تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تصرفوا كما الأمهات

معاً على الطريق
الجمعة 17-1-2020
ديب علي حسن

خذ أخبارها من صغارها،مقولة رددها أجدادنا ، وهي حقيقة صحيحة ، فالطفل لايعرف الكذب ولا المهادنة أو مانسميه الآن سياسة نفاق اجتماعي..يقول ما يعرفه بلا تردد، ولاخجل ، كثيرا ما يتصل أحد ما يسأل الطفل عن أبيه مثلا، فيرد ببراءة قائلا : ابي يقول لك إنه ليس هنا ..وقس على ذلك الكثير .

ما يجري في عوالم الطفولة من أحاديث بريئة وبصوت عال انتقلت إلى الكثيرين منا ،سواء كان الأمر بحسن نية أم غيره، يعلو الصوت والحديث، واليوم لاهمّ للمواطن غير لقمة عيشه وما يكابده من أمور، حديث الشارع عامة , الصغير من الأمور يصبح كبيرا ، كما كرة الثلج يتقاذفها اللاعبون إلى أن تغدو جبلا لايمكن أن يذوب بأيام قليلة .‏

في غمرة الحديث عن غلاء الأسعار وجنونها،وقلة الضمير عند تجارنا ، تناقلت الصفحات ارقاما مرعبة لبعض السلع ،مساء أحد الايام همس أحدهم قائلا : صحن البيض ب2500ليرة ، صمتنا جميعا ، اخذتنا الدهشة ،هل يعقل ذلك؟‏

في اليوم التالي توقفت قرب محل لبيع البيض، وكان السعر من 1600إلى 1700 ليرة ،يا إلهي ماذا يجري وكيف ،ولماذا نركب موجة النقل والنسخ واللصق ، ومن نخدم بذلك ؟‏

ولكن .. أيضا أرجو ألا يفهم مما أقوله إني أدافع عن أي احد ،عن اي تاجر ، لا ،الأمر مزعج جدا ، وليس بالعابر ..وإن حديث الضائقة الاجتماعية والاقتصادية بين كل اثنين يلتقيان ، في الشارع، في السيارة ، في المحل التجاري ، والسؤال الدائم على الألسن : إلى متى، ولماذا يصمت المسؤولون ، لم يتحركوا ، كيف تجد ما تريد بسعر مرتفع جدا ،ولاتجده بالطريقة العادية، وتعرف أنه ممول من حساب الدولة ؟‏

أسئلة تكبر ،وتترسخ ، والصمت سيد الموقف، لا أدافع عن جهة مسؤولة أبدا، بل عن طيبة الشعب السوري ،وقدرته على التحمل والصبر والعطاء ،عن قدرته على الفداء ،ولكن على الوجه الآخر ثمة ما يؤرقه ، ما يجعله يسأل : لماذا لا تدار مواردنا بشكل عقلاني ،نعرف أن ثمة حصارا فتاكا ..نعرف أننا بمحيط من الأعداء، وربما أقربهم إلينا من يأكل بيننا ،وينقل من خيراتنا إلى بلده ، ولكنه لايتورع عن ذبحنا وهو على موائدنا كسوريين .‏

هذا كله نعيه ، وببساطة يمكن القول : إن إدارة مواردنا الحالية بشكل ربع جيد كفيل أن يحلها ،من معزوفة الغاز إلى المازوت،إلى الكهرباء ،وغيرها،لا نطلب المستحيل، ولا نريد العسل بشهده ..‏

ولن نكون أوفياء لوطننا ودماء شهدائنا إن لم نقدر ما ارتقوا من أجله ،نفعل ذلك،ولكن أليس من حقنا أن نقول لمن يديرون مقدرات البلد أن كونوا معنا ،ابحثوا عن حلول خلاقة ،الشعب الذي غيّر العالم وحارب أعتى قوى الشر العالمي لديه الطاقات القادرة على الفعل ،نعم ،نحن أقوى الآن..ونصرنا تجذر،ولكن الكثير من الادارات تنفّر.. تبدد ..تهدر..نريد إدارات قادرة على الفعل الحقيقي ،لا الخطط الوهمية،من لايعمل للحظة لن يكون قادرا على اجتياز اليوم للغد،ثقتنا كبيرة أن وطننا كبير عال،غال،شامخ ،فنبحث عما يحيي الناس،ونحن قادرون..أديروا مواردنا بربع ما تدير به الأمهات بيوتهن وسترون أننا تجاوزنا ما نحن فيه مؤقتا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية