تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اليورانيوم.. الموقع الاستراتيجي.. وتتعدد أسباب التدخل!!

قاعدة الحدث
الخميس 15-11-2012
 إعداد: سليمان قبلان

تصدرت مالي, أخبار معظم الصحف العالمية مؤخراً, وبات التدخل العسكري في هذه الدولة العنوان الأبرز, كما وأن الأهداف من التدخل تعددت وتنوعت, ولكن لابد من التعريف

بموقع دولة مالي الاستراتيجي واقتصادها ونسيج مجتمعها, فالتدخل العسكري فيها سيضرب أهمية الموقع والاقتصاد وسيعرض المجتمع المالي لمزيد من المآسي والانقسام, فهو المتضرر الأكبر من التدخل العسكري.‏

تعتبر مالي قطراً كبيراً شمالي غرب أفريقيا. وتغطي الصحراء الكبرى النصف الشمالي منها في حين تمتد المساحات الخضراء في بقية القطر. وتبلغ مساحتها 1,240,192كم². يحدها من الشمال الشرقي للجزائر ومن الشرق النيجر ومن الجنوب بوركينا فاسو وساحل العاج وغينيا أما الغرب السنغال وموريتانيا وليس لها أي منافذ بحرية, حيث تحيط بها اليابسة من كل الاتجاهات. ويبلغ عدد سكانها 14,5 مليون نسمة. وعاصمتها باماكو. وعملتها الفرنك الإفريقي. ويوجد في مالي بعض الموارد الطبيعية مثل الذهب واليورانيوم والملح. ولابد من الاشارة إلى أن خبراء لاحظوا توزع معدن اليورانيوم في مالي, وخاصة بالقرب من حدودها مع النيجر, يمكن أن يكون سبباً رئيسيا في التدخل العسكري , وآخرون رأوا أن موقعها الاستراتيجي يمكّن المتدخلين عسكرياً من التحكم بشؤون دول أخرى على الحدود معها. وشكك بعضهم بأهمية اقتصادها, حيث انه يعاني من مشاكل عدة.‏

يتمثل اقتصاد مالي في المحاصيل الزراعية, أهمها, الدخن، والسرجوم والأرز، والذرة، والفول السوداني والقطن وقصب السكر. كما وتحتل مالي المركز الثاني في إفريقيا من حيث إنتاج القطن. وتربية الماشية لتلبية احتياجات الأسواق الداخلية والتصدير. اما صيد الأسماك في أنهار النيجر فيعتبر من الأنشطة الاقتصادية المهمة، ومعظم الإنتاج يكون من أسماك الشبّوط والسلور والأسماك النهرية. وتأتي غالبية الثروة السمكية من نهر باني والنيجر وبحيرة دبو. ومن أهم الصناعات البناء , الفوسفات , الذهب.‏

ويعمل البدو الرحل على رعي قطعان كبيرة من الأبقار والأغنام والماعز. ويستوعب قطاع الخدمات، كالعمل في المرافق الحكومية والسياحة والأعمال التجارية 15% من القوى العاملة، ويعمل معظم هؤلاء في باماكو والمدن الأخرى. وتعتبر صناعة النسيج والمواد الغذائية والمنتجات الجلدية من أهم النشاطات الصناعية بالبلاد. ويوجد في مالي رسوبات معدن البوكسيت والنحاس والذهب وخام الحديد والمنغنيز والفوسفات والملح واليورانيوم!!.‏

ويُعدُّ استخراج الملح أكبر إنتاج معدني في البلاد بجانب استخراج قليل من الذهب. أما القطن فيشكل المحصول الرئيسي للتصدير، ويُقَدَّر بحوالي نصف الصادرات. وتعمل مالي أيضًا على تصدير الأسماك والجلود والماشية واللحوم والفول السوداني. وتتمثل أهم الواردات في المواد الكيميائية والمواد الغذائية والآلات والنفط والمنسوجات. ويتم التبادل التجاري أساسًا مع دول غرب إفريقيا وفرنسا وبعض دول غرب أوروبا.‏

وتواجه مالي العديد من المشكلات الاقتصادية، حيث يَعتمد على الزراعة في حين أن خُمس أراضيه فقط تعتبر أرضًا خصبة وصالحة للإنتاج الزراعي. ولا بد من ذكر ان الحياة النباتية في إقليم السهل تعرضت لسنوات جفاف أدت إلى تدمير مساحات واسعة من الغطاء النباتي وإلى موت ملايين الأبقار والأغنام والماعز.‏

كما أدى تدني أسعار القطن وزيادة أسعار البترول في السوق العالمية إلى شدة تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.‏

وبالنسبة للسكان, هم من الأفارقة الأصليين ويكوّن الفولاني وأقاربهم التكرور أكبر مجموعة سكانية فيها. وينحدر أصل الفولاني من الأفارقة والبيض. أما المجموعة الثانية من حيث الحجم فهم الماندينجو. وينقسمون إلى ثلاث مجموعات ثانوية هي: البمبارا والمالنكيون والسوننكي. كذلك تضم المجموعات السكانية الكبرى الدوجُن والصنغي والفلتايك. وتشكل العناصر البيضاء 5% من مجموع السكان وهم من العرب والأوروبيين والفرنسيين، وخاصة المغاربة، الطوارق.‏

ويتحدث الفولاني والتكرور اللغة الفولانية بينما يتحدث بقية معظم السكان لغة البمبارا، بجانب لغات محلية أخرى. ويتحدث العرب اللغة العربية، ولكن الطوارق يتحدثون لغة بربرية قديمة. أما اللغة الفرنسية فهي لغة التخاطب عند الأوروبيين وفي دواوين الدولة وفي المدارس.‏

و يعيش 73% من سكان مالي في مناطق ريفية، في حين يسكن المدن 27% من السكان فقط. وبما أن الصحارى تغطي معظم الجزء الشمالي من القطر, نجد معظم السكان الأصليين يقطنون في قرى صغيرة في الجزء الجنوبي من البلاد، ويعتمدون في معاشهم على الزراعة كما يعملون في المزارع الريفية بالأجر. ويكفي الفرد منهم زراعة ما يحتاجه لغذاء أسرته. ولكن معظم المزارعين لا يستطيعون شراء الآلات الزراعية الحديثة، لذلك يعتمدون في زراعتهم على الأدوات والأساليب اليدوية. حيث يسكنون في منازل صغيرة تُبنى من الطين وأغصان الأشجار. ويعمل معظم الفولانيين بالزراعة ايضا ويعيشون في أكواخ كالقباب سقوفها من القش والحصير. ولكن هناك مجموعات منهم يعملون بالرعي في مناطق السهول شبه الصحراوية وفي أقاليم الحشائش الجنوبية. ويسكن الرعاة في خيام تصنع من وبر الإبل. ويتكوّن غذاؤهم الرئيسي من البلح والدخن. وهم يرحلون في مجموعات يتقدمهم المرابطون. وهؤلاء الرعاة يعشقون الحرية ويدينون بولائهم للمرابطين أكثر من الدولة.‏

أما الأوروبيون فمعظمهم فرنسيون من سلالة المستعمرين الأوائل. ويتركز وجودهم في باماكو والمدن، وهم يسكنون في منازل من الطراز الحديث. وتعد باماكو أكبر مدن مالي إذ يبلغ عدد سكانها حوالي 658,275 نسمة. ويزاول كثير من الفرنسيين الأعمال التجارية كما يعمل بعضهم في دواوين الحكومة وفي البنوك والمحال التجارية والمكاتب.‏

كما وتواجه مالي، العديد من المشكلات الاجتماعية، فمعظم سكانها أميّون، حيث إن 69% من الراشدين لايعرفون القراءة والكتابة، في حين أن 27% فقط من الأطفال يلتحقون بالمدارس. ولا توجد هناك مؤسسة تربوية تمنح درجة البكالوريوس, حيث إن أعلى درجة يمكن أن تمنحها مالي الدبلوم والشهادة الثانوية إلا أن هناك بعثات إلى فرنسا والولايات المتحدة الأميركية. كما وتعاني مالي من تَدنّي المستوى الصحي, حيث يقل متوسط العمر المتوقع فيها عن 50 سنة. ويموت فيها نحو نصف الأطفال حديثي الولادة، كما تنتشر فيها الملاريا التي تتسبب في أكبر نسبة للوفيات بين الأطفال. ويوجد بضع مئات من الأطباء لخدمة السكان في مالي.‏

وتستمر في وسط الأحداث المتسارعة، وقرع طبول حرب وشيكة، وتحالف قوات عديدة، معاناة الشعوب المحلية، الضحايا الحقيقيون لأي مأساة وقعت أو ستقع.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية