|
رقيب ثالث إنه المنطق الأعوج والمحير ومنطق التبرير المصطنع الذي تطلقه الحيتان الكبيرة من التجار المستوردين الذين يتحكمون بالأسعار على مزاجهم لمضاعفة أرباحهم بشكل غير مشروع ويتنافى مع الأخلاق والمبادئ الوطنية .. لا ندري فعلا وبهذا الوقت الحرج بالذات وبعد أن تنفس الناس الصعداء بانخفاض أسعار الخضار والفواكه لدرجة تتطابق مع الأسعار في العام الماضي , لا ندري كيف يأتي علينا غلاء أسعار الزيوت والسمون والشاي والسكر والرز وكما هو موضح في التقارير الأسبوعية التي ننشرها تباعا على هذه الصفحة وتجدونها في الموضوعين المجاورين في أسواق درعا والسويداء .. وفي التفاصيل .. فإن ارتفاع سعر الدولار , وكما حدث قبل عامين , سرعان ما أدى إلى تغيرات كبيرة حيث رفع التجار أسعارهم لدرجة جنونية ليقولوا : يا أخي الأسعار عالمية ونحن نشتري بالدولار .. واليوم تنخفض قيمة الدولار .. فما عساهم أن يقولوا ? ..أعتقد أنهم سيقولون ارتفعت قيمة العملات الآسيوية ونحن نشتري كل بضائعنا منها سواء مواد غذائية أومنسوجات أوأدوات كهربائية .. وأمام هذا المنطق نسأل : هل نترك هؤلاء يعبثون بنا ونصدقهم .. ? ونسأل بذات الوقت : من يقول الحقيقة ويعطينا الأسعار الصحيحة لبورصات السلع والبضائع العالمية ابتداء من السكر والرز ومرورا بمادة الإسمنت وانتهاء بالسيارات والكمبيوتر إضافة للنسب الحقيقية لحركة الصعود والهبوط في هذه المواد إننا نسمع ونرى الأسعار في دول مجاورة أو في دول بعيدة عنا كأوربا وأمريكا .. ما سعر البطاطا و سعر اللحمة والفروج و سعر الموز وسعر الإسمنت في تلك الدول .. إنها إما متطابقة أو حتى أقل لكثير من المواد عما هو في أسواقنا مع وجود فارق بأن أغلب المواد الغذائية ننتجها محليا والنوعيات التي تصلنا هي الأقل جودة بينما هناك الأجود والسعر المناسب جدا قياسا للدخل في تلك الدول .. وإذا كنا غير قادرين على الوصول إلى الفاتورة الحقيقية التي يستورد بها التاجر وغير قادرين على ضبط بعض قنوات الفساد في الجمارك التي تسمح بالتلاعب بها , فإن المطلوب أن تكون لدينا هيئة علمية محايدة للمعلومات عن السلع العالمية تحدد بدقة الأسعار والمواصفات وتستطيع أن تزود المسؤولين ورجال الإعلام وجمعيات حماية المستهلك بها بشكل آني ويومي وأسبوعي ودوري لنعرف أين نحن ? وبذلك يستطيع أن يعرف من يهمهم الأمر واقع أسعار ومواصفات السلع التي تغرق بها أسواقنا وتتحكم بها , وهذا يجعل الدولة تكتشف الاحتكار وتضع حدا له وبذات الوقت تشجع المستوردين الصغار ومؤسسات التجارة الداخلية الحكومية والتعاونية أن تستورد بعض المواد الأساسية لتطرحها في الأسواق بأسعار عادلة .. فهل نبادر لاعتماد هيئة أو مؤسسة متخصصة بدراسة واقع وحركة السلع العالمية وبشكل علمي رفيع المستوى ومحايد ومستقل .. أم أننا سنبقى نتفرج ولا نعرف سوى التسعيرة التي يتحكم بها الحيتان الكبار ..وعلى البقية من منتجين وتجار جملة ومفرق ومستهلكين أن يقبلوا بذلك ويصدقوا ويبرروا ذلك حتى يستمرون في عملهم ولقمة عيشهم ... ??!! |
|