|
مجتمع الجامعة الرأي الأول ينطلق في تخوفه من احتمالات عديدة أولها أن تصبح بديلا عن الجامعات الحكومية وباعتبار أنها تتوجه لشريحة محدودة في المجتمع السوري التي تتمتع بالثراء بينما الغالبية من ذوي الدخل المحدود,والخوف هنا من أن تصاغ بعض سياسات التعليم العالي بما يتلائم مع هذه الفئة مما يحرم ذوي الدخل المحدود من امكانية متابعة تعليمهم العالي. ثانيا:أن تتحول إلى مكان للربح والتجارة أكثر منه مكان للتأهيل والتحصيل العلمي, وبالتالي تغض النظر عن نوعية التعليم, خاصة وأن طلاب الجامعات الخاصة في سورية ينتظرون من الإدارة والهيئة التدريسية التساهل معهم في تجاوز الامتحانات على أساس أنهم لا يدفعون أقساطاً عالية معتقدين أنهم أتوا ليشتروا شهادة لا ليتعلموا.ثالثا:هروب الكادر التدريسي من الجامعات الحكومية واللجوء إلى الخاصة رغبة بمداخيلها العالية والتي لا تحققها,الجامعات الحكومية. الرأي الثاني المتفائل يقول أولا: الجامعات الخاصة ترفع من المستوى العلمي للبلد وتحفظ طلابه من الاغتراب ويسترد عن طريقها عدد كبير من الأكاديميين والعلماء المغتربين في البلاد الأجنبية ويخفف من معاناة هجرة العقول العربية ويجلب استثمارات ضخمة توفر على البلد مئات ملايين الدولارات من القطع الأجنبي ينفقها الطلاب السوريون بالخارج أو مما يمكن أن يجلبه الطلاب العرب. ثانيا:خطوة هامة خاصة بعد تغير سياسة الاستيعاب في سورية والارتفاع الكبير بمعدلات القبول في مختلف الكليات التابعة لجامعات الدولة. وهذا ما حرم الذين حازوا على شهادة البكالوريا بدرجات منخفضة من إكمال تعليمهم العالي.ثالثا: فرصة لتخفيف الضغط عن الجامعات الحكومية. الدكتورة فاتنة الشعال مديرة المؤسسات التعليمية الخاصة ترى في هذه الخطوة وبعد ست سنوات من قيامها وبحكم معايشتها لهذه التجربة عن قرب, بأنها تجربة تعليمية هامة إذا احكم مراقبتها من قبل وزارة التعليم العالي وهو الأمر الذي حدث,حيث انه في القرار رقم(38) الذي عدل التعليمات التنفيذية للمرسوم رقم /36 / الخاص بالجامعات الخاصة الذي صدر عام/2001/ أوكلت إلى وزارة التعليم مهام المتابعة والرقابة والتقويم,بغية التقيد في أدائها الجامعي بالقوانين والأنظمة,والانسجام مع أهداف التعليم العالي في سورية.وبذلك فان الوزارة كما تؤكد د.فاتنة تتابع شؤون الجامعات الخاصة ولا تتردد أبداً في اتخاذ أي قرار بحق هذه الجامعة أو تلك, في حال ثبت مخالفتها للقوانين والأنظمة الناظمة للجامعات الخاصة,ويوجد حاليا ممثلين تابعين للوزارة في الجامعات التسع التي تعمل حاليا من مجموع(18)جامعة خاصة. فمؤخرا ازداد عدد الجامعات المرخص لها حيث صدر الشهر الماضي تسعة مراسيم جمهورية سمحت بالترخيص لتسع جامعات خاصة ليتضاعف عدد الجامعات الخاصة في سورية إلى 18 جامعة. وبينت د. الشعال أن فتح أبواب هذه الجامعات أمام الطلاب لن يتم قبل عام على الأقل ريثما تستكمل بناء مقراتها ومستلزمات العملية التعليمية.مؤكدة في الوقت ذاته أننا سنلمس فوائد الجامعات الخاصة مع مرور الوقت واعتبرت ازديادها حالة صحية لأننا نطور تعليمنا ونفتح آفاقاً جديدة أمام الطلبة, وبالوقت نفسه نخلق أجواءً من المنافسة بين الجامعات الخاصة والحكومية, وبالنتيجة نحافظ على كوادرنا العلمية المتميزة التي تتسرب تحت ضغط الحاجة لتحسين الوضع المادي إلى جامعات الدول المجاورة.وهي لا تؤثر على الجامعات الحكومية, خاصة وأن نسبة استيعاب الطلاب في الجامعات الخاصة لا تتجاوز(2)بالمئة. إن التعليم العالي في سورية اقتصر سابقا ولمدة أربعة عقود على الجامعات الحكومية الأربع ( دمشق حلب تشرين البعث ) ومع التزايد الكبير في أعداد الطلاب سنويا لم تعد تلك الجامعات قادرة على استيعاب تلك الأعداد الكبيرة . مما كان يضطر البعض أحيانا للسفر خارج القطر وتحمل مشقة السفر والغربة , إضافة إلى الأقساط الخيالية من أجل التحصيل العلمي. وتضيف مديرة المؤسسات التعليمة الخاصة إلى أن بعض من الجامعات التي صدرت مراسيم جمهورية بترخيصها اليوم مضى حوالي أربع سنوات على تقديمها لطلبات الترخيص, ونحن لم نمنحهم التراخيص حتى تأكدنا من مصداقيتهم في تنفيذ جميع طلبات الوزارة مثل التأكد من حقيقة وجود تعاون عملي وأكاديمي بين الجامعة وبين المؤسسات التعليمية الخارجية التي تقول أنها تتعاون معها. وكانت وزارة التعليم العالي حددت عشرة مناطق جغرافية موزعة على ثماني محافظات على أنها المناطق ذات الأولوية في الترخيص بإحداث جامعات خاصة. وفي هذا السياق شددت الوزارة على استكمال البنى التحتية في الجامعات الخاصة الجديدة, واضطرت إلى إيقاف التسجيل في بعضها حتى تستكمل هذه الجامعات بنيتها التحتية لتتمكن من استقبال الطلبة في أبنيتها الدائمة بالشكل الأمثل. أكدت الدكتورة الشعال أن أي تجاوز لشروط القبول التي حددها مجلس التعليم العالي سيعرض الطالب إلى إلغاء تسجيله في الجامعة التي سجل فيها بطريقة مخالفة , مشيرة إلى أن شهادات الثانوية العامة ستدقق من قبل مديرية المؤسسات التعليمية الخاصة ووزارة التعليم العالي في بداية التسجيل وعند التخرج وفي حال تبين لدى وزارة التعليم العالي أن قبول الطالب مخالف للشروط التي حددتها وزارة التعليم العالي سيفصل من الجامعة , وفي حال تخرجه فلن تصدق شهادته من وزارة التعليم العالي , وبينت أن الدرجات العلمية التي تمنحها المؤسسة المعتمدة معادلة حكماً للدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات أو المعاهد الحكومية في سورية حسب المادة الرابعة من المرسوم التشريعي الناظم للجامعات الخاصة . وأكدت الدكتورة فاتنة أن شهادات الجامعات الخاصة معترف بها من قبل وزارة التعليم العالي,ويخضع خريجوها لامتحان لاعتماد شهادتهم, وهو إجراء آني لمعرفة السوية العلمية لكل جامعة, ولا يعني ذلك التشكيك بشهاداتها التي تمنحها, إذ لو كان هناك أي شيء من هذا القبيل لما أعطي الترخيص. وأضافت الدكتورة الشعال أن الوزارة بصدد إجراء امتحان تقييمي لخريجي الجامعات الخاصة بهدف الوقوف على نجاح تجربة التعليم العالي الخاص في سورية, مضيفة أننا بشأنها ندرس آلية إجراء هذا الامتحان وما هي الخطوات التي ستتخذها الوزارة . وحول الهدف من تخفيض معدلات القبول في الجامعات الخاصة, فتقول: (يجب أن نكون منسجمين مع باقي الجامعات الخاصة في دول العالم التي لا تطلب معدلات كبيرة للدخول إليها, لذلك كان قرار الوزارة بتخفيض المعدلات لإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من الراغبين والقادرين على الدراسة في الجامعات الخاصة. وتؤكد د.فاتنة أن هناك ضوابط تفرض من قبل وزارة التعليم العالي لمفاضلة الجامعات الخاصة حيث يحدد الحد الأدنى من الدرجات المطلوبة لكل كلية في الجامعات الخاصة, ولكن تترك الوزارة حرية رفع السقف الذي حددته إلى الجامعة الخاصة نفسها , وبالتالي فإن التسجيل في الجامعات الخاصة يخضع لمفاضلة ذات مستويين : الأول لا يمكن تجاوزه وهو مفروض على كل الجامعات الخاصة من قبل وزارة التعليم العالي , والمستوى الثاني اختياري تحدده كل جامعة على حده بما يناسبها .... أخيرا السؤال الذي يمكن طرحه هنا هل ستثبت الجامعات الخاصة جدواها أمام الجامعات العريقة كجامعة دمشق التي خرجت آلاف الطلاب السوريين والعرب? أم أن التجربة لا تزال في أطوارها الأولى ومن السابق لأوانه إطلاق أحكام نهائية حولها? ومع تطور التعليم الخاص.. ما مصير الجامعات الحكومية ? هل ستفتح آفاقاً جديدة أمام الكثير من الإشكالات المثارة حولها,هل ستتمكن من تطوير ذاتها,وإعادة النظر في مناهجها وأساليبها التعليمية,أم أنها ستتقاعس عن أداء دورها بوجود مغريات الجامعات الخاصة التي يمكنها أن تجذب كل مميز في جامعاتنا الحكومية.. وما هي السبل الكفيلة لتضييق الفجوة الكبيرة التي أحدثتها الجامعات الخاصة? ولعل السؤال الهام والذي يثير مخاوف كبيرة لدى شريحة واسعة من أبناء الطبقة الفقيرة هل سيتم الربط بين التعليم الخاص والعام ويصبح التعليم الجامعي حلماً في سورية لدى الطبقات الفقيرة?! |
|