|
قاعدة الحدث ، ومن هذا المنطلق كانت افريقيا ومالي على وجه الخصوص احد اهم المناطق التي انصبت كل خططهم للسيطرة عليها وبسط نفوذهم هناك، مستخدمين حقوق الانسان ومكافحة الارهاب ونشر الديمقراطية ذريعة للوصول الى هدفهم. مكنوز دول منطقة الساحل الافريقي بشكل عام،
ومالي بشكل خاص من ثروات طبيعية اسال لعاب الولايات المتحدة الاميركية ودول اوروبا، بل ان القضايا الاقتصادية الحقيقية التي تمثلها المنطقة، كانت احد العوامل الرئيسة التي تم على اساسها رسم السياسات الاستراتيجية للقوى الخارجية وخاصة ان منطقة “كيدال» في مالي تحتوي على أكبر منجم للذهب بمخزون يقارب 160 طنا، كما تحتوي منطقة “تمبوكتو” على مخزون كبير للنفط والغاز -يمتد إلى الجزائر وموريتانيا- في حوض “تاوديني”، الذي يراهن المستثمرون والشركات متعددة الجنسية على استغلال ثرواته، وتسويق الغاز عبر الجزائر، اضافة الى تميز المنطقة بمخزونها الغني من الطاقة والمعادن، والبترول والغاز واليورانيوم والفوسفات، اضافة الى ذلك فان مالي هي ثالث منتج إفريقي للذهب، كل ذلك جعل منها ساحة للأطماع الغربية تثير شهية كبرى المجموعات الدولية، وحولها الى ساحة صراع مصالح، وبسط نفوذ بين عدة دول وجهات وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة الاميركية، اضافة الى الكيان الصهيوني الذي انقض في السابق على يورانيوم النيجر، ويسعى حاليا الى دخول الصحراء الكبرى من بوابة الادعاء بالدفاع عن حق الطوارق في تقرير المصير. فرنسا الدولة الاستعمارية التي احتلت عددا كبيرا من الدول الافريقية تعتبر القارة مجالا حيويا لها « مواد أولية، معادن، نفط، اتصالات، طاقة، استغلال موانئ وبنية تحتية»، كما تتخذ من المنطقة المحيطة بالصحراء الكبرى والتي تشكل مالي جزءا منها، مجالا لهيمنتها التقليدية، وساحة واسعة لبسط نفوذها والسيطرة على حكوماتها، ومن هذا المنطلق تنظم الشركات والمخابرات الفرنسية الانقلابات ضد الحكومات التي لا تستجيب لرغباتها، وترسل فرقا من المرتزقة للتخريب وإذكاء الفتن، وتمويل عمليات التمرد كما حصل في «جزر القمر، البنين، تشاد، ساحل العاج، الكونغو، الغابون»، الامر الذي تعمل عليه حاليا في مالي، مستغلة اختطاف عددا من موظفيها العاملين في شركاتها هناك، اضافة الى التذرع بمكافحة « الارهاب» للسيطرة على مقدراتها، وخاصة ان دولة مالي تعتبر المستعمرة السابقة الأكثر استقلالية عن التبعية لفرنسا. الهيمنة الفرنسية باتت مهددة من قبل أميركا التي تعاظم اهتمامها بإفريقيا وبثرواتها المعدنية منذ عام 1989، وخاصة في ضوء الدراسات التي تؤكد ان استيراد الولايات المتحدة للنفط من القارة السمراء سوف يشكل عام 2015 25 بالمئة مما تستورده اميركا من الخارج، الاهتمام تعزز مع دخول مشروعها العسكري القيادة العسكرية الأميركية الموحدة في افريقيا « أفريكوم» حيز التنفيذ، وذلك بعد ان كان الاهتمام الاميركي بالمنطقة قد بدأ عام 1961، حيث أبرمت الولايات المتحدة الاميركية أول اتفاق عسكري مع مالي بعد سنة واحدة من الاخيرة. الاصرار الاميركي على تقاسم خيرات القارة السمراء بدا واضحا في آذار عام 2003 حين صرح قائد قوات الحلف الأطلسي في أوروبا الجنرال الأميركي جيمس جونز قائلا: لم يعد بمقدور أميركا أن تبقى بعيدة عما يحدث في افريقيا، وليس بوسع القوات الأميركية أن تظل تراقب الوضع، انطلاقا من البحر، لقد آن لها أن تحط في اليابسة، في تلك المناطق الشاسعة من الصحراء، التي أصبحت مرتعا للجريمة والإتجار بالمخدرات والأسلحة، ولم يعد بمقدور دولها أن تفرض سيطرتها ومراقبتها. التوجه الاميركي في دخول الصراع مع الغرب بشكل عام ومع فرنسا بشكل خاص في الساحة الافريقة لعبته القاعدة العسكرية الأميركية في «طانطان» المغربية وذلك من خلال إدارة عمليات التجسس بمنطقة “الساحل” والصحراء، كما ركزت التقارير الأميركية على ضرورة التعاون الدولي لمكافحة «الإرهاب»، لتبرير مشاريعها مثل «أفريكوم». المنافسة الأمريكية الفرنسية تتصاعد حول المنطقة الملتهبة، التي تمر بأزمة لها مظاهر متعددة من تهريب المخدرات والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية والإرهاب، وهي أزمة تتخذ ذريعة لتنفيذ الاستراتيجيات الغربية التي تبحث عن طريقة تؤمن بها حصة من الثروات البترولية والمعدنية. وحسب ما يرى الخبير في شؤون الساحل مهدي تاجه فإن الحقائق الجغرافية تتيح لبعض الدول إن هي تواجدت فيها اقتصاديا وعسكريا أن تسيطر على ثروات القارة الافريقية، وهكذا فإن الهدف هو التواجد في هذا الممر الاستراتيجي من أجل ضمان تموينها من المواد الحساسة البترولية والمعدنية». |
|