تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أصابع الاستخبارات الغربية وراء اعتداءات باريس

متابعات سياسية
الثلاثاء13-1-2015
ترجمة: دلال ابراهيم

أصابت صدمة العمل الإرهابي والمذبحة التي تعرض لها صحفيو صحيفة شارلي ايبدو وعناصر الشرطة المحللين وكتاب الأعمدة في العالم أجمع. وإن أجمعت وسائل الإعلام الفرنسية على التنديد بما اسمته « الإرهاب الإسلامي», فإن العديد من المحللين والمراقبين يرون في هذا الاعتداء تلاعباً من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية .

مجموعة كوماندوس حقيقية , من خلال أسلوبهم في الحركة والمناورة وفي طريقتهم بإطلاق النار . لا تسرّع ورعونة في العمل من أجل عدم إضاعة أي طلقة سدى , يكفي فقط تسديد طلقة أو طلقتين على كل ضحية , مثل حالة الشرطي الذي أصيب بجرح وانتهى أمره بطلقة واحدة من قبل القاتل الذي واصل سيره ليستقل السيارة وقبل الصعود إليها يلتقط بهدوء فردة حذاء ( الذي يمكن أن يكون دليلاً خلال فحص الحمض النووي ) ولكن عندما قام اثنان من منفذي العملية بتبديل السيارة نسيا إحدى بطاقات الهوية في السيارة الأولى ( وفق رواية الشرطة ) وبالتالي اعتبر ذلك بمثابة التوقيع رسمياً على الجريمة . وبعد مضي ساعات قليلة عرف العالم أجمع أسماء والسير الذاتية » لاثنين من المجرمين المتطرفين المعروفين من قبل الشرطة وأجهزة الاستخبارات الفرنسية .‏

ولا يسعنا هنا سوى استحضار التشابه بين ما أطلقوا عليه اسم « 11 - أيلول فرنسا « وبين « 11 - أيلول الولايات المتحدة « حينها لم يكد يمضي سوى بضع ساعات على تنفيذ الاعتداء على برجي التجارة العالمي حتى انتشرت اسماء والسير الذاتية للمنفذين الذين تم تصنيفهم كأعضاء في تنظيم القاعدة . أو خلال اغتيال الرئيس جون كينيدي حيث وجهت التهم فوراً إلى الشخص المشتبه به . ونفس الشيء في ايطاليا , خلال مجزرة ساحة فونتانا . وبالتالي من الشرعي , في حادثة الإرهاب التي شهدتها باريس الشك بوجود أصابع لأجهزة الاستخبارات فيها .‏

ينتمي المشتبه بهما في العملية الإرهابية ( في حال صدقت سيرتهم الذاتية ) إلى ذلك العالم السفلي الذي أنشأته أجهزة الاستخبارات الغربية , ومنها الفرنسية الذين عملوا على تمويل وتسليح وتدريب المجموعات الإسلامية المتطرفة في ليبيا عام 2011 والذين كانوا لوقت ليس بالبعيد يطلق عليهم اسم ( الإرهابيين ) , ومن ضمن صفوفهم نشأت النواة الأولى للدولة الإسلامية ( داعش ) , الذين كانوا يتزودون بالسلاح عبر شبكة منظمة من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية سي أي أيه ( وفق تحقيق لصحيفة نيويورك تايمز في عددها في شهر أذار 2013 ) حيث وبعد الاطاحة بنظام حكم الرئيس معمر القذافي , توجهوا إلى سورية لتغيير النظام هناك ومن ثم مهاجمة العراق ( عندما بدأت حكومة نوري المالكي الابتعاد عن الغرب والتقرب من بكين وموسكو ) . لقد تلقت داعش , التي تم إنشاؤها في عام 2013 أموالاً وطرق عبور عبر السعودية وقطر والكويت وتركيا والأردن , الحلفاء المقربون من الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى , بما فيهم فرنسا . وهذا لا يعني أن المجموعات الإرهابية الحاملين لمختلف جنسيات الدول الغربية واعية لذلك . ومع ذلك , جلية وواضحة حقيقة أن وراء أقنعتهم تقف عناصر استخباراتية غربية وعربية تم إعدادها وتدريبها تدريباً خاصاً للقيام بمثل هذه عمليات .‏

وفي انتظار أدلة أخرى يمكنها أن تلقي الضوء على حقيقة ما جرى في فرنسا , من المنطقي أن نطرح سؤال : من المستفيد من ذلك ؟ إن السؤال يكمن في التصريح الذي أدلى به الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي , والذي كان حينما كان رئيساً لفرنسا أحد أهم الداعمين للمجموعات الإرهابية في الحرب العدوانية ضد ليبيا في وصفه هذا الاعتداء في فرنسا بأنه « حرب معلنة ضد الحضارة , التي أمامها مسؤولية الدفاع عن نفسها » . والمراد بهذه الطريقة إقناع الرأي العام , وفيه يمثل الغرب , الذي يخوض حرباً ضد أولئك الساعين إلى تدمير « الحضارة» وجه هذه الحضارة , وينبغي عليه بالتالي ( الدفاع عن أنفسهم ) عبر قواتهم العسكرية وعبر توجيهها إلى أي مكان في العالم ينبثق منها هذا « الخطر » .‏

وهكذا تجري محاولة تحويل عواطف الجماهير نحو ضحايا المجازر وتعبئتهم من أجل شن الحرب . وفي البندقية ارتدى داوود الأسود ويدعو الآن إلى سل السيوف لحملة صليبية جديدة .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية