الزيف وهذا الرياء ما الذي يجري? بل ماذا جرى?! ياله من سؤال مر.. ربما لأني أريد استنكار الجواب أكرر السؤال, وربما لأن السؤال أكثر تعبيراً عن الحيرة وعن - الحقيقة الغائبة -.‏‏

مهلاً أيتها السنة القادمة..‏‏

ماذا لو عقدنا اتفاقاً في جلسة هادئة.. كل منا يصرح للآخر ماذا يريد منه?‏‏

هذه هي الطريقة الحديثة الحضارية في التعامل.. لابد من مصلحة مشتركة.. أو مصلحة فردية.. المهم أن نكون على بينة ووضوح حتى نتلافى طعنات الظهر وما أكثرها هذه الأيام, لا نريدك بثوب السنة الماضية.. لا نريدك بأفكارها.. بأشلائها.. بزيفها.. نريدك سنة جديدة بكل التوهج والتألق.‏‏

تعبنا من البكاء ومن الوداعات المرة.. تعبنا من الأشلاء ومن البيوت المتكومة في قلوبنا.. تعالي رهيفة, رقيقة, حانية.. أبعدي هذه الدبابات من رؤوسنا.. وأبعدي هؤلاء الشياطين من دربنا, مدي يدك.. خذينا إلى بيتك العالي حيث يتسع للجميع.. نعدك أن نكون أوفياء للذين نحبهم.. أوفياء لأرواح آبائنا.. أوفياء للتراب الذي زرعت فيه أمهاتنا الحبق والياسمين, للتراب الذي ارتداه الأبطال.. نعدك أن نزين شجرة ميلاد جديدة أكبر من شجرة العام الحالي.. أيتها ا لشجرة العظيمة التي ترنو إلى دمشق.. نعدك أن نرفع الآذان أكثر لتسمعنا السماء وتلتفت إلى أبوابنا المرهقة, نعدك بالكثير.. فماذا تعديننا أنت?!‏‏

في البداية نحتاج أن نتعارف.. نحتاج أن نسهر معك سهرة مطولة.. لنرى كيف تنظرين إلينا?! كيف تشعرين بنا?! ولنتأكد أنك لست نسخة من سنة ماضية أطفأت أفراحنا.. ولكن لا بأس.. بإمكانك أن تدركي أننا نحزن, لكن لا نتفجع.. وبأننا نتوجع ولكن لا ننكسر.. فتعالي بكل الشموخ.. تعالي لدينا كعك وخبز وزيتون وحكايات قديمة تشبه أجدادنا.. وتشبه التلال العالية عند قراراتنا.. تعالي.. لدينا الكثير من الحب إننا لا نزال قادرين على تخبئة الورد في الكتب.. وطي العطر في الأصص.. ونقدر أن نشعل الحطب وندفئ النجوم البردانة.. نقدر أن نتصل بالأصدقاء ونقول أنتم الوطن أم الوطن أنتم? وهذه القرى البردانة في أعالي الجبال, تستطيع أن تخبز على التنور أقراص السمسم والسكر, والزيت والزعتر وتدعوك أيتها السنة إلى السهر.. هكذا نحن.. نعرف كيف نحب وكيف نخلص وكيف نحاور قمحنا وطيورنا وقرامي الحطب الملفوفة بالتعب.. ولكن نعرف أيضاً كيف نقدم أرواحنا عندما تحتاجها سورية الغالية...‏‏

أنا لن أتعبك بخطاب طويل عريض.. الخطب تكون باهتة, مكرورة, ومتكلفة ولكن ما أقوله لا أستطيع إلا أن أقوله.. لا أقدر أن أكتب شيئاً آخر لك.. وفي السهرة التي ستجمعنا.. لابد أن نتحدث كثيراً عن السنة التي مضت.. سنتحدث بكل الشفافية.. لن نترك شيئاً للأدراج.. ولكن نترك حنطة الأسرار في الزوايا.. وفي السهرة قد أسمعك أغنية »فيق يابوزهدي فيق« ربما تعطيك فكرة مبكرة عن تفكير الناس وعن طريقة عيشهم ومشاعرهم.. أتمنى ألا تنامي باكراً أيتها السنة لابد أن نشعل الشموع معاً ونصلي معاً.. لابد أن نعيد على البحر والأشجار والأطيار ونعيد على كل المخلصين ونقول.. يارب أن تكون السنة القادمة رائعة, حانية.. وكل عام وأنتم بسلام.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية