|
اقتــصـــــاد
مصرف سورية المركزي كان أول من باشر تنفيذ الخطط والاستراتيجيات التي من شانها دعم هذه المشاريع وتوسعة شريحتها حين أعلن عزمه تمويل هذه النوعية من المشاريع على امتداد القطر كله على أن تبدأ عمليات التمويل من المناطق والمدن الصناعية التي يعود الأمن والاستقرار إليها على أيدي بواسل الجيش والقوات المسلحة تبعا لجملة من العوامل التي يبرز منها بالدرجة الأولى الجدوى الاقتصادية من هذه المشاريع واكتفائها بمبالغ قليلة مقبولة إضافة إلى إمكانية إيجاد قنوات تصديرية لمنتجاتها ناهيك عن دورها في تامين فرص العمل للكثير من اليد العاملة السورية وإمكانية توسعها تبعا للإيرادات التي تحققها من جهة ولحاجتها لليد العاملة الإضافية من جهة أخرى أيضا. مصرف سورية المركزي أشار إلى أن هذه المشاريع ستمول من قبل المصارف العاملة في سورية من عامة وخاصة بعد أن تصدر القرارات اللازمة لذلك من قبل المركزي نفسه في الفترة القادمة أي أن المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر ستكون موجودة بشكل رئيسي في المناطق الآمنة المستقرة كما ستكون هويتها صناعية بالدرجة الأولى. المصارف أبدت قدرتها على البدء بتمويل هذه النوعية من المشاريع منذ الآن نظرا لارتفاع سيولتها بعد انخفاض سابق إضافة إلى حاجة المصارف لقنوات تسليفية توظف فيها سيولتها حتى لا تبقى الأموال الموجودة لديها مكدسة في الصناديق ناهيك عن فائدة إضافية تتمثل بتلافي عبء الفوائد التي تدفعها المصارف على الإيداعات الموجودة لديها وهو إجراء بدأ به المصرف الصناعي ضمن استراتيجيته الجديدة حين أعلن مؤخرا ابتعاده عن استقطاب وحتى قبول الودائع الكبيرة لأنها تشكل عبئا ماليا ليس هينا على المصرف الذي يدفع الفوائد المستحقة على هذه الإيداعات دون أن يملك إمكانية توظيفها أو استثمارها للاستفادة منها. قد يعتقد البعض أن من المبكر الحديث عن تمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر في ظل الأزمة القائمة حاليا في سورية، لأن الفلسفات الاقتصادية عموما تتجه إلى عدم جدوى ضخ الأموال في مشاريع إنتاجية أو خدمية في ظل عدم الاستقرار وهي مسالة لا يمكن تجاهلها في بعض الحالات ولكن في حالات أخرى كالحالة السورية يمكن أن تنتج هذه السيولة الممولة للقروض ايجابيات كثيرة بدءا من تلبية الطلب على منتج معين أو توليفة محددة من بعض المنتجات وصولا إلى كفاية ذاتية محليا من منتج ما، مع الأخذ بعين الاعتبار ما أعلنه بعض المصرفيون من إمكانية التمويل لآجال قصيرة تتراوح من سنة إلى 3 سنوات كحد أقصى بمعدل فائدة تمييزي وبشروط منح ميسرة كالتغاضي عن الضمانات وتقديم الكفالات وسواها والاستعاضة عنها بإجراءات قانونية متاحة وفق التشريع السوري، وبالتالي تكون البداية بمشاريع صغيرة قادرة على أن تخلق آفاقاً اقتصادية وموارد مهمة للبلاد باتساعها، ومن ثم تباعاً وصولا إلى رقعة كبيرة تشمل كافة مناطق البلاد. كما يمكن وفقا للأوضاع الراهنة الاتجاه صوب تركيز بعض هذه المشاريع في مناطق محددة تتركز فيها اليد العاملة الخبيرة في حرفة أو خدمة أو صناعة ما على غرار العناقيد الصناعية التي نجحت في الهند كنموذج أممي معتمد بحيث يخلق كل عنقود صناعي عنقوداً آخر يقدم له خدمة متممة وصولا إلى مرحلة التكامل بينها بدءا من المادة الأولية وصولا إلى التسويق، لاسيما ان الظروف الحالية شهدت تركزاً سكانياً في بعض المناطق فيمكن استغلال هذا التركز لخلق مشاريع تلعب دوراً إنتاجياً مهماً يكون قاعدة انطلاق باتجاه إعمار المناطق التي تستقر تباعاً، بحيث تمتص هذه المشاريع قوة العمل الموجودة والمتمركزة في هذه المناطق لتنميتها. لعلها فكرة قابلة للتطبيق إن تضافرت جهود جهات عدة ذات صلة بها بالنظر إلى أن الحديث عن تمويل مشاريع كبيرة مستبعد حاليا، عدا عن أن هذا النوع من التمويل يكون عادة طويل الأجل ودورة رأس المال فيه طويلة لا تسمح به الظروف الحالية، أما بالنسبة لتمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر فيجب النظر إليه نظرة جدية وعلى أسس موضوعية تتعلق بشروط المنح وتسهيلاته، بحيث تكون البداية من خلال تركيز التمويل في مناطق معينة لانطلاقة هذه المشاريع، مع تضمين شروط التمويل أن يكون هدف المشروع محدداً ويحقق غاية استهلاكية ومعاشية مهمة كمشاريع البيوت البلاستيكية أو المنتجات الحيوانية أو الصناعات الخفيفة مع اشتراط الممول (المصرف) تشغيل يد عاملة إضافية في المشروع. |
|