تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القاعدة.. السباق نحو «الإمارة الإسلامية»

قاعدة الحدث
الخميس 15-11-2012
 إعداد: وضاح عيسى

التحولات الدراماتيكية التي تشهدها القارة الإفريقية سيكون لها تأثير على مجريات الأوضاع فيها مستقبلا، الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة وسط تحذيرات من تفاقم الأوضاع وامتداده إقليميا،

وانعكاس ذلك سلبا على منطقة الساحل وجنوب الصحراء الكبرى التي يتهددها التحول الحاصل هناك، ما يثير حالة من التخوف الحذر من مجريات الأحداث وتداعياتها المستقبلية،‏

ففي وقت تتعرض فيه بلدان الساحل لموجة صدمة ما سمي بالثورات العربية، تنشط في القارة السمراء ثلاث مجموعات مسلحة على صلة بتنظيم القاعدة، هي «بوكو حرام» النيجيرية، وحركة «الشباب المجاهدين» الصومالية و«القاعدة في المغرب الإسلامي» الموجود شمال الصحراء الكبرى، والتي تدعم جماعات مسلحة في شمال مالي.‏‏

إن سيطرة هذه الجماعات على شمال مالي التي لا يزال الارتباك سائداً فيها بشأن مدى تقارب أو تداخل الجماعات المسلحة المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية التي تعد أطرافاً مسيطرة في الصراع في مالي، عطلت تصرفاتها الوضع الراهن وخلقت مصالح خاصة جديدة تدعمها الجماعات الإجرامية والتحالفات التكتيكية، ما أسهم في اندلاع الصراع في المقام الأول الذي أدت تطوراته إلى تعقيد البحث عن حل سلمي للأزمة، لأن مجموعات مختلفة ومتنافسة تتزاحم، كي تؤمن لنفسها دوراً بارزاً في أي اتفاق لتقاسم السلطة مع باماكو، كما أن الهجوم المسلح الذي شنه المتمردون الطوارق ضد القوات المسلحة المالية في منطقة كيدال وميناكا، في كانون الثاني 2012 للمطالبة بحق تقرير مصير المنطقة الشمالية من مالي، كان نقطة بداية الأزمة التي لم تستطع الجمهورية المالية أن تصمد كثيراً، أمام المعطيات الجيوبوليتيكية الجديدة.‏‏

هذه الديناميات الداخلية تجعل التدخل الخارجي أمراً بالغ الخطورة، فمثل هذا الإجراء يمكن أن يؤجج التوترات المحلية، ويطلق شرارة تحالفات جديدة أكثر خطورة، نظراً لارتباطات هذه الجماعات بالبلدان الأخرى، الأمر الذي سيؤدي لمضاعفات غير مباشرة على المنطقة ككل، وما يزيد في تعقيد الوضع إمكانية أن يؤدي ذلك إلى تدخل عسكري خارجي له تبعات على القارة الأفريقية برمتها، وخاصة أن الإدارة الأميركية تفكر في توجيه ضربات جوية لوقف تمدد التنظيم كما أن الانقلاب العسكري الذي قام به عسكريون متمردون في 22 آذار 2012 والذي أدى إلى إسقاط نظام الحكم في مالي وحل جميع المؤسسات، وتعليق الدستور، بزعم عجز النظام السابق عن إدارة مكافحة الإرهاب في شمال مالي، و«عدم توفر المعدات اللازمة للدفاع عن أرض الوطن» بأيدي الجيش لمحاربة التمرد والمجموعات المسلحة في شمال مالي، جاء في ظروف أزمة إقليمية كبيرة تعيشها منطقة الصحراء الكبرى، شكلت سيطرة جماعة «أنصار الدين» المتشددة والمرتبطة بتنظيم «القاعدة»على شمال مالي، صدمة عنيفة لدى بلدان الساحل الإفريقي المجاورة لمالي، وتخوفا لدى القادة الأفارقة من تشكل «طريق سلفي طويل» يمتد من نيجيريا وحتى مالي، مروراً بالنيجر.‏‏

لذلك تعمل منظمة دول مجموعة غرب إفريقيا جاهدة من أجل قطع هذا الطريق، من خلال طرحها موضوع التدخل العسكري في شمال مالي لإنهاء تمرد الطوارق، وإعادة سيطرة الدولة المالية على كامل ترابها الوطني، حتى لا تتشكل ما سمي إمارة إسلامية تكون منطلقاً لتشكل نظيرات لها تابعة لتنظيم «القاعدة في المغرب « في بلدان الساحل الإفريقي، الأمر الذي سيؤدي في زيادة نفوذه في المغرب، ويزيد من زعزعة الاستقرار في هذه المنطقة المضطربة.‏‏

وقد اغتنمت حركة انصار الدين الاسلامية وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا، الانقلاب العسكري الذي اطاح في 22 آذار بنظام باماكو وسرعت في زحفها على شمال مالي حتى باتت تسيطر عليه بعدما هزمت «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» التي تمثل الطوارق وقامت بانتهاكات خطيرة لحقوق الانسان، وبدأت حملة لتخريب الارث الثقافي لتمبكتو ما اثار استياء عالميا، حيث قامت بتدمير نصب الاستقلال وأضرحة اولياء تعتبر جزءا من التراث العالمي, وذلك ردا على اعتبار منظمة اليونسكو ان هذه المدينة المدرجة على لائحة التراث العالمي باتت معرضة للخطر، كما نقلت المنظمة نحو ثلاثين ألفا من الوثائق التي تملكها المؤسسة الحكومية «لايداعها في مكان‏‏

آمن» بعد عمليات إتلاف قام بها متشددون في نيسان الماضي.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية