|
فضاءات ثقافية مفضيا إلى أحد أصدقائه عن معاناته من بعض المشاكل النفسية التي كانت تحول أحيانا دون متابعته الكتابة، وأخبره بأن رغبته في الوقت الحاضر تقتصر على الجلوس فوق صخور الساحل وصيد السمك، ذلك ما حدث في شهر آب من عام 1979، لكن عاصفة أطلسية هوجاء اكتسحت المنطقة بعد بضع أسابيع من وصوله إليها، تسببت بانزلاقه وسط الصخور الصلدة الوعرة, وهو يحمل صنارة الصيد، وأفضت الى غرقه ووفاته في البحر قبل ان يكمل الرابعة والأربعين من العمر. انقضت ثلاثة عقود على وفاة فاريل، لكن كتابه مشاكل (تربلز) - وهي الرواية الأولى ضمن ثلاثية الإمبراطورية - الذي تقدم به لنيل جائزة البوكر عام 1970 قد عاد إلى الواجهة من جديد حيث تناول المعاناة التي شهدها أحد الجنود وما لاقاه من صعوبات في جزيرة اميرلاند إبان حرب الاستقلال الايرلندية. استلم ريتشارد فاريل (شقيق جيمس) الجائزة مع الطبعة الأولى للكتاب من السيدة أنتونيا فراسير عوضا عن أخيه في حفل خصص لتسليم تلك الجائزة، وألقى كلمة مقتضبة نوه بها إلى ما يكتنفه من مشاعر الغبطة المشوبة بالأسى لأن عملية التكريم رائعة بحد ذاتها من جهة، ومن جهة أخرى مؤلمة لأن (جيم) لم يحضر ليتسلمها بنفسه. لقد ابتكرت عملية المنح تلك, لتصحيح خطأ حدث مع كتاب الروايات التي صدرت عام 1970 لأنهم حرموا من الترشيح لنيلها, عندما كانت تسمى (مكنويل) في ذلك الحين نتيجة قيام مؤسسة البوكر بتغيير أسس وقواعد منحها عام 1971 بحيث تمنح فقط للأعمال الصادرة في ذات العام، الأمر الذي أدى إلى حرمان الأعمال الصادرة قبل هذا التاريخ من الدخول في المنافسة عليها. أدرجت رواية فاريل الرابعة ضمن القائمة الطويلة التي تضم 21 كتابا، ومن ثم انتقلت لتصبح في القائمة القصيرة بعد تحديد أفضل ست روايات. وقد نالت رواية مشاكل (تربلز) إعجابا منقطع النظير من هيئة التحكيم التي أثنت على أسلوب الكاتب, واعتبرته في مصاف كبار الأدباء في ذلك الزمان، الأمر الذي سيجعل روايته تستقطب شريحة جديدة من القراء على الرغم من أنها لم تصدر سوى بطبعتها الأولى التي تمت منذ أربعين عاما، ما سيفضي الى زيادة مبيعاتها بعد أن حازت على جائزة البوكر, والى إعادة تقييم (فاريل) من قبل النقاد بعد أن اعتبر من كبار الكتاب في مرحلة ما بعد الحرب. يتساءل المرء عما كان سيشعر به (فاريل) لو كان على قيد الحياة في حفل تسليم الجائزة، ونجد الإجابة بما قالته صديقته ديبورا روجرز: «إن تلك الجائزة كانت ستعني له الكثير لأنها ستكون المرة الثانية التي يكرم بها, وتمنح له جائزة عن رواية تقدم بها. ذلك لأن المرة الأولى كانت عن روايته (حصار كريشنابو) التي حصلت على الجائزة عام 1973». وبناء عليه فإنه لو لم يجر التغيير في قواعد منح الجائزة, لكان (فاريل) أول كاتب يحصل على البوكر مرتين، لكن هذا الأمر قد حصل مع كل من جي إم كوتزي في عام 1999، وبيتر كاري في عام 2001. قالت ديبورا روجرز: «إن كتاب (مشاكل) يعتبر من أفضل الكتب التي ألفها (فاريل) لما يحتويه من طابع فكاهي ممتع, إذا ما استثنينا ما ورد فيه من قضايا سياسية كبيرة». تألفت لجنة التحكيم من الروائي (توبياس هيل) والمذيعة (كاتي درهام) والصحفية (رايتشل كوك) وجميعهم من مواليد عام 1970. وقد كلفوا بمهمة الاختيار للقائمة القصيرة التي عرضت على التصويت من قبل الجمهور (عبر شبكة الانترنت) الذي أعطى كلمته بفوز رواية (مشاكل) بأغلبية ساحقة نتيجة حصولها على نسبة 38% من الأصوات أي أكثر بضعفين مما حصلت عليه أي رواية أخرى. وقالت الصحفية (كوك) عنه: إنها تعتبر مستوفية لكامل العناصر ومثالا للرواية الرائعة، ولو نشرت في الوقت الحاضر فإنه بلا شك ستدرج في القائمة القصيرة أيضا»، وأعربت عن شعورها بالسرور إزاء فوزها. إن ل(جيمس جوردون فاريل) ظروفا معينة، فقد نشأ وترعرع في عائلة إيرلندية في ليفربول ودرس في اكسفورد، وكان يهوى لعب الركبي, ويتحمس لها, لكن شلل الأطفال الذي أصابه حال دون ممارسته لتلك الهواية، الأمر الذي أثار الأسى في نفسيته حتى آخر أيام حياته، وقد يكون السبب الرئيس في إحجامه عن الزواج. لقد أعطته روايته الثانية ذا لنغ (الرئة) التي كتبها عام 1965 شهرة واسعة عرفت العالم به، لكن ثلاثية الامبراطورية جعلت منه كاتبا مرموقا ذائع الصيت. وقد حصلت روايته (مشاكل) على جائزة فايبر التذكارية. ومع ذلك قرر (فاريل) ترك لندن في شهر نيسان 1979 ليتفرغ للكتابة وصيد السمك، لكنه ذهب ولم يعد من تلك الرحلة. إن بطلي رواية (مشاكل) هما الماجور بريندان ارتشر, وخطيبته انجيلا التي تنتمي إلى عائلة ثرية تمتلك فندقا يدعى ماجيستك هوتل، لكنه يصاب بالصدمة عندما يعلم بتدهور الوضع المالي لتلك العائلة. و(فاريل) في هذه الرواية يحاكي العلاقة للوجود البريطاني في ايرلندا. وقد تم تحويل روايته تلك إلى فيلم جرى إنتاجه عام 1988. |
|