تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سورية تنتصر في معركة الإصلاح الجديدة

شؤون سياسية
الخميس 15-11-2012
 محمد عبد الكريم مصطفى

لقد أكدت الأحداث والوقائع على مدى أكثر من أربعة عقود ماضية أن تاريخ السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970 كان نقطة تحول تاريخية ليس في الحياة العامة لسورية دولةً وشعباً فحسب ،

بل شكلت كذلك منعكساً إيجابياً حقيقياً في العلاقات العربية – العربية على ساحة الوطن العربي ، لِما بنت عليه الحركة التصحيحية من أفكار خلاقة ورؤى استشرافية لمستقبل الأمة في معركة البناء والتحرير ، وقد استطاع القائد الخالد حافظ الأسد من خلال حنكته السياسية ورؤيته الثاقبة حشد الطاقات العربية مجتمعةً في خدمة المعركة الأساسية مع الكيان الصهيوني العدو التاريخي للعرب ، ونحن نستذكر مواقف الحركة التصحيحية وانجازاتها الكبيرة لا بدَّ من عملية ربط بين التصحيح ونتائجه وبين ما يجري الآن في سورية كردة فعل مبيتة من قبل الأعداء ضد سورية لمواقفها القومية ودورها الداعم لكل أشكال المقاومة في وجه هذا العدو الغاصب .‏

جاءت الحركة التصحيحية المباركة في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970 كرد فعل موضوعي لما وصل إليه حال حزب البعث العربي الاشتراكي في المجال التنظيمي وما رافق ذلك من صراعات داخلية حول آلية قيادة الدولة ، مما هدد مستقبل الحزب بالخطر ، وكاد هذا الواقع المتناقض أن يُنتج فُرقةٌ دائمة بين قيادة الحزب من جهة وبين جماهيره التي أخذ التذمر والقنوط يتسلل إلى ثقتها بصوابية مشروعها في قيادة المرحلة من جهة أخرى ، حتى أعلن القائد الخالد حافظ الأسد ولادة الحركة التصحيحية التي التزمت منذ انطلاقتها الأولى بالدفاع عن مبادئ الحزب ومنجزاته وتعهدت بالعمل على تحقيق أهدافه الإستراتيجية انطلاقاً من الثوابت التي حددتها أدبياته وأهدافه .‏

عملت الحركة التصحيحية وقيادتها على تحليل الواقع العربي بدقة وأكدت على ضرورة توحيد كل الإمكانيات العربية المشتتة وتوجيهها في سبيل تحرير الأرض المغتصبة وفي مقدمتها فلسطين المحتلة وإعادة هيبة وكرامة الأمة التي أنهكتها ذكريات الهزائم المتلاحقة ، وكان طرح شعار التضامن العربي كحل مرحلي بديل عن هدف الوحدة الذي يواجه مصاعب داخلية وخارجية لا يُمكن تجاهلها ، وقد لاقى الطرح قبولا عربيا واسعا ، وتحققت بنتيجته منجزات قومية هامة في مقدمتها الدعم العربي الكامل للمعركة الكبرى ضد العدو الصهيوني وتحقيق الانتصار العربي الأول في حرب تشرين التحريرية بعد أقل من ثلاث سنوات من عمر التصحيح .‏

لا يسعنا إلا أن نتناول منجزات الحركة التصحيحية المباركة بهذه المساحة الضيقة ، كونها تحتاج إلى مجلدات ، لكن لا بد من الوقوف أمام أهمها والتي كانت نتيجة طبيعية لتلازم الأقوال بالأفعال ، فقد أكد بيان القيادة القطرية المؤقتة الذي وجهته قيادة الحركة لجماهير الأمة على تنفيذ برنامج عمل شامل على الساحة الوطنية والقومية والعالمية بما يُلبي مطالب الشعب ويُحقق أهداف الأمة.‏

ففي المجال الداخلي أكد البرنامج على حشد كافة الطاقات التقدمية والشعبية على ساحة الوطن في معركة التحرير وذلك من خلال جبهة وطنية تقدمية تضم الأحزاب الرئيسية بقيادة حزب البعث ، وتشكيل مجلس الشعب ليقوم بدوره الوطني في التشريع ووضع دستور للبلاد ، وإصدار قانون للإدارة المحلية ، وانتخاب القائد حافظ الأسد رئيساً للجمهورية باستفتاء شعبي حر وديمقراطي ، ثم تلا ذلك إنشاء التنظيمات الشعبية والنقابات المهنية التي أعطت مجالاً واسعاً للجماهير في ممارسة الديمقراطية الشعبية المنظمة ، وكان الاهتمام بتطوير المجتمع من خلال مجانية التعليم في كافة مراحله ، و التأكيد على دعم التعليم العالي حيث صدر قانون الاستيعاب الجامعي الذي تلاه قرارات عديدة للتأهيل العلمي العالي وقد نجحت الحركة التصحيحية في رفع مستوى التطوير في مجال البحث العلمي بأياد وطنية .‏

لهذا كله حمل أعداء سورية على حزب البعث وعلى قيادته ، مع تعاظم دور سورية الذي أصبح يُشكل خطراً حقيقياً على المشروع الاستعماري الجديد للمنطقة ولذلك عمدت الولايات المتحدة وشركاؤها في المعسكر الغربي على صناعة ربيع عربي وهمي ليكون حاملا لمشروعهم التخريبي الجديد المُعد للسيطرة على أهم منطقة في العالم من خلال تفعيل دور عملائهم خارج سورية وداخلها وحثهم على تهديم القلعة السورية من داخلها في معركة قذرة تم استخدام كافة الوسائل والطرق اللاأخلاقية للنيل من أهم انجازات التصحيح المجيد المتمثل بحالة الوحدة الوطنية التي تُشكل الرافعة الأساسية لنهضة الأمة وانبعاث قوتها الكامنة ومصدر عزتها ، لكنهم خسئوا في هذه المرة كما في كل مرة ، واختاروا المكان الخطأ ، لأن سورية عصية على الأعداء مهما كانت قوتهم ، وبفضل صمود شعبها الصابر واحتضانه لجيشها الباسل سيكون الانتصار في هذه المعركة انتصارين ، انتصارا على الأعداء الذين يُحاربون شعبنا وجيشنا على الأرض السورية وتلقينهم درساً لن ينسوه هم وأسيادهم عبر التاريخ وسيكون للعالم مدرسة في المقاومة والنضال يُدرسونها في مراكز أبحاثهم الفاشلة ، كما سيكون انتصارا لمعركة التصحيح الداخلي للتغلب على الترهل والضعف الذي رافق العمل والبناء في مرحلة صعبة من تاريخ سورية ، لتُشكل قفزة من جديد نحو غدٍ أفضل ، وتُعيد ترميم قوة سورية مرةً أخرى لتكون قوةً مُضافة في بناء سورية الحديثة بقيادة الرئيس بشار الأسد وستستعيد سورية الحديثة دورها الريادي والقيادي رغم أنف كل من ناصبها العداء من الأعراب وغيرهم ، وإن صمود سورية شعباً وجيشاً وقيادة سيؤدي إلى رفع مستوى صمود الأمة وإعادة كرامتها المُهانة في زمن الانبطاح العربي المُذل .‏

Email:m.a.mustafa@mail.sy

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية