|
الافتتــاحية لم يكن الأمر يحتاج إلى الكثير من التعليق وفيه ما يكفي وربما قد يزيد، ولا يحتاج إلى الاستنتاج وفيه كل الاستنتاجات التي يحتاجها أي متابع، وما قد يفيض، مشهد محاط بعباءة الصقيع العربي، ومزنر بنار العدوان الإسرائيلي وبينهما «الريموت كونترول» الأميركي. شهود الغفلة كانوا حاضرين من الدوحة المنشغلة بائتلاف حمد إلى أنقرة المنكوبة بمجلس اردوغان البائد وأحلامه المستعارة، مرورا بالرياض التي استعصى عليها الكلام. بررت أميركا العدوان الإسرائيلي على غزة، فالتوت أصواتهم التي اعتادت على النطق بالحروف الأميركية، وبعضها على الأقل ابتلع ألسنته، وأطبق الصمت فغاب هديرها ووعيدها كما تلون تنديدها واستنكارها. غزة في مرمى النيران الإسرائيلية، والأعراب التي جالت الأرض وأصقاعها تستجدي العدوان والعقوبات والتدخل الخارجي على سورية، تلوذ بصمتها، تتبّرم من المقاومة، وإذا حذرت في الماضي من الارتجال والمغامرة، فإنها هذه المرة قد لا تتردد في الزجر، وربيعها المحمل بصقيع الإحساس القومي يخيم في أرجائها، ويستوطن في مفاصل قادتها، ولديها ما يكفي من المخاوف والهواجس لتصطك هلعاً وخوفاً. وقبل أن تنطق بـ «بنت شفة» جاءها الإيعاز الأميركي سريعاً، فيما أمر العمليات وصل قبله وتعليماته لا تحتمل التأجيل ولا النقاش، وعليها ان تنفذ ما ورد، ولن تتردد في ممارسة دورها وموقعها بالضغط لـ«ضبط النفس والتهدئة»، وإذا علت أصوات بعضها، فإنها لن تلبث أن تطوي ما قالته وتلعق ما تلفظت به!! غيوم العدوان الإسرائيلي تتساقط قصفاً وتدميراً يطول أكثر من ستين مدينة وبلدة وقرية في غزة، وأعمدة «دخان» الأعراب ترتفع بارتفاع العدوان، والصوت الذي يعلو حيناً يخبو باقي الأحيان، والموقف الذي أعلنته بعض الأعراب قابل للاسترجاع والسحب من التداول، والمطالب المتحركة على وقع العدوان سرعان ما تتبدل، والجامعة المصادرة من مشيخات الخليج تنتظر حتى السبت للاجتماع، وأمينها العام قد لا يتردد في البحث عن مسوغ ليتهرّب من الاستحقاق. انتظرت الإعراب، ومن جال منها على غزة بالحماية الإسرائيلية واستخباراتها، كان الغطاء لبنك الأهداف الذي ينتصب مكانه وفي جواره «عمود الغيم» الإسرائيلي معمداً بدماء الفلسطينيين، انتظرت حتى حانت اللحظة فأوكلت للأميركي أن يقول ما عجزت عنه، وقد اعتادت أن ينطق باسمها وأن يتحرك حين يصعب عليها التحرك فبرر العدوان وسوّغه. لم نسمع بخطط حمد، ولا بأفكار سعود الممتازة، لم نر أردوغان وحماسته، لم نشاهد الدعوات للمؤتمرات ولا إلى المجالس والائتلافات والأحلاف، وحدها كانت الصفقات المنتظرة.. لم نجد الدبلوماسية الفرنسية المتحمسة فيما التابعية البريطانية تتخمنا بنفاقها بعد أن حددت أميركا وبالحرف «حق الدفاع عن النفس»!! بين عمود العدوان الإسرائيلي وأعمدة «دخان » الأعراب ومشاهد النفاق الغربي، تنتصب عشرات الشواهد الدامغة، وتواجهك عشرات الأسئلة المؤجلة والموجعة في زمن عربي باتت فيه مواجهة الحقيقة المّرّة قدراً لا بد منه، حيث تلك الأصوات التي حاولوا تهجينها لزمن مضى ولأشهر خلت دون جدوى، لتكون نسخة من الأعراب ذاتها لن تسكت.. كما لم تقبل بتدجينها. |
|