|
الثورة على كل حال في يومي الجمعة السادس عشر والسبت السابع عشر من شهر تشرين الثاني الجاري، يقيم اتحاد المصارف العربية ( المؤتمر المصرفي العربي السنوي ) في العاصمة اللبنانية بيروت وذلك تحت عنوان ( الاستقرار الاقتصادي في مرحلة انعدام اليقين ) ومن خلال هذا العنوان نجد أن اتحاد المصارف العربية لا يتوجه بشكل مباشر إلى ما يجري في سورية، ولكن التأمل في هذا العنوان المختار، يمكن الجزم وإلى حد كبير أن الوضع السوري سيكون حاضراً بقوة في جلسات هذا المؤتمر، ولكنه لن يكون حاضراً بتوصيفه كما هو، فهناك أفكار مسبقة وخاطئة سيجري تداولها على ما يبدو، وهي لا تمتُّ إلى الواقع بصلة، ولنا في هذا الاعتقاد والتوقع أسبابنا الموضوعية التي سنعرضها لاحقاً . ففي الخلفية التي وضعها الاتحاد لهذا المؤتمر أشار إلى أن التطورات والأحداث التي تشهدها منطقتنا العربية منذ أكثر من عامين، كان لها الأثر الكبير في اختيار موضوع المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2012 في بيروت بعنوان «الاستقرار الاقتصادي في مرحلة انعدام اليقين»، والذي يأتي في ظروف دولية وعربية تتسم بالاضطراب وانعدام اليقين، وفي وقت يشهد عالمنا العربي ما أسماه الاتحاد بثورات الربيع العربي في عدد من الدول. لم يخطئ الاتحاد بالقول إنه بات واضحاً، أن تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي هو الأساس الذي لا غنى عنه في عملية استدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك باعتبار أن نجاح السياسات الاقتصادية الكلية بصفة عامة والسياسات المالية والنقدية والاستثمارية على وجه الخصوص، يستلزم وجود بيئة مواتية تتصف بالاستقرار السياسي مع تأمين الاستقرار الأمني والسلم الاجتماعي، ففي الوقت الذي يتحقق فيه هذا الاستقرار، فإن ذلك يمثل دعماً ذاتياً لمسيرة هذه السياسات على طريق تحقيق أهداف التنمية ورفعاً لمستوى المعيشة في كل المجالات، وتدعيماً لقوى الاقتصاد القومي في وجه التحديات التي يواجهها داخلياً وخارجياً. يقول الاتحاد إنه يهدف من إثارة هذا الموضوع في مؤتمره السنوي لهذا العام، وبوجود حشد كبير من وزراء المال والاقتصاد ومحافظي المصارف المركزية وصانعي القرار في المؤسسات المصرفية والمالية العربية والدولية إلى استشراف مرحلة ما بعد انعدام اليقين، ووضع خطط للنمو والاستقرار والتقدم، انطلاقاً من أن التقدم لا يحصل في مجتمعات تتسم بالاضطرابات وعدم الاستقرار، وإنما يحصل في المجتمعات المستقرة والتي لا تعاني من مشكلات بنيوية في طبيعة العلاقة التي تربط الدولة بالمجتمع والعكس. ويركز الإتحاد في هذا المجال على دور القطاعات المصرفية العربية لدورها المحوري في تنفيذ السياسة النقدية والائتمانية اللازمة للتنمية، ودعم برامج الخصخصة، وتنشيط سوق رأس المال، ودعم القطاعات الإنتاجية، والمساهمة في توفير المناخ الاستثماري الملائم، وخلق بيئة تنافسية، ومساعدة قطاع الأعمال، والتوسع في الخدمات للعملاء، وتوفير التمويل الاستثماري للأغراض الإنتاجية، وجذب مدخرات العاملين في الخارج. إن مؤتمرنا لهذا العام – حسب الاتحاد – سيشكل منصة هامة، لبلورة توصيات مناسبة وواقعية تحدد المعايير والإجراءات المناسبة لتحقيق الاستقرار المنشود، لأنه حين يتأسس الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي على أسس صحيحة وعميقة يتوفر حينها الأساس السليم لانطلاق التنمية وتعزيز التعاون مع الغير. وحدد اتحاد المصارف العربية أهداف مؤتمره مشيراً إلى أنَّ البحث في عوامل تامين الاستقرار الاقتصادي السياسي والاجتماعي في الوطن العربي باعتباره أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن بين الأهداف يأتي البحث في انعكاسات عدم الاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي على مناخات الاستثمار والتعاون الإقليمي والدولي، وكذلك الإضاءة على الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة في مرحلة التحولات والتغييرات الراهنة، والنظر في الإصلاحات المطلوبة في القطاعات المصرفية العربية، وتقييم وتقويم المسؤولية الاجتماعية للمصارف الإسلامية والتقليدية، بالإضافة إلى تقييم الأثر الإيجابي للاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي على التكامل الاقتصادي العربي المنشود والتعاون الدولي، والبحث في المستجدات الاقتصادية والمصرفية العربية والدولية وتأثيراتها على معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحديد المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عما أسماها الاتحاد ( ثورات الربيع العربي ) ووضع الحلول المناسبة لها. كما ينوي المؤتمر البحث الجدي – كما يقول – في مسألة البطالة وتأثيراتها على حركة الإنتاج والنمو، إضافة إلى البحث في مسؤولية القطاع المصرفي العربي تجاه إعادة البناء والإعمار في الدول التي أسماها ( دول الربيع العربي ) وسيقوم المؤتمر بوضع التصورات الآيلة إلى تشجيع حركة الاستثمار في المنطقة العربية. أما المحاور التي سيطرحها المؤتمر فتتمثل في دور الاستقرار السياسي والاجتماعي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى محور الإستقرار: ربيع النمو والاستثمار في المنطقة العربية، وأولويات القطاع المصرفي والمالي العربي في مرحلة التحول والتغيير، والاقتصاد السياسي وتأثيره على مسار الشعوب، بالإضافة إلى عوامل الإصلاح في العالم العربي والاستجابة لتحديات المرحلة، والتأثيرات الإيجابية للاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي على مناخات الاستثمار، والحكم الرشيد والمسؤولية الاجتماعية في القطاعات المالية والمصرفية العربية. ** منبع التشكيك : كنا نأمل ونتمنى من الاتحاد أن يضع باعتباره البحث في موضوع مبرر العقوبات التي فرضها العالم العربي على المصارف السورية، وعلى مصرف سورية المركزي..؟! وأين تصبُّ هذه العقوبات..؟ ومن تخدم ..؟ وما مدى تأثيرها البليغ على الشعب السوري ..؟ وكيف تصل الأموال الخليجية لدعم الإرهاب في سورية وما دور الاتحاد في وقفها أو على الأقل فضحها ..؟! كما كان من الضروري أن يضع اتحاد المصارف العربية محوراً خاصاً يبحث فيه عن سر تماسك المصارف السورية وعدم انهيارها في ظل هذه الأزمة الإرهابية الممولة عربياً بامتياز ..؟ والبحث في سر قوة وصمود مصرف سورية المركزي أمام استقتال ( الأشقاء ) العرب من أجل تحطيمه وتدهوره واتخاذه نموذجاً يستحق الدراسة..؟ وكان حري بالاتحاد أن يضع محوراً عريضاً يبحث فيه مع المجتمعين عن المكان الذي بات يقف فيه هذا الاتحاد ومدى قناعته بنفسه وبوجوده في ظل مختلف طرائق الظلم والإجرام العربي الذي ينفث سمومه باتجاه الجهاز المصرفي السوري الذي يتعرّض لأشرس هجمة في التاريخ ، وأقذر المواقف. على كل حال سنبقى بانتظار توصيات هذا المؤتمر التي نأمل بأن لا تُشيح بطرفها عن هذه الحقائق السوداء التي يتعرض لها واحد من أبرز أعضاء اتحاد المصارف العربية وهو سورية ، وسنبقى بحالة تشكيك لاسيما وأن المحاور المقررة وكذلك الأهداف والخلفية بعيدة كل البعد عن إمكانية طرح مثل هذه المسائل، بل على العكس نجد فيها تحريضاً ممكناً للنيل من سورية – شكلاً على كل حال ولن يستطيعوا سلفاً أكثر من ذلك – إرضاء لأولئك الساسة العرب الخليجيين خاصة الذين غاصوا بالإجرام بحق سورية، ولهم مالهم من تأثير بليغ على سياسة الكثير من المصارف العربية المنضوية تحت لواء هذا الاتحاد. |
|