تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صرف الدولار بين المضاربين وتدخل المركزي.. من العقاري وحده يباع (400) ألــــــــف دولار يومياً

دمشق
مصارف
الخميس 8-11-2012
مازن جلال خير بك

سجل سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية في السوق المحلية السوداء أول أمس الثلاثاء، 75.5 ليرة سورية للدولار الواحد، مقابل سعر 76 ليرة سورية يوم الاثنين مسجلاً انخفاضاً مقداره 5٪ ليرة، وفي وقت يحافظ فيه الدولار على سعر صرفه بهامش لايتجاوز 3 ليرات سورية خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة،

في هذا الوقت يستمر المصرف العقاري وحده بين كافة المصارف العامة ببيع الدولار للمواطنين لتمويل مختلف الأغراض غير التجارية وعملياتها، ويضخ كميات تقدر بمئات الآلاف من الدولارات يومياً، وهذا مسار تساؤل الأوساط المصرفية عن سبب هذا الارتفاع في سعر صرف الدولار، بالرغم من ضخ مبالغ يومية بهذا المقدار، إضافة إلى التدخل الدائم من مصرف سورية المركزي في أسواق سعر الصرف لتحقيق الاستقرار والتوازن فيها، وتطويق محاولات رفع سعر صرف الدولار التي يمارسها المضاربون في أسواق الصرف المحلية، لاسيما وأن إقبال المواطنين على شراء الدولار كثيف في الفترة الحالية وبشكل ملحوظ.‏

الثورة تجولت في مقرات مجموعة من المصارف العامة بدمشق، ولاسيما فروع المصرف العقاري والمصرف التجاري السوري المرخص لهما التعامل بالقطع الأجنبي، حيث لوحظ عدم بيع الدولار بشكل كامل في فروع التجاري السوري، بالرغم من استقبال فروعه للعديد من المواطنين الراغبين في شراء القطع الأجنبي ولاسيما لأغراض الادخار أو لاغراض تلبية الحاجات، أما المصرف العقاري، فتشهد مقرات فروعه ازدحاماً كثيفاً جداً نتيجة إقبال المواطنين على شراء القطع الأجنبي لدرجة تفوق قدرة هذه الفروع على التحمل، حيث يشاهد أعداد من المواطنين تنتظر دورها خارج المصرف بمقدار خمسة أمثال الموجودين داخل مقر الفرع، ما حدا بإدارات الفروع وبتعليمات من الإدارة العامة للمصرف العقاري بالبقاء لساعتين أو ثلاث بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي.‏

وبحسب المعطيات التي حصلت عليها الثورة فإن وسطي إجمالي مبيعات فروع المصرف العقاري من القطع الأجنبي تصل إلى ما ينوف على 400 ألف دولار، يبيع منها فرع الصالحية بدمشق وحده 100 - 120 ألف دولار يومياً، في حين يتوزع بقية المبلغ (280 - 300) ألف دولار على بقية الفروع، وبحسب المعلومات، يتركز البيع في هذه الفروع على تمويل أغراض الادخار (5000 دولار) وأغراض تلبية الحاجات الشخصية (1000 دولار)، ويستحوذ الدولار على ما نسبته 98٪ من المبيعات، في حين يقل جداً عدد زبائن شراء اليورو ولا تتجاوز نسبتهم 2٪.‏

