|
الصفحة الاولى ولأجل ذلك راح كل فريق أو طرف انضوى في جبهة العدوان يحلم بحصته من الكعكة بعد سقوط محور المقاومة بشكل متتال. فهذا يحدد لنفسه ودولته فضاء استراتيجيا يشمل المنطقة كلها وهذا يمني النفس بحكم بلده منفردا بعد تهميش الاخرين وابعادهم وذينك يتصور بأن الطريق ستفتح له لاقامة امبراطوريته الكونية .. اما الصغار ممن تظللوا تحت خيمة واهية اسمها المعارضة السورية فقد حلموا بسلطة ومال ونفوذ ينقاد اليهم ويحملهم للتربع على كراسي الحكم في سورية رضي الشعب في ذلك ام رفض . لكن الميدان اظهر البراعة السورية في ادارة المعركة الدفاعية التي خاضتها سورية ومعها المكونات الاصلية لمحور المقاومة وظهرت احلام المعتدين واهية غير قابلة للتحقيق . وكانت المواجهة الدفاعية تسير بثبات وفقا لخطة واستراتيجية واعية تتقبل تحمل بعض الخسائر من اجل تجنب الوقوع في الافخاخ التي تنصب بخبث من قبل المعتدين، استراتيجية تجنبت نشر الجيش وتشتيته ، وتجنبت الخوض في معارك كبرى دون ان يكون الافق مكشوفا وتجنبت تغليب الاهتمام بالحجر وبالنيان على الاهتمام بالمجتمع والانسان وتجنبت الانزلاق الى الكمائن السياسية والعسكرية والاقتصادية التي نصبت للدولة والتي تقود لانهيارها الاكيد والسريع كما يتمنى المعتدون . لقد تمكنت سورية مع ادارتها الناجحة لمعركتها الدفاعية ان تحتفظ بجيشها متماسكا رغم سقوط بعض عناصره وفرارهم خيانة لقسمهم ، وتمكنت من الاحتفاظ بمكانتها الدولية كدولة قائمة لا يتزعزع الاعتراف بها تحتل مقعدها بجدارة في الامم المتحدة وتثبت مدى كفاءتها في شغل ذلك ، وتحتفظ بجسم دبلوماسي متماسك دون ان تسقط من عقده حبة مهما صغرت ، ولم تتأثر هذه المكانة الدولية من قريب اوبعيد بالقرارات التي صدرت عما يسمى « الجامعة العربية» بتعليق عضوية سورية فيها ، اذ ان التي تضررت من هذه القرارات هي الجامعة نفسها دون ان تتضرر سورية ، وحافظت الحكومة السورية على مرجعيتها الحصرية في ادارة البلاد ولم تؤثر في صدقية هذه المرجعية قيام بعض الجماعات المسلحة والارهابية بالدخول الى هذه المنطقة اوتلك وافساد امنها وزعزعة استقرارها ، فتلك الجماعات لم تستطع ان تقيم منظومة سيطرة سياسية وادارية تنازع الدولة في شرعيتها . وانطلاقا من هذه الحقيقة التي تؤكد قوة سورية بذاتها جاءت القوة الاضافية التي شكلها محور المقاومة عندما التف على سورية الدولة الثابتة في تماسكها ومظهرها كدولة مؤهلة للبقاء والاستمرار وخاض معها معركتها الدفاعية التي اعتبرها معركة المحور كله . وكان تماسك هذ المحور حول سورية ومعها يشتد كلما كان تقدماً في المعركة الدفاعية ، واستطاع بذلك ان يصمد اولا بوجه موجات العدوان المتلاحقة والتي اتت في معظمها من الخارج ، ثم يحتوي هذا العدوان في مرحلة ثانية ، ثم ينتقل الى الدفاع بالاسلوب الهجومي الاقتحامي في المرحلة الثالثة التي بدأت منذ نيف وثمانة اشهر والتي ما زالت مستمرة تحقق النجاحات التراكمية بشكل يقطع باخفاق العدوان وفشله في تحقيق اهدافه التي من اجلها انطلق منذ 3 سنوات. في ظل هذا المشهد الذي يظهر تماسكا ونجاحا على جبهة الدفاع ، بدأت ارهاصات الهزيمة والتصدع تظهر على جبهة المعتدين ، وسجل في في هذا السياق تراجع وانهيار على اكثر من صعيد وتحت اكثر من عنوان . فعلى صعيد منظومة ما سمي ب»اصدقاء الشعب السوري « وهي التسمية التي اطلقت على تجمع الدول التي انخرطت في العدوان على سورية ، نجد ان عدد هذه الدول تراجع من 133 دولة وهوالعدد الذي بلغه في اجتماع المغرب قبل سنتين ، الى ثمانية فقط هم الذين التقوا في الاجتماع الاخير وفيهم الدول الاساسية التي تقاتل بمالها واعلامها فضلا عن جنودها في سورية . وعلى صعيد الانخراط المباشر في مواجهة محور المقاومة والعداء الاستفزازي لمكوناته ، يسجل تراجع بشكل جذري وواضح . وهنا نذكر كيف تصاعدت العقوبات الدولية ضد ايران خلال السنوات الثلاث الاخيرة بحجة الملف النووي ، وكيف ادرج ما سمي الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الارهاب للاتحاد الاوروبي ، اما الان فان اتجاه الامور يتغير عكسيا حيث نجد كيف اعترف العالم بحق ايران بالتقنية النووية واستعداده للتراجع التدريجي عن العقوبات المفروضة بحقها وكيف يسعى الاوروبيون بطرق صريحة اوملتوية لترميم جسور العلاقة مع حزب الله وتناسي ما فعلوه بحقه . اما الاهم من كل ما ذكرنا فنراه في سلوك بعض الدول الاقليمية التي كانت رأس حربة في العدوان على سورية . ويأتي في طليعة ذلك تركيا التي ايقنت ان طموحها بامبراطورية اخوانية والذي قادها الى انتهاج تلك السياسة العدائية ضد سورية ومحور المقاومة هو طموح عقيم وان الاستمرار في المراهنة عليه امر خطير بعد سقوط الاخوان في مصر ، ثم ان التحولات التي يشهدها الاقليم باتت تنذر بابشع العواقب لها . لكل ذلك وحتى تقي نفسها شر اعمالها او بعضها انقلب التركي الاردوغاني على مواقفه السابقة وذهب الى ايران والعراق وابدى الاستعداد للانسحاب الكلي من العدوان على سورية ، حتى واستعداده لاعادة العلاقة مع الدولة السورية – اذا رضيت حكومتها بذلك . ويضاف الى تركيا قطر شريكها في القيادة الاخوانية ، حيث نجدها اليوم تبحث عن طرق ومعارج تخرجها من ماضيها الاسود وتعيدها الى علاقة مقبولة ما مع سورية . ثم نجد دولة الامارات التي ذهب وزير خارجيتها الى ايران مبديا الاستعداد لصفحة علاقات جديدة معها ومع حلفائها طبعا . ثم لا يغيب عن البال رسائل عربية مباشرة اوغير مباشرة توجه الى سورية اوحلفائها وكلها تؤكد على الاستعداد لإعادة العلاقة الى طبيعتها والتنصل من مفاعيل القرارات الاخوانية – الوهابية التي صدرت على ما سمي جامعة عربية. والى هذا التصدع السياسي ، اونتيجة له نجد ايضا ما هوادهى وامر منه في الميدان من تصدع وتفكك وتناحر بين الجماعات المسلحة بشكل يؤكد بان قوى هذا واقعها هي قوى عاجزة عن تحقيق اي انجاز ميداني مستقر ، واذا مكنها ظرف ما من احداث خرق في اتجاه اومكان معين فان هذا الانجاز سرعان ما ينهار وينقلب المشهد ضد هؤلاء كما حصل ويحصل في اكثر من منطقة سواء في ريف دمشق بغوطاته ومنطقة القلمون او في حمص وريفها اوادلب وحلب وريفهما حيث يتقدم الجيش العربي السوري والقوات الرديفة بقدم واثقة ثابتة تراكم الانجازات الميدانية التي يبنى عليها وتؤشر الى الاتجاه النهائي العام للمواجهات . اذن نجد وبكل وضوح مقابل تماسك جبهة الدفاع وقوتها ، تفكك جبهة العدوان على سورية بكل وجوهها ، وبهذا انقلبت الحرب الكونية التي شنت عليها منذ 3 سنوات لتنحصر اليوم وتبدو وكأنها حرب سعودية سورية على الارض السورية ، تزج فيها السعودية كبار ضباطها وتحشد لها كل ما يتاح لها في هذا المجال، دون ان تجد حرجا في عقد حلف مع اسرائيل لتكون شريكتها المباشرة في العدوان ، وان تستعمل في تنفيذه الاردن ولبنان كجسرين رئيسين للوصول الى الداخل السوري , وان تشعل الشمال اللبناني خدمة لهذا العدوان ولكن هنا قد يتساءل العاقل قائلا :»اذا فشلت الحرب الكونية على سورية عن تحقيق اهدافها فهل تستطيع السعودية وحدها (مع دعم اسرائيلي) تحقيق ذلك «؟ ردا على هذا التساؤل نقول اذا كان عقل في مكان ما لدى المسؤولين السعوديين ، فعليهم استخلاص العبر والاجابة بالنفي ووقف العدوان والتوقف عن سفك الدماء من غير طائل ودون امل بالنجاح ، اما في غياب العقلانية فسيكون استمرار للعمل العدواني الانتحاري الذي لن يحقق للسعودية شيئا من اهدافها وسيرتد عليها مهما جهدت بعد ذلك لتلافي عواقبه .وتبقى سورية مضطرة لاستكمال ما حققت من نجاحات في الميدان علما بأن هزيمة العدوان باتت امراً لا يناقش فيه اثنان من العقلاء...اما جنيف فانتظاره قد يطول .. بعض الشيء . |
|