تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«الإنسان يستنفد.. والسماء تنقذ»

معاً على الطريق
الخميس 15-11-2012
لينا كيلاني

تعود الإنسان أن يطمع بخيرات هذه الأرض المعطاء.. وكلما جادت الأرض بما تذخر به ازداد الإنسان جحوداً وتجريحاً بها.. وهو في اجترائه عليها لم يوفر التربة، ولا الهواء، ولا الماء، ولا حتى السماء.. وها هو ثقب الأوزون يغزو مساحات من سماواتنا ليكون دليلاً ساطعاً على ما اجترحه الإنسان والمعاصر تحديداً بحق الطبيعة.

الى هنا والكل يعرف كل هذا وما من جديد قد أضيف.. إلا أن الجديد هو أن يفكر الإنسان خارج حدود كوكبه ليستجلب اليه الخير بدل الذي أفسده.. أما كان حرياً به أن يحافظ على ما بين يديه وما هو متاح له حتى لا يقع المحظور؟‏

علماء صينيون، وآخرون أوروبيون، وغيرهم من علماء العالم كافة قد كثفوا جهودهم، وأعملوا عقولهم في البحث عن موارد تكفي سكان الأرض ولو كانت في غير هذه الأرض. واسترسل العلماء في أحلامهم.. فمنهم من يريد أن يزرع القمر، ومنهم من يريد أن يستثمر المريخ أو يستجلب منه المياه، وكأن أفكارهم لا تتعدى الخيال العلمي الذي هو شطحات من الخيال تقفز الى مستقبل قد يكون قابلاً للتحقيق. إلا أن كل هذا لم يكن كافياً حتى فكر العلماء بتجارب غريبة ولكنها قد تكون قريبة.. إنهم يقولون إن تعريض بذور النبات أي نبات بواسطة السفن الفضائية الى أشعة من الكون البعيد يجعله ينمو بشكل كبير، وبما هو ليس مألوفاً لدينا. فماذا لو أرسلنا الى الفضاء بذار الطماطم مثلاً، والخيار، واليقطين، بل الذرة، والقمح، وغيرها لتمتص أنواعاً معينة من الأشعة ثم نعود بها لنغرسها في الأرض وإذا بها تفاجئنا بمحصولها الغزير، والكبير، والوفير.. ألن نستطيع في هذه الحال أن نطعم جياع العالم جميعاً فلا يعود لدينا نقص في الغذاء، ولا نعود نهتم بمشاريع الأمن الغذائي لنرصد لها الأموال ونكثف من أجلها الجهود، ولا تعود هناك صراعات أو حروب من أجل المياه والطاقة وهما أسباب الغذاء؟‏

إنها محاصيل الخير التي ستنقذنا بها السماء.. والسماء عند ذاك لن تعود بوابة الدعاء فقط بل هي باب للنماء والوفرة في العطاء.. تضيف الى ابتهالاتنا وصلوات استسقائنا، ودعواتنا استجابة ربانية عن طريق العلم والأشعة الكونية.‏

إنه العون الإلهي الذي يضيء العقول والأفهام ويمكن أن ينشر المحبة والسلام ويقدم للإنسان الوفرة من الطعام.‏

هذا جانب من الخير ينشده الإنسان قد يصل اليه أو لا يصل.. لكن جانباً آخر تبدى وظهر في تحويل مزارع الذرة، وحقول قصب السكر، وربما القمح والشعير أيضاً لتصبح وقوداً حيوياً للطائرات، والمركبات التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من أم الحضارات بل الحريات في أن يزرع الإنسان أرضه كما يريد وللهدف الذي يريد دون أن يفكر في الجياع في أنحاء العالم الذين ربما تنقذهم السماء في أن تجعل أرضهم الجافة القاحلة تنبع بالخيرات، وتجنبهم كوارث الزلازل، والأعاصير، والفيضانات.‏

أما المساحات المحروثة بالإشعاعات، والتي يقول العلماء إنها لن تنجو منها قبل آلاف السنين فإن الإنسان يظل يأمل بمعجزات تقلب المعادلات فتصبح هذه الأرض بفعل أمطار إلهية تنمو وتزهر بالخير والعطاء.. فمن يدري المصائر إذا انفتحت البصائر؟ ومن يدري ما سيكون شأن الإنسان عندما يعود بدائياً عاجزاً عن استخدام أي وسيلة سوى اللجوء الى السماء وانتظار أقدارها وهباتها وعطائها؟‏

إنه موضوع ذو شقين.. وها هي عيون البشر تتطلع الآن الى السماء إيماناً واحتساباً إن كانت مؤمنة.. ورجاءً وأملاً إن كانت تتبع طريق العلم، وهو على كل حال إنقاذ لم يعد بريقه على تراب الأرض لتمتص الإشعاعات بل من خيوط النور التي تأتي من السماوات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية