|
ثقافة ولاسيما مجلة المعرفة السورية منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وإن كان في الجعبة كتب مؤلفة ومترجمة، فمن المعروف أن الدوريات الثقافية الشهرية كانت المنبر الأول للنشر والتواصل، وقد أدت مجلة المعرفة السورية ولا تزال هذا الدور، وكان جورج صدقني كما أسلفنا واحداً من المفكرين الذين أثروا هذه المجلة بترجماته الهامة لأحدث النظريات الفكرية العالمية. ترجمة النظريات السياسية.. بدءاً من العدد 80 لمجلة المعرفة قدّم جورج صدقني ترجمة هامة لأعمال المفكر الفرنسي: بول ريكور وكانت البداية بمقال بعنوان: (المفارقة السياسية) استغرق من العدد 36 صفحة. ومن المقال المترجم نقتطف من المقطع الثاني جزءاً يحمل عنوان: السلطة والشر.. وفيه يرى ريكور أنه يوجد ضياع سياسي نوعي لأن الظاهرة السياسية ظاهرة مستقلة،و إن الوجه الآخر لهذه المفارقة هوما يجب إيضاحه الآن. عقدة المشكلة في أن الدولة إرادة، بوسعنا أن نلح قدر ما ينبغي على العقلانية التي تجيء إلى التاريخ عن طريق الظاهرة السياسية - فهذا صحيح لكن إذا كانت الدولة معقولة من حيث كونها قصداً فإنها تتقدم عبر التاريخ بفعل القرارات، فليس من الممكن ألّا ندخل في تعريف الظاهرة السياسية فكرة القرارات ذات الأثر التاريخي أي التي تغير بطريقة دائمة مصير الجماعة الإنسانية التي تنظمها هذه الدولة وتديرها، الظاهرة السياسية تنظيم معقول، والسياسة قرار: تحليل مواقف محتمل رهان محتمل على المستقبل، إن الظاهرة السياسية لا توجد بغير السياسة. إن الظاهرة السياسية تأخذ معناها فيما بعد في التفكير في التأمل التراجعي، أما السياسة فتلعب بمقدار في (التنقيب) في المشروع أي في حل رموز الحوادث المعاصرة حلاً غير مؤكد وفي صلابة العزم في وقت واحد. ولهذا إذا كانت الوظيفة السياسية وإذا كانت الظاهرة السياسية متواصلة فيها، فإنه يمكننا القول بمعنى من المعاني إن السياسة لا توجد إلّا في اللحظات الكبرى في (الأزمات) في (الانعطافات) في عقد التاريخ. بيد أنه لا يمكننا أن نعرف الظاهرة السياسية دون أن ندخل فيها لحظة القرار الإرادية، ولا يمكننا أيضاً الكلام في القرار السياسي دون أن نفكر في السلطة. إننا، إذ ننتقل من الظاهرة السياسية إلى السياسة، ننتقل من الحدوث إلى الحوادث، من السيادة إلى من يسود، من الدولة إلى الحكومة، من العقل التاريخي إلى السلطة. وفي العدد 115 من المعرفة يترجم صدقني أيضاً لبول ريكور مقالاً يحمل عنوان: الكلمة ملكوتي. محطات في حياته.. جورج صدقني من مواليد طرطوس السودا عام 1931 درس فيها وفي مدينة اللاذقية، تخرج من جامعة دمشق مجازاً في الفلسفة 1954م ثم نال أهلية التعليم الثانوي 1955م. عمل في حقل التعليم بمراحله المختلفة فكان معلماً في المدارس الابتدائية، ومدرساً في التعليم الثانوي، وبعد ذلك مفتشاً في التعليم الابتدائي وتولى إدارة مدارس ثانوية ودور المعلمين، وكذلك مفتشاً للفلسفة في ثانويات المحافظات الشمالية والشرقية، ومحاضراً في المعهد العالي للعلوم السياسية بدمشق. نضال سياسي.. وعلى الصعيد السياسي انتمى إلى حزب البعث العربي الاشتراكي منذ يفاعته 1946م، ودخل السجن لأول مرة في اللاذقية 1949م بسبب نشاطه الحزبي، وعرفته سجون اللاذقية والمزة والشيخ حسن بدمشق في عهد أديب الشيشكلي. انتخب عضواً في القيادة القطرية للحزب عام 1957، وأعيد انتخابه عضواً في القيادتين القطرية والقومية وتولى رئاسة مكتب الثقافة والإعداد الحزبي في القيادة القومية، سمّي وزيراً للإعلام عشية اندلاع حرب تشرين 1973م تولى مجلس رئاسة أنصار السلم في سورية 1975. النشاط الفكري.. وعلى الصعيد الفكري والأدبي فهو عضو مؤسس في اتحاد الكتاب العرب دمشق وتولى رئاسته من 1972 إلى 1974م وانتخب بهذه الصفة أميناً عاماً مساعداً لاتحاد الأدباء العرب بالقاهرة 1972م خلفاً للدكتور سامي الدروبي. تولى رئاسة لجنة تخليد الاستاذ زكي الأرسوزي 1971 وأشرف على طباعة أعماله الكاملة، انتخب عضواً عاملاً في مجمع اللغة العربية في عام 1991. أعماله.. - مدخل إلى الفلسفة، تأليف الفيلسوف كارل يسبرز /ترجمة. - دراسات في ماركس وهيغل/ ترجمة. - علم النفس التربوي لطلاب دور المعلمين. - جوريس/ تأليف أندريه/ وبنييه/ ترجمة. - الوحدة أولاً. - أمهات الكتب السياسية/ ترجمة. - البرهان في الفلسفة/ تأليف بديع الكسم/ ترجمة. - دورات مجلس الحزب/ تاريخي توثيقي. - وله سلسلة مقالات ودراسات وقصص نشرت في الدوريات السورية ولاسيما المعرفة السورية ومجلة المناضل. جورج صدقني المفكر والمترجم والسياسي يرحل ووراءه تراث ضخم بعضه جمع في كتب، وقسم آخر مبثوث في بطون الصحف من خلال الحوارات الصحفية، وقد كان لكاتب هذه السطور شرف محاورته منذ سنوات في مكتبه وذلك بمناسبة وطنية وقومية وكان المثال الذي يجعلك أمام من يأخذ بيدك إلى حيث تريد على كل حال، تراث ثرّ غني نأمل أن يجمع شتاته في كتب لتعم الفائدة. |
|