|
موقع alter info جورج بوش الابن الرئيس الأميركي السابق عدّ نفسه مفوضاً من السماء عندما قسم العالم إلى محوري الخير والشر ونصب نفسه زعيماً على قوى الخير، مقرراً إهانة قوى الشر وإقصاءها لأنها خطر على قيم العالم الحر، وتفتقت ذهنيته عن أن الذين ليسوا مع الولايات المتحدة هم في عداد أعدائها، وبالتالي ينتمون إلى محور الشر وعلى الجميع أن يضع هذا الخطاب قرطاً في أذنه ويعلم أنه لامجال لخدمة سيدين. ولكن السيد يفتقد العدالة والحقيقة والرحمة والتضامن، ديدنه الكذب وحب السلطة والثروة. فالعالم الحر الذي ينتمي إليه بوش يشرّع الحرية كاملة للأقوياء بالقيام بما يعدونه حقاً لهم، بغض النظر عن الآثار المدمرة للجنس البشري وإذا ثارت الشعوب على ذلك وقالت لا فإنها ستصنف في عداد الإرهابيين من محور الشر. وعندئذ بمقدور الأخيار خوض المعركة انتصاراً لمحور الخير الذي يتمتع بكل الحقوق والذي يميل القانون الدولي تبعاً لأهوائه. فكيف يمكن أن يكون ثلث البشرية المتحضر و(الأوروبيون) من ضمنه منقاداً وراء خطاب كهذا ؟ وكيف لايشكك فيه بل يرشحه وهو يصوت في كل الانتخابات ليتماشى مع سادة نظرية الخير والشر كما حددها بوش؟ ثمة مؤشرات تمثل لنا تحدياً قد تخرجنا من هذا الامتثال الأعمى أو الانقياد الذي ورطنا أنفسنا به. أكثر من مليون مدني عراقي قتلوا منذ عام 2003 بغض النظر عن آلاف القتلى والجرحى من الجنود أو من الذين أصيبوا بإعاقات نفسية وجسدية لن يبرؤوا منها حتى مماتهم. التعذيب الذي روّع العالم بوحشيته وساديته، ترى من الذي أمر بإيقاعه بالناس؟ في الشرق الأوسط ثمة دولة مارقة اسمها إسرائيل وهي الأكثر بلطجة في العالم وتفرض نواميسها معتمدة على رضا الولايات المتحدة، كبرى زعيمات محور الخير وزعيمة كل من أطاعها طاعة عمياء، فبينما كان أسطول السلام متجهاً إلى غزة تعرض لهجوم الإسرائيليين وسقط 19 شخصاً إضافة إلى 60 جريحاً، ولكن الفقاعة التي نعيش فيها على الرغم من ضآلة ثخانة جدرانها تحجب عنا ما يجرى ليس فقط بشأن غزة بل في أكثر من مكان في العالم، والوهم الداخلي بالحرية يتبدى يوماً بعد يوم وتظهر هشاشة الحرية في الغرب. وفي أفغانستان ليست الأمور أحسن حالاً لمّا كان الغزاة بقيادة المعلم الروحي لمحور «الخير». والعار لاينحصر في النقاط الثلاث السابقة فحسب، بل إن تلك النفوس التي تمنح نفسها حق التصرف على هواها تلجأ إلى كل السبل لمنع الشعوب من تقرير مصيرها وتطلعها إلى سيادتها الكاملة في بوليفيا وفنزويلا و هندوراس وكولومبيا على سبيل المثال. فالشعب الأميركي يعيش في وهم ديمقراطية لاشيء يحد منها، ويكفي فقط النظر إلى سياسات أوباما الذي وضع الشعب الأميركي فيه كل آماله، فهل نسي الأميركيون آمالهم؟ ومن الواضح أن ما يجعل هذا النوع من فقدان الذاكرة الجماعي يصب الجمهور الأميركي هو قوة وسائل الإعلام التي يسيطر عليها مهندسو محوري الخير والشر الذين يطبخون الأخبار لاستعباد العقول وليس لتحريرها. وأمام كل هذا الصلف ماذا تقول مؤسساتنا الكبرى التي تتمثل مهمتها في تقديم رؤية عن حرية العالم وكشف القوى التي تقوّضه وإظهار القوى التي تحمل قيم العدالة والحق والحياة؟ فبدلاً من أن تنتقد بلا مهادنة قوى الفوضى، فهي متواطئة معها وتلجأ إلى اعتبارات شكلية تتعلق بالحق والسلام والعدالة دون الحديث عن اغتصاب تلك القيم التي يتلاعب بها مصممو محور الشر والخير بهدف استعباد الناس وتوسيع هيمنتهم في أنحاء الأرض. لحسن الحظ أن الإعلام البديل يتيح لنا رؤية العالم بشكل مختلف عما تصوره لنا قنواتنا التلفزيