|
مجتمع الجامعة تلاها المرسوم التنظيمي للتفرغ, فاللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات, ثم المرسوم المالي الملحق باللائحة. وقد كان لهذه التشريعات بشكل عام انعكاسات كبيرة وملموسة خاصة على الوضع المعيشي لأعضاء الهيئة التعليمية الذين احتسبت لهم تعويضات لقاء تفرغهم للعمل في الجامعة بما يمكن أن يصل لنسبة 200% من رواتبهم. كما جعلت الكثير من المهام التي كان يقوم بها عضو الهيئة التدريسية من دون مقابل مهاماً مأجورة للمتفرغين وغير المتفرغين على حد سواء, كتصحيح الأوراق الامتحانية والإشراف على رسائل الدراسات العليا, والإشراف على المعيدين. ولا أكشف سراً حين أقول إن أعضاء الهيئة التعليمية في مؤسسات التعليم العالي انتظروا طويلاً أن يُنصَفوا فتقدَّر كفاءاتهم وجهودهم بصدور قوانين ولوائح جديدة تنظم عملهم وتعطيهم حقهم. وبعد طول انتظار, صدرت هذه القوانين بهدف إنصاف أعضاء الهيئة التعليمية وإنجاح عمل المؤسسات الجامعية التي يتبعون لها في مواجهة التحديات الملقاة على عاتقها. أما التحدي الأكبر فيمكن إيجازه بكلمات قليلة بسيطة تحمل في طياتها أعباءً جسام : المساهمة الفعالة في عملية التنمية الوطنية الشاملة ومواكبة متطلبات العصر. وإذا كانت التشريعات الجديدة قد أعادت لأعضاء الهيئة التعليمية بعضاً من حقوقهم, فقد أوجدت إطاراً جديداً للعمل ومنظوراً آخر للتعامل يقوم على مبدأ واجب الالتزام بالخيار الحر. إذ أصبح بمقدور الأستاذ الجامعي الاختيار بين التفرغ وعدمه. ويعني اختياره هذا موازنة بين جملة من الواجبات يفرضها عليه تفرّغه, في مقابل جملة من الحقوق يتيح له تفرّغه الحصول عليها. الخيار بين التفرغ وعدمه هو في جوهره إذن التزام ضمني وعلني بأداء جملة من الواجبات مقابل الحصول على سلة من الحقوق. وبالتالي فإنه من الطبيعي أن يقابلَ الإخلالَ بالواجبات مسّ بالحقوق. والمعادلة واضحة بسيطة لا لبس فيها ولا غبار عليها لأنها لا تجانب العدل في شيء, ولا تغالط المنطق السليم للأمور. وسواء كان الخيار للتفرغ أو لعدم التفرغ فإن المكاسب التي منحتها القوانين لأساتذة الجامعة ترتّب عليهم واجبات إضافية. والقيادة السياسية تنتظر الكثير من أساتذتنا وتعوّل الكثير على جامعاتنا. وأساتذة جامعة دمشق لن يخيبوا الرجاء ولن يخلّوا بالتزاماتهم, سواء أكانوا متفرغين أم غير متفرغين. فالقوانين الجديدة أعطتهم حقوقاً أهمها تخفيض أنصبتهم وزيادة دخلهم, لكنها بالمقابل تتطلب منهم التزاماً أكبر بالتواصل مع الطلاب وتطوير المناهج ودفع عجلة البحث العلمي. وجامعة دمشق تثق كل الثقة في أن أعضاء هيئتها التعليمية مدركون لأبعاد خياراتهم, ملتزمون بأداء ما يترتب عليهم من واجبات أعلنوا صراحة استعدادهم لتأديتها. إن جامعة دمشق جزء لا يتجزأ من هذا الوطن العزيز, وهي في قلب مسيرة التطوير الشامل التي يخوضها بكل طاقاته والتي تتطلب من الجميع شحذ الهمم , والظروف اليوم مواتية أكثر من أي وقت مضى ليثبت أساتذة جامعة دمشق أنهم جديرون بثقة قيادتهم وحريصون على تأدية واجباتهم على أكمل وجه. |
|