|
معاً على الطريق يتسابق الكثير من وسائل الإعلام في هذه الأيام, ومنها فرنسية صرفة, إلى لوم فرنسا الإدارة والشعب, وإلى محاولات إثبات أن دعم « المسلحين» في سورية كان « سياسة خاطئة «, والدليل هو العمليات الإرهابية التي ارتكبت في هذا البلد خلال الأيام السابقة, وينتظر الكثير من هذه الوسائل أو يتوقع تغييراً انعطافياً حاداً في السياسة الفرنسية الخارجية تجاه سورية جراء هذه السياسة, ويدور الحديث عن ذلك بطريقة توحي مباشرة أو بشكل غير مباشر, بأن فرنسا ربما أخطأت.. لكنها ستعود عن خطئها! فحوى هذا المشهد الكرنفالي الثرثار.. هي أن الخطأ الفرنسي بتسليح من تسميهم الإدارة الفرنسية « دعاة الحرية والديمقراطية « ليس متعمداً حتى وإن عاد بالنتائج الخطأ... وهي أيضاً أن فرنسا الشفافة والحضارية والمتمدنة لابد أن تكتشف فضيلة العودة عن الخطأ فتعود, أي أن النيات السياسية الفرنسية طيبة وإنسانية ومتفانية, لكن الأدوات المستخدمة في سبيل ذلك كانت خاطئة, وبالتالي فمن الواجب بالمقابل التماس العذر لها وإفراد الهامش السياسي المناسب لها لاكتساب هذه الفضيلة ؟؟ هل ثمة من يتوهم حقاً أن ثمة فارقاً بين النيات والأدوات في السياسة الفرنسية الخارجية تجاه سورية, وهل ثمة من يتوهم حقاً أن الفرنسيين ما كانوا يعلمون أن « دعاة الحرية والديمقراطية» أولئك هم أنفسهم فصائل ومجموعات المتطرفيين القاعديين أو الداعشيين حتى جاءت العمليات الإرهابية في باريس وغيرها ؟ وهل ثمة إعلام نظيف وغير خبيث يتبنى فعلاً نظرية النيات الطيبة والأدوات القذرة إياها ؟ فإذا كان مثل هذا الإعلام موجوداً.. وهو موجود, فهو طابور خامس وليس إعلاماً, وإذا كان ثمة إعلاميون يتبنون هذه النظرية فهم عملاء مأجورون بلبوس إعلاميين, ببساطة.. لأن من يدور الحديث عنها هي دولة عظمى بقوتها واستخباراتها وتقنياتها وكوادرها البشرية, ومن التفاهة والسذاجة الاعتقاد بأنها كانت مخطئة سهواً طيلة أربع سنوات, وأنها كانت تظن حسناً بأولئك التكفيريين المجرمين وتعتقدهم دعاة حرية وديمقراطية إلى أن وصلوا عاصمتها. ومن غير الجائز اليوم القول أن فرنسا صحت أو أنها على وشك الصحو لما ارتكبت, فهي ما كانت نائمة أو غافية أبداً ولا جاهلة, بل متحفزة وتعرف ما تفعل بكل الدقة والإصرار, شأنها شأن حليفتها أميركا وإدارة الرئيس أوباما التي توصف أيضاً بالتردد والفشل السياسي.. وكما لو أن كل ما ارتكبته من تخريب وقتل وتدمير في سورية لم يكن وارداً في أجندتها السياسية ولم تكن عازمة عليه وعازمة أيضاً على الظهور فيه بلبوس التردد والفشل! لماذا يتحالف البعض مجاناً أو سهواً... وجهلاً مع الذئاب وهي ترتدي أصواف الحملان ؟ |
|