تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


محاضــرة.. الغريــــزة فــــي التحليــــل النفــــسي

مجتمع
الأحد 6-6-2010م
متابعة: علاء الدين محمد

إن الغريزة هي ذلك النوع من الطاقة التي تصدر عن التركيب الأساسي للإنسان وتنبع من مقوماته البيولوجية فهي تقع حسب رأي فرويد بين مناطق البدن ومناطق النفس وبالعودة إلى السياق التاريخي لتطور فكر فرويد حول الغرائز نجد أنه اكتفى في العشرين سنة الأولى

من أبحاثه بوضع عرض بسيط للميول الفطرية عند الإنسان وقسم الدوافع النفسية إلى مجموعتين: الأولى تهدف إلى الاحتفاظ ببقاء الفرد (غرائز الأنا) والثانية تهدف إلى الاحتفاظ ببقاء النوع (الغرائز الجنسية) ورأى أن الآلام النفسية تتأتى من الصراع بين هاتين المجموعتين غرائز الأنا الطليقة والغرائز الجنسية المكبوتة.‏

في ثقافي أبو رمانة قدم الأستاذ أسامة دنورة محاضرة بعنوان (مفهوم الغريزة في التحليل النفسي) حيث عرض أهم الانتقادات التي وجهت إلى التحليل النفسي عند فرويد ولاسيما ما يتعلق بالغرائز وقدم نماذج من المفكرين الذين خالف بعضهم فرويد في غالبية المبادىء الأساسية لتحليله النفسي وبعضهم كانوا من تلاميذه حيث عدلوا على نظرياته أو خالفوها ببعض الجوانب وبات يطلق عليهم لقب الفرويديين الجدد فمثل ذلك الاصطلاح قد ينطوي على طيف واسع من الآراء التي أسست على بعض أو جميع مبادىء التحليل النفسي إلا أنها انتهت إلى نتائج متباينة وبعض الأحيان متناقضة فيما بينها باختلاف أراء العلماء الذين جاؤوا بها وإن كانت قد أسهمت مساهمات جلية في علم النفس وتحول بعضها إلى مدارس مستقلة بذاتها عن النهج الفرويدي الذي لم يعد يمثل بالنسبة إليها إلا حافزاً للتفكير في بعض جوانب السلوك البشري.‏

انتقادات ذات دافع عاطفي‏

ما تحدث عنه فرويد ذاته في مواضع عدة من كتبه ولعل أبرزها ما جاء في محاضراته المعنونة تحت اسم مدخل إلى التحليل النفسي حيث يقول: إننا نعتقد أن الثقافة قد أبدعت تحت ضغط الضرورات وعلى حساب تلبية الغرائز ويقوم كل فرد جديد في المجتمع البشري بتكرار التضحية بغرائز لصالح المجموع وتحتل الميوع الجنسية مكانة بارزة بين القوى المكبوح جماحها فهي تعلى وتصعد وتوجه نحو أهداف اجتماعية أسمى لا تتصف بأي صفة جنسية ولا يرى المجتمع خطراً يهدد حضارته أعظم من انعتاق الغرائز الجنسية لذا لا يطيب للمجتمع أن يذكره أحد بهذا الجانب الحساس ولا يرى مصلحة له على الإطلاق بالاعتراف بقوة الغرائز الجنسية.‏

انتقادات سقوط المنظومة العقلانية‏

هناك انتقادات تتعلق بسقوط المنظومة العقلانية الحديثة تحت ضربات الكشوف العلمية الجديدة التي طرحت من الأسئلة بمقدار أو لربما أكثر مما جاءت به من أجوبة ونتيجة لتكامل المعارف الإنسانية باتت الصورة أكثر وضوحاً.‏

وما عجز عنه علم النفس بصيغة كلاسيكية وجد له جواباً في علوم البيولوجيا والوراثة والقدرات المستحدثة على التحكم بصفات توصف بأنها نفسية عبر آليات دوائية أو كيماوية أو فيزولوجية، وفي هذا السياق يقول مات ريدلي في كتاب السيرة الذاتية للنوع البشري انهارت نظرية فرويد في اللحظة التي أدى فيها الليثيوم على شفاء مريض بالهوس الاكتئابي بينما فشل التحليل النفسي لعشرين سنة في شفائه كما رفعت امرأة دعوى تعويض عام 1995 على معالجها النفسي لأن تعاطيها دواء بروزاك لثلاثة أسابيع قد حقق لها ما لم تحققه ثلاث سنوات من العلاج النفسي.‏

انتقادات تقنية نفسية‏

تتعلق هذه الانتقادات بالنواحي المختلفة لنظرية التحليل النفسي وما يرد فيها من نقاط ضعف أواستنتاجات وملاحظات قابلة للدحض أو التعديل وعلى الرغم من أن هذا النوع من الانتقادات يصعب حصره في سياق محدود فإنه قد يكون مفيداً تسليط الضوء على إحدى الجوانب الإشكالية في فهم نظريات فرويد والتي تنعكس ابهاماً في العديد من المفاهيم التي تبنى عليها ألا وهو استعماله الملتبس لمصطلح الغريزة ويميز «برونو بيتلها يم» بين استخدام فرويد لكلمة غريزة وبين كلمة الإشارة للغرائز الفطرية عند الحيوانات ويقترح «بيتلها يم» إن الترجمة الأفضل لكلمة الغريزة هي الدافع وبهذا فإن بحث فرويد بعنوان الغرائز وتقلباتها يجب أن يتحول إلى الدوافع وتحولاتها لأن الغرائز فطرية وغير واعية وهي غير قابلة للتحول أصلاً بخلاف الدوافع إلا أن استنتاج «بيتلها يم» هذا يصطدم باصرار فرويد على إرجاع الدوافع الإنسانية إلى أصول بيولوجية بحتة وهنا تظهر فجوة في أعمال فرويد هو انتقاله دون ما يكفي من روابط وحجج بين السلوك الحيواني الغريزي وإسقاطه على السلوك النفسي الإنساني ذي البعد الاجتماعي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية