|
أبجد هوز كان المذيع متحمساً جداً للقضية التي يناقشها مع ضيفة البرنامج التي تنتمي إلى بلد عربي شقيق، حيث سمعتُ منه كلمة «السعيدة» أكثر من مرة قبل أن أقع على حقيقة الموضوع «المهم» الذي يشغل بث هذه الإذاعة، فالحلقة كانت مخصصة لمعالجة «الكلاب»، حيث بشّرتنا ضيفة الإذاعة بافتتاح «مركز الكلاب السعيدة» في مدينتها الجميلة. أصابني خبرُ هذا الافتتاح «التاريخي» بدهشة كبيرة، فألّحت ــ أو أصرّت لا فرق ــ عليّ ذاكرتي مستعرضةً شريطاً من القصص المحزنة التي يعانيها أشقاؤنا في هذا البلد الجميل، وتتكفل قنواتهم الفضائية بإثارتها يومياً دون جدوى، حيث تغيب السعادة عن وجوه الناس هناك، وتحضر السخرية المؤلمة والسوداء من الواقع في كثير من البرامج والمسلسلات والمسرحيات والأفلام والفعاليات، لأكتشف بمحض المصادفة، أن حال المجتمع لديهم هو كحال المجتمع العربي عموماً منقسم إلى شريحتين، شريحة «سوبر» حنونة وشديدة الرفق بالحيوان، تربّي الكلاب وتدللها وتسهر على راحتها وتحرص على سعادتها وتخليصها من أمراض الاكتئاب، وشريحة «معترة جداً» ، تحسد الكلاب على عيشتها المرفهة. وبينما كانت ذاكرتي تحاول تعكير الفرحة بافتتاح المركز، توقفتُ فجأة في أحد الأحياء الراقية بالعاصمة، على وقع قيام شابّ أنيق يجرّ كلبين «مكتئبين» أمامه ــ ربما هما يجرانه ــ بقطع الطريق أمامي، فقلت في نفسي: لعله لم يسمع باسم المركز، ففتحت النافذة كي أزفّ له البشرى، فانبرى «رفيقاه» ينبحان بامتعاض ولسان حالهما «المتدلي» يقول: تضربْ إنت والـ «بي بي سي»!!. |
|