تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قلـــــق القصيدة أم قلق الشاعر ..؟

ثقافة
الأحد 18-1-2015
علاء الدين محمد

تسع وعشرون قصيدة نطالعها في المجموعة الشعرية التي صدرت حديثا للشاعر عادل النعيمي عن دار ليندا للنشر والطباعة والتوزيع في السويداء، وجاءت القصائد الاولى على شكل مقطوعات نثرية قصيرة،

ولدى تدقيقنا في بنيتها ومضامينها أول مانعيد طرحه هو السؤال المعهود: هل استطاعت قصيدة النثر أن تؤكد ذاتها؟‏

واذا كانت الصورة الشعرية او تحقيق عامل الدهشة والغرابة والتجديد في توليد المعنى والتكثيف اللغوي هو اهم مايميزها فما عسانا سنجد عند النعيمي في نهره الذي يقطر من فمه؟ مامن شك أنه خلال المقطوعات الاولى التي تضمنتها المجموعة الشعرية تحت عنوان قصاصات تتضمن جملا شعرية موحية ومبتكرة وتثير الدهشة لكن المقطوعات بمجملها وقعت في النثرية، وعلى سبيل المثال لاالحصر، قوله في مقطوعة (هي):(سمراء كحبة كستناء سمراء، مشوية كحبة كستناء مشوية/ اللب يغلفه القشر/وهي قشر بلا لب /)وهنا لابد من أن نتساءل هل في مصلحة البنية الشعرية اضافة صفة السمراء أو صفة المشوية لحبة الكستناء بعد أن افتتح بهما؟ ثم هل في مصلحة الحالة الشعرية هذا التفصيل وهذه المقابلة بين هي التي يعنيها الشاعر وحبة الكستناء بعد أن قرر أن لب حبة الكستناء يغلفه القشر، أما هي قشر بلا لب، بالطبع إن التفصيل بهذا المستوى عن المجموعة الشعرية سيكون ضربا من العبث وظلما للشاعر والقصيدة معا لكن قلق القصيدة لديه يحتاج الى التفصيل لكي نورد مايعلل مانقول مرة اخرى نتوقف عند - فقاعة هواء- لنتبين كيف ان مطلع القصيدة كان رائعا حيث يقول (تلك الفكرة القابعة في ذاكرتي/ تبحث عن ثقب/كي تبعثني ملحمة/ للفجر القادم من أقبية الليل/) لكن المقطوعة قتلت في تفصيل وشرح الحالة وكأنها أمست علاقة سببية حيث يقول:(بحر الأمل صار هباء/ ماعاد في القفص هواء/ لاأتنفس..) وهكذا الا نلاحظ بأن القصيدة قد اثقلت بالنثرية التي جعلتها قلقة هي الأخرى.‏

اما في قصيدة «قل وداعاومت» فقد جاءت خاتمة القصيدة هي الشعر بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى، حيث يقول:نورك يتسلل لصاً/من بين ثقوب أحدثها سفيح الرمل/ بين غيمتين حملتها اذرع الريح/ من ماسورة بندقية/) يالروعة البلاغة وحسن السبك وخصب الخيال فيما نجده في هذا المقطع وكم كان اجمل لو لم يستخدم مفردة لص لأنها لم تفد في النص سوى قتل التسلل وحصره كصفة للص. اما مطلع القصيدة فقد كان عادياً.‏

ثم نطالع مجموعة اخرى من القصائد التي جاءت على نمط قصيدة وأولها قصيدة النهر يقطر في فمي» التي جاءت عنوان المجموعة وفي هذا النمط أيضاً تقع القصيدة في قلق آخر لايقل عن قلقها في قصيدة النثر، ويتمثل هذا القلق في الاخفاق والوقوع بالخلل الوزني في عدد من المواقع نشير الى بعضها على سبيل المثال لا الحصر، ففي مطلع القصيدة النهر يقطر في دمي (اتراني ادفأ من صقيع كآبتي/) وسنضطر الى حذف الياء في أتراني لكي يستقيم الوزن وكذلك قوله في القصيدة نفسها:عمري يغادرني وما ألقاني أعبر حيرتي) وكذلك الياء في القاني.‏

وقوله في «صهيل الوهم» (ماعاد بالاندلس وصل أو وجود) وقوله:(أسرى لما كتب على عبس الجبين) يحتاج الى مد اي اشباع على حرف الباء في كتب كي يستقيم الوزن وقوله ايضاً: يجيء مصلوبا على مهر الفدا والخلل في استخدام (يجيء) وسيستقيم الوزن لو ابتدأ بـ (ويجيء) او استخدام (قد جاء) وهناك امثلة كثيرة على ذلك في المجموعة الشعرية ونستميح الشاعر عذراً ونطمع بسعة صدره لأن هذه الهنات الهينات في الحقيقة لاتؤثر على بنية القصيدة ونجزم أنها جاءت على سبيل الهفوات وكان من الممكن أن يستعين بمن اكتسبوا الخبرة في ايقاع الشعر وفي تقديرنا أن الشاعر له باع في ميدان اللغة العربية وتدريسها. بقيت كلمة لابد منها وهي مصارحتنا لشاعرنا بعدم الاستعجال في طباعة مالم يكتمل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية