|
اقتصاد عربي و دولي و لم يتردد خبير سويسري في وصفها بـ «سرقة الأراضي»، في حين اعتبرها المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة نوعا من «الاستعمار الجديد». جاء ذلك في سياق الاجتماع الذي عقدته اللجنة الاستشارية قبل بضعة أسابيع لمناقشة موضوع التمييز في مجال التمتع بالحق في الغذاء، ووفقا لموقع (سويس أنفو ) فقد تم خلاله الاستماع إلى نتائج دراسة قدمها خمسة خبراء تناولت بإسهاب واقع التمييز في مجال الحق في الغذاء الذي اعتبر «المأساة الأكثر انتشارا في العالم اليوم» بحكم وجود أكثر من مليار نسمة يعانون من سوء التغذية فوق سطح الأرض. و تطرقت الدراسة إلى أوجه جديدة من الممارسات التي قد تزيد في تعميق هذه المأساة ومن بينها ظاهرة تأجير الأراضي الزراعية من قبل دول غنية لإنتاج منتجات يُعاد تصديرها وبالتالي حرمان أبناء البلد من مواد زراعية وغذائية تُستهلك في نفس المكان. سرقة أراضي القارة السمراء وانتقد الخبير السويسري جون زيغلر خلال الاجتماع هذه الممارسات واصفا إياها بأنها «سرقة الأراضي من قبل دول غنية أو من قبل صناديق استثمار أجنبية أو كبريات الشركات بهدف زراعة وإنتاج نباتات موجهة لصناعة الوقود البيولوجي الإيتانول». وأشار إلى وضع إثيوبيا التي أشترى فيها صندوق استثمار أمريكي أكثر من عشرة ملايين هكتار من الأراضي الخصبة ، مؤكدا أن ما يثير القلق الشديد هو أن هذه الصفقات تتم علانية وبعلم الجميع وبموافقة مؤسسات دولية مثل البنك الدولي». ولا يقتصر الأمر على أثيوبيا وحدها، بل أشارت تقارير إعلامية إلى أن شركة «دايو» الكورية الجنوبية كانت تعتزم شراء 1،3 مليون هكتار من الأراضي الزراعية في جزيرة مدغشقر عام 2008 لزراعة الذرة والنخيل واستخراج زيت النخيل، بغرض تصدير المنتجات إلى كوريا ولكن رد فعل السكان المحليين الغاضب بعد نشر التقارير أدى إلى إحباط المشروع. وفي كينيا يدور جدل حاد حول توجه الحكومة إلى تحويل حوالي 20 ألف هكتار من الأراضي الرطبة الساحلية إلى أراض لزراعة قصب السكر، قسم منه لتعزيز صادرات السكر والقسم الآخر لتصدير الوقود البيولوجي «الايتانول». وتبرر الحكومة ذلك بتعزيز القدرات الاقتصادية للمنطقة المعنية وتوفير حوالي 20 ألف فرصة عمل إضافية لكن المعارضين يرون في ذلك إتلافا وقضاء نهائيا على المراعي و هي المورد الطبيعي لسكان المنطقة من تربية الماشية وتساندهم عدة جمعيات مدافعة عن البيئة ترى أن المناطق الرطبة هي موطن لحيوانات نادرة و تغيير بيئتها قد يعرّضها لخطر الإنقراض. دول عربية في السباق .. وبطبيعة الحال لا يمكن تعميم هذه النظرة على جميع الشركات والدول خصوصا بعض الدول العربية التي بدأت تستثمر أراضي خصبة لزراعتها بمنتجات تستهلكها في سوقها الوطنية دون انتقاص حقوق أصحابها . ومن بين هذه البلدان، دولة قطر التي تعتزم استثمار حوالي 40 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في دلتا نهر «تانا» في جمهورية كينيا بغرض تخصيصها لزراعة الفواكه والخضار و تتمكن بموجبها قطر من حق استغلال هذه الأراضي، بينما تحصل كينيا في المقابل على تمويل لبناء ميناء في جزيرة «لامو» الساحلية. ومن أهم الانتقادات التي توجهها الأوساط المعارضة إلى المشروع هو أنه يحدث في وقت تشهد فيه كينيا نقصا في الغذاء وارتفاعا مضاعفا في أسعار الدقيق والذرة. أما البلد العربي الثاني المهتم باستثمار أراض زراعية في بلدان فقيرة فهو السعودية التي تنوي تخصيص تلك الأراضي لزراعة القمح حيث أبدت أثيوبيا رغبتها في وضع مئات الآلاف من الهكتارات تحت تصرف من يرغب في الاستثمار وخصصت حوالي مليوني هكتار من الأراضي في مقاطعتي أمهارا وأورومي لهذا الغرض وقد سبق أن منحت 7000 هكتار إلى جيبوتي من أجل زراعة القمح. هل هي امتداد لظاهرة قديمة ؟ ورغم هذا الانتقاد اللاذع لاستثمار الأراضي الزراعية الخصبة في افريقيا من قبل دول غنية ، فإن النقاش بشأنها في المحافل الدولية لا يزال في مرحلته الأولية ، ولم يتبلور بعد وصولا إلى معايير وأخلاقيات عالمية تلزم الجميع بها . وبالنظر إلى هذا الجانب التاريخي لهذه الظاهرة، فهل يكون مدير منظمة الأغذية والزراعة جاك ضيوف على حق ولو جزئيا في وصفها بـ «الممارسات الاستعمارية الجديدة» ..أم أنه لا يمكن تعميم جميع الممارسات وفق معيار واحد فالدول الفقيرة لا تستطيع استثمار أراضيها بمفردها ،وهناك دول ترغب بالاستثمار العادل وبشروط معلنة وليست سرية ؟؟ Kassem58@hotmail.com "> Kassem58@hotmail.com |
|