|
مرسين كل له دوره ومساحته الداعمة لبنية الوطن، لكن تبقى لمهنة الصحافة خصوصيتها وأسرارها وعالمها وهي تنقل الصورة المتكاملة لواقع الأحداث والتغيرات التي يعيشها أي بلد من البلدان وأي مجتمع من المجتمعات. في زيارة الوفد الإعلامي السوري إلى تركيا مؤخراً كان هناك في مدينة مرسين أكثر من محطة ولقاء لفعاليات وأنشطة أضاءت بشكل عام على أهمية التواصل والتعاون بين البلدين على جميع الأصعدة ومن أهمها الجانب الإعلامي، بعد أن أرست القيادة السياسية في البلدين دعائم التعاون وعبّدت الطريق بشكل جيد للوصول إلى أفضل العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. في هذه السطور نتعرف على تجربة أحد الصحفيين الأتراك المتقاعدين في جمعية الصحفيين بمدينة مرسين إنه السيد أونال آقداغ أحد المؤسسين الأوائل لإذاعة ومحطة TRTالتركية الأوسع انتشاراً على مساحة الدولة، حيث خاض غمار العمل الشاق لمدة 40 عاماً تنقل داخل الحدود وخارجها، غطى حروب وأحداث إقليمية وأهمها العدوان الأمريكي والغربي على العراق، وقبلها المشكلات التي كانت عالقة مابين الاتحاد السوفييتي وأذربيجان، وبعد 40 عاماً من عمر المهنة كرّمته المؤسسة الصحفية في بلده بمنحه سبع سنوات أخرى تقديراً لجهوده المبذولة، وهذه الميزة ينالها الصحفيون الذين تعترف بهم الدولة في مجال عملهم، وكل من عمل عاماً واحداً يأخذ ثلاثة شهور زيادة «ترفيعة». في حوارنا معه لمعرفة الظروف والمساحة التي كان يعمل من خلالها وكيف كان يتصرف حيال بعض الصعاب التي كان يتعرض لها وهو يمارس عمله الإعلامي بيّن آقداغ أن البداية انطلقت من أنقرة ومن ثم مدينة أرزروم شرق تركيا وغازي عينتاب ومرسين التي هي مقر عمله حالياً، لافتاً أنه في هذه المساحة لم يكن يوجد تقسيمات إدارية للحصول على المعلومات وإيصال الأحداث، فالصحفي كان معنياً بالتقاط كل صغيرة وكبيرة كانت تحصل بالريف والمدينة على السواء وهذا مايبرره بالطبع أن الاختصاص الإعلامي خلال السنوات الأولى من العمل لم يكن متوفراً إلاّ في ثلاث مدن فقط هي أنقرة، ازمير، اسطنبول، ومع ذلك لم تثنه العزيمة وحب المهنة من أن يجيد أدوات عمله الإعلامي المرئي والمسموع والمكتوب وهنا يقول بلسانه: أحببت مهنة الإعلام كثيراً وحين تقاعدت وجدّت أن الصحافة مهنة المتاعب صقلت تجربتي وخبرتي وبفضلها اليوم أقوم بإعطاء الدروس والمحاضرات في الجامعات التركية إلى جانب التدريس في ثانوية خاصة بالإعلام في مدينة مرسين. مشاهد في الذاكرة وبالعودة إلى العمل الميداني مازالت مخيلة آقداغ تحتفظ بعشرات الصور والمشاهد لأحداث وجرائم وعنف ارتكبت بحق أهلنا في العراق نتيجة العدوان الأمريكي والغربي عليه وكذلك الحرب أذربيجان ولغاية هذه اللحظة كما يقول يعيش عبر تلك الحدود مغامرات وهيجاناً تجاه العمل الصحفي والهيجان هنا ليس خوفاً وإما توتر، مما دفعه إلى فعل المستحيل كي يبعد ابنته التي كانت تحب الصحافة عن هذا الجو وتمويل اهتمامها إلى فن الرسم. أعجبتني ..حمص وعن زيارته لسورية أفصح عنها بالقول: أثناء العمل في TRTفإن الشخص الذي كان يذهب إلى سورية كان ممنوعاً عليه الدخول إلى أوروبا وأمريكا والممانعة ليست بالطبع من الدولة التركية وإنما من الدول الأوروبية ذاتها، ولكن إصراره وحبه لهذه الدولة الجارة زار سورية وتجول في مدن دمشق وحمص وحماة إلا أن مدينة حمص استحوذت على نسبة إعجاب كبيرة لمعالمها وجامعها الكبير، ومن بوابة سورية تمكن من الدخول إلى بريطانيا بعد دفع مبالغ ضخمة. أما سبب زيارته لسورية فتأتي في إطار مايجمع البلدين من تاريخ وعلاقات مشتركة والذي يجمع بين الحضارة السورية والتركية أكثر مما يفرقهما وذاكرة التاريخ تخبىء الكثير من التشابه والتماثل. وعن علاقته بالإعلام السوري ذكر أنه من المتابعين للقناة الأرضية سابقاً ،أما اليوم فيشاهد الأرضية والفضائية معتبراً أن اللغة ليست عائقاً إذ أن ما بين 3-4 أشخاص هناك شخص يتعلم العربية. كما كشف الحديث مع السيد آقداغ بعض المفارقات التي كانت تحدث في ميدان العمل كفيضان نهر العاصي بمحافظة هطاي(إنطاكية) وكيف كانت توصل الأخبار عن طريق وضعها بأكياس محكمة وترسل من طرف إلى آخر عبر النهر الفائض لتبث وتذاع في 6TRT . أيضاً هناك حادثة لاينساها آقداغ حين كلف بتغطية حدث رئاسي في إحدى المدن التركية ولكن بالخطأ تم إرساله إلى مطار آخر بدلاً من المكان المطلوب والخوف حينها أن الخبر يعتمد بثه أولاً في المحطة المذكورة.. ولكن العاقبة كانت الصفح والغفران عندما علمت الجهات المعنية ظروف العمل الطارئة. أما رسالته للجيل الصحفي الجديد هو القراءة اللامحدودة والمتابعة والاهتمام بكل شيء لأن مهمة الإعلامي أن يكون بمثابة حلقة الوصل والتعارف بينه وبين الآخر سواء على المستوى الوطني المحلي أو على مستوى الشعبين السوري والتركي حيث يشهد الجانبان حالة ارتياح عامة لامثيل لها على مستوى المنطقة متمنياً مواصلة اللقاءات والزيارات وتفعيل الحضور الإعلامي لكلا الطرفين كونه جسر العبور الأكثر التصاقاً بالقاعدة الشعبية والرسمية وهو من أجمل لغات التقارب... |
|