|
|
ثقافة لم يكن بيكاسو يتلف شيئا ومثله غيرترودستين ما يتيح لنا قراء 254 مراسلة تم تبادلها بينهما منذ عام 1905 وحتى عام 1944 وذلك بفضل جهود لورانس مادلين التي تعتبر اليوم انشط المختصين الفرنسيين بأعمال بيكاسو ويجدر بنا قراءتها وفق الترتيب الزمني لتلك الرسائل والردود والتعليقات عليها مع توضيحات تأتي احيانا مدهشة لتفاصيل احداث خفية.. واضافة الى كاتبه امريكية وفنانة اسبانية فقد شارك البعض من اصحاب بيكاسو في تجميع وتدوين هذه الرسائل منهم فرناند اوليفيه وايفا ويل واولغا الزوجة.
تظهر من خلال الرسائل عناوين بيكاسو واخبار مهمة وبعض النوادر منها استئجار منازل ايام العطل اسماء صحف يومية تدل على مكان سكن غيرترود كصحيفة شارع فلوريس وصحيفة شارع رافينيان حيث يسكن بيكاسو ومع مرور السنين تنقلب الايام وتصبح غيرترود صديقة لشاب آخر وهو رسام ايضا لكن بعد ثلاثين عاما تبذل ما بوسعها للحفاظ على علاقتها القديمة مع الفنان الاكثر شهرة في ذلك العصر والذي اصبحت عاجزة عن شراء اعماله بسبب غلائها وتدعو غيرترود بيكاسو واولغا لزيارتها في بيلي لكن بيكاسو يتأخر في الرد واولغا لاتهتم كثيرا لأمر الدعوة ونهاية حزينة لمرحلة صداقة دام الجزء الاكبر منها من بداية 1905 وحتى الحرب وهذا الجزء يشغل ثلثي الكتاب. اما عن التكعيبية في فنه فان هذه الرسائل تسلط الضوء على اساليبه المباشرة وغير المباشرة كالتي يعلن فيها مثلا عن موت ابيه او عندما حاول الحفاظ على سر اشيع عن تقلبه في عشقه بين فرناند وايفا اما المباشرة فهي اسلوب استحضار اللوحة الماثلة بين يديه والافضل عندما تكون رسم لشخصية مثل ( صورة بولارد) التي انتهى العمل بها عام 1910 ومن الاسلوب المباشر ايضا عندما تقترح غيرترود على بيكاسو اقتناء زوج من التماثيل الافريقية او دعوتها له لرؤية غريغو واتفاقهما على سعر القماش او الرسوم . ان هذه الوقائع وطريقة سردها تمنح حواس القارئ المتعة وحلما بحضور محادثات كتلك التي كانت تحصل عندما تأخذ غيرترود وضعية ما ليتابع بيكاسو رسمها وعندما كانت تنظم حفلات عشاء شارع فلوريس .. ولم تظهر التكعيبية كحركة تأملية او نظرية لكن بالعكس جاءت نتيجة لسلسلة من الاختبارات ولعمل مشترك لعدد من الاشخاص من جنسيات مختلفة يعملون معا, البعض يرسم والاخر يكتب وشكلوا تقريبا شبكة عبارة عن مؤسسة سرية صغيرة سميت تاريخيا ب (المجددين) اذا بيكاسو لم يكن يرمي شيئا لقد احتفظ بكل ما ارسله اليه سلفادور دالي ما بين عامي 1927 و 1970 من دعوات, ايحاءات, اطراء, اعجاب لكن يبدو ان هذه الرسائل لم تلق صدى علما انها وجدت كاملة في ارشيف المرسل اليه قد يفسر هذا الصمت بسبب اعتناق دالي (الفرانكيسم) وهو مبدأ الجنرال فرانكو السياسي الذي شكله في اسبانيا عام 1939 ويبدو ان دالي وان لم يكن مغتاظا من تملق غالا او من مدائح السرياليين كان يفضل اتهام حاشية بيكاسو ومنهجه السياسي وهذا الصمت هو احد غرائب مراسلاتهم وقد جعل اختيار الصور السياحية ومصارعة الثيران او الاشبيليات التي تظهر فيها هزليات لا ارادية لبيكاسو من المجلد تحفه نادرة. اما عن اشعاره فقد احتفظ بيكاسو بمخطوطات اشعاره التي بدأ كتابتها عام 1935 المئات من قصائده كتبت بالاسبانية والفرنسية وتم كتابة اغلبها قبل عام 1940 لكنها صعبة وعصية على التحليل مليئة بالصورة الايحائية والرموز . هي اشعار لامعة تراجيدية كوميدية تشبه رسوم تلك الحقبة التي تظهر من بينها احيانا على الورق ذاتها انها لشاعر مبحر قرر ان يترك هذه اللغة الفريدة وان نختار مقتطفات منها فهذا عمل جيد ومهم من ان تبقى اشعاره مجهولة. |
|