أما عن سبب ارتفاع سعر الدولار أمام الليرة السورية رغم بيع المصرف العقاري له ورغم التدخل الدائم من قبل مصرف سورية المركزي، فتبرره الأوساط المصرفية وأسواق الصرف بأنه حالة طبيعية نتيجة الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، وارتفاع وتيرة إجرام المجموعات الإرهابية المسلحة، وما يتركه هذا الإجرام من توجس لدى شريحة من المواطنين السوريين، بما يدفع بالتالي إقبالاً على شراء الدولار، وفي نفس الوقت تعتقد الأوساط المصرفية أن بعض المواطنين استغل قرار بيع الدولار عبر المصارف المرخص لها التعامل بالقطع الأجنبي وشركات الصرافة المرخص لها، لتحقيق أرباح جيدة على حساب الخزينة العامة للدولة، حيث يشتري المواطن الدولار بسعر يقل عن 70 ليرة سورية عبر المصارف وشركات الصرافة، ويبيعه بسعر لا يقل عن 75 ليرة سورية في السوق السوداء، محققاً بذلك ربحاً لا يقل عن 5 ليرات سورية في الدولار الواحد، ناهيك عن تجار المضاربات الذين يستخدمون موظفيهم وأسرهم لشراء الدولار مقابل عمولة لا تتجاوز 500 - 1000 ليرة سورية عن كل ألف دولار يشتريها الموظف ويسلمها للتاجر، بحيث يحصل التاجر وسطياً على 15 - 20 ألف دولار يومياً يشتريها عبر الوسطاء بالسعر الرسمي ويبيعها بسعر السوق السوداء، محققاً من هذا المبلغ ربحاً يومياً لا يقل عن 75 - 100 ألف ليرة يومياً على حساب احتياطي سورية من القطع الأجنبي، وتشير الأوساط المصرفية إلى اعتقادها أن استمرار بيع الدولار بهذا الشكل يشكل نزيفاً حقيقياً للاحتياطي في حين يمكن تقديم الخدمة لراغبها والحفاظ على القطع الأجنبي واحتياطيه من خلال إلزام الشاري بإيداع المبلغ الذي يشتريه لدى المصرف كوديعة تتراوح مدتها بين شهر واحد لكل ألف دولار وستة أشهر لكل خمسة آلاف دولار، بحيث لايتمكن تاجر العملات من المضاربة وتحقيق الربح، كونه لن يقدم على تجميد ملايين الليرات السورية على شكل دولارات في حسابات منفصلة، في وقت يبحث فيه عن ربح سريع، وبالمقابل فإن المواطن الذي يحتاج للقطع الأجنبي، لن يجد مانعاً من إيداع هذا المبلغ لدى المصرف الذي اشترى منه هذا المبلغ قبل فترة من الاستحقاق الذي سيستخدم القطع الذي اشتراه فيه.‏

مصادر المصرف العقاري ، وفي تصريح خاص للثورة حول بيع القطع الأجنبي عبر فروع المصرف قالت ان المصارف العامة تنفذ سياسات مصرف المصارف السورية وهو مصرف سورية المركزي، مشيرة إلى أن قرار المصرف المركزي ببيع ألف دولار لمن يرغب وفتح وديعة بقيمة 5 آلاف دولار بالنسبة لأغراض الادخار، يأتي في سياق سياسة نقدية يقتنع بها المركزي ويعتبرها مساهمة في استقرار العملة الوطنية إلى جانب الإجراءات الأخرى التي يتخذها، ومن الطبيعي أن تبادر المصارف العامة إلى وضع إجراءاتها التشغيلية وسياساتها التشغيلية، بما يتوافق مع السياسة النقدية العليا التي يضعها المركزي، وبما يضمن تنفيذها، ومن واجب المصرف العقاري تتابع المصادر تنفيذ القرار الصادر عن المركزي ببيع الدولار للمواطنين، حتى لو شكل هذا البيع عبئاً على المصرف وأعماله وخدمة زبائنه، وبغض النظر عن مدى قناعة المصرف العقاري بهذا الإجراء ما دام المركزي مقتنعاً به، كونه يشكل (أي قرار البيع) جزءاً من السياسة النقدية العليا التي يضعها المركزي مع الأخذ بعين الاعتبار أن العقاري فيما لو أتيح له الخيار، قد يقدم على مثل هذا القرار وقد لايقدم ، تبعاً لمصلحة المصرف وقراءة السوق المحلية للقطع الأجنبي، وبالتالي يأتي بيع الدولار والقطع الأجنبي عبر المصرف العقاري، رغم كل ما يشكله من عبء على العمليات اليومية للمصرف، كالتزام العقاري كمصرف حكومي بقرارات مصرف سورية المركزي وسياساته النقدية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية