|
الثورة التي راحت في الآونة الأخيرة تتعمّق أكثر بالتزامن مع غياب لقرارات كانت منتظرة منه أو من مجلس النقد والتسليف أو حتى من مجلس الوزراء الذي ما يزال مهيمناً على السلطة النقدية، وذلك لمجابهة التطورات ذات الإيقاع المتسارع في أسعار الصرف الماضية بالاضطراب السلبي في هذه الأيام، حيث تشهد الليرة السورية انخفاضاً مدهشاً أمام الدولار الذي دخل اليوم في حيز الثمانين ليرة، وذلك بالتوازي مع ارتفاعات جديدة في الأسعار تشير إلى ارتفاع مستوى التضخم أيضاً.
التغريد خارج السرب هذا كله وتقرير المركزي ما يزال يقول: (وكان مصرف سورية المركزي قد عمد منذ بداية شهر أيلول الماضي، وهنا يقصد المركزي في تقريره المنشور حالياً بداية شهر أيلول عام 2011) إلى تحريك سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية بما يتناسب مع تحركات أسعار صرف العملات العالمية المكونة لوحدة حقوق السحب الخاصة، والتي تم ربط الليرة السورية بها منذ مطلع 2007، وبشكل يعكس حركة العرض والطلب المحلي على العملات الأجنبية، ويأتي قرار المصرف المركزي عقب العقوبات الأمريكية الأخيرة التي أدت إلى شل حركة التحويلات بالدولار الأمريكي ولجوء سورية إلى الاستعاضة عن الدولار الأمريكي بالعملات الأخرى، وذلك بعد أن عمد المصرف المركزي إلى تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار منذ بداية الأزمة وحتى بداية شهر أيلول الماضي (2011 أيضاً) بهدف تأمين استقرار سعر الصرف وكفاية الاحتياطيات الأجنبية حيث يضمن قرار المصرف المركزي بتحريك سعر صرف الليرة مقابل الدولار استقراراً أكبر في سعر صرف الليرة مقابل العملات الأخرى، وعكس الجزء الأكبر من التحركات العالمية على سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأمريكي). هذا الكلام الذي مضى على تكرار أغلبه بالتقرير الأسبوعي أكثر من سنة لم يعد مفيداً، وبات يُغرّدُ في مكان والواقع في مكان آخر..! التقرير يفقد طعمه..! من جانب آخر ففي ظهيرة يوم الأربعاء 14/11/ 2012 لا يُتاح على موقع مصرف سورية المركزي سوى التقرير الأسبوعي الذي يمتد من 27/10/2012 وحتى 2/11 /2012 وبين 2 و14/11 فترة طويلة تصل إلى نحو أسبوعين، ونحن في هذه الظروف ذات الإيقاع المتسارع لا تفيد هكذا تقارير ولا طعم لها ولا لون، كما لا يضر المركزي أن يصدر تقريره بشكل أسبوعي فعلاً، أي في مثل هذا اليوم 15/11 يكون من المفيد جداً أن يكون بين يدينا التقرير الذي يمتد إلى 12 أو 13/11 على الأقل بمعطياته الجديدة وصياغاته غير المكررة بما يشير إلى متابعة حقيقية لفريق المركزي المختص في هذه المسألة، فمن غير المفهوم معنى أن يُعلن المصرف المركزي اليوم أنَّ الدولار الأمريكي قد افتتح تداولاته الأسبوعية تجاه الليرة السورية عند مستوى 69.38 ليرة وأنهاها عند مستوى 69.64 مسجلاً ارتفاعاً قدره 26 قرشاً (بمعدل 0.37 %) كما افتتح اليورو تداولاته الأسبوعية تجاه الليرة السورية عند مستوى 90.23 ليرة وأنهاها عند مستوى 90.25 ليرة مسجلاً ارتفاعاًً قدره 2 قرش (بمعدل 0.02 %) طبعاً هذه الأرقام والنسب والتقديرات كلها صارت اليوم من الماضي البعيد فالدولار كما أشرنا دخل حيّز الثمانين ليرة، واليورو تجاوز المئة ليرة. لا استقرار واضح بسعر الصرف ويصل المركزي في تقريره هنا إلى القول بأنه كان قد عمد منذ بداية شهر أيلول الماضي إلى تحريك سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية بما يتناسب مع تحركات أسعار صرف العملات العالمية المكونة لوحدة حقوق السحب الخاصة، والتي تم ربط الليرة السورية بها منذ مطلع 2007، إلى آخر الفقرة التي ذكرناها سابقاً والمتضمنة إشارة المركزي إلى تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار منذ بداية الأزمة وحتى بداية شهر أيلول الماضي بهدف تأمين استقرار سعر الصرف، إلى أن يشير في تقريره إلى ضمانته لاستقرار أكبر في سعر صرف الليرة مقابل العملات الأخرى، وهذا صار من الماضي أيضاً في هذه الأوقات على الأقل. معلومات قديمة غير واقعية المركزي يشير في تقريره أيضاً إلى أنه كان قد قام أيضاً بإدراج عملة اليوان بنشرة أسعار العملات اليومية الصادرة عن المصرف منتصف أيلول الماضي ( أي 2011)!! لتسهيل التعاملات التجارية نظراً للتوجه نحو دول الشرق وفي مقدمتها الصين، واستمر المصرف باتخاذ خطوات جديدة تتماشى مع احتياجات السوق المحلية، حيث سمح للمصارف وشركات الصرافة بإصدار نشرات خاصة بهم ضمن هامش 1% بين سعري الشراء والبيع مع استمرار رقابته على هذه النشرات بناء على قرار رئاسة مجلس بهذا الشأن حتى تتمكّن السوق المحلية من استعادة عافيتها حسب قوانين قوى العرض والطلب. (هذا الكلام مضى على تكراره في التقرير أكثر من سنة) ويعيد التقرير معلومة قديمة وصارت ممجوجة بمواجهة الظروف الحالية يثبت فيها أنه قد عمد إلى التدخل المباشر بائعاً وشارياً للقطع الأجنبي مع المصارف ومؤسسات الصرافة وفق سعر التدخل الذي يتم تحديده بعد الاطلاع على السعر الرائج في السوق وحركة العرض والطلب في اليوم السابق وبحيث يشكل السعر سعراً مرجعياً للمصارف ومؤسسات الصرافة لوضع نشرات سعر الصرف الخاصة بها، ما أسهم بصورة فعالة في استقرار السوق المحلية وعودة سعر الصرف إلى الانخفاض بشكل تدريجي ومدروس، ومن الجدير ذكره أن تدخل مصرف سورية المركزي في السوق – حسب التقرير – مستمر لإبقاء سعر الصرف عند مستويات توازنية عادلة. (من الواضح أن معدّ التقرير ينام في العسل اليوم تماماً في حين أن الوقائع تؤكد بأن التدخل ليس مستمراً كما هو واضح، كما أن سعر الصرف لم يعد لا عند مستويات توازنية .. ولا عادلة ولا من يحزنون) تحليل مراكز القطع هذا ويظهر تحليل مراكز القطع الأجنبي للمصارف المرخصة – حسب هذا آخر تقرير – ارتفاعاً في نسبة المراكز المدينة بالدولار الأمريكي إلى إجمالي المراكز المدينة بالعملات الأجنبية إلى مستوى 88.47 % مقارنة بـ 85.5 % للأسبوع السابق (أي الذي قبل 27/10) في حين سجلت نسبة المراكز الدائنة بالدولار الأمريكي إلى إجمالي المراكز الدائنة من جميع العملات الأجنبية انخفاضاً إلى 17.46 % مقارنة بـ 20.57 % في الأسبوع الأسبق، وتجدر الإشارة هنا إلى تركز بقية مراكز القطع الأجنبي الدائنة لدى المصارف المحلية المرخصة بشكل رئيسي في العملات العربية. هذا وتشهد السوق المحلية ( تبعاً للتقرير أيضاً ) تحسناً ملحوظاً في تعاملات اليورو بالعمليات التجارية، حيث لوحظ ذلك من ارتفاع المراكز الدائنة باليورو لدى المصارف العاملة في السوق السورية بعد إعلان مصرف سورية المركزي وقف تعاملاته بالدولار الأمريكي والتحول نحو العملات الأخرى، حيث سجلت نسبة المراكز المدينة باليورو إلى إجمالي المراكز المدينة بالعملات الأجنبية انخفاضاً إلى مستوى 1.56 % مقارنةً بـ 3.14 %، كما سجلت نسبة المراكز الدائنة باليورو إلى إجمالي المراكز الدائنة من جميع العملات الأجنبية انخفاضاً إلى مستوى 3.21 % مقارنةً بـ . 5.105٪. التعديل .. أو القرار من الواضح جداً أن مجمل التعابير الواردة في هذا التقرير باتت بحاجة إلى إعادة نظر وتحديث في صياغتها كي تنسجم مع الوقائع الجديدة بغض النظر عن الدلالات التي – من المحتمل – أن يكون مصرف سورية المركزي يترصدها من أجل التدخل في الوقت المناسب، ولكن إلى أن يتّخذ القرار في هذا التدخل ، وإلى أن يتخذ القرارات الأخرى التي من شأنها مجابهة هذه المستجدات لابد من تغيير صياغة التقرير التي من الواضح أنها في أغلبها منسوخة وملصوقة ونحن في وقت يحتاج إلى مزيد من التفاعل والحركة النابضة بمواكبة ما يحصل، لا إلى سياسة النسخ واللصق وكأنَّ شيئاً لم يكن . أما إن كان المركزي يصرّ على مثل هذه الصياغات إنذاراً بقرارات فعّالة، فلا بأس في ذلك ، المهم أن يتدخّل ويتصدّى لما يحصل ولتكن الصياغات بعدها ما تكون . |
|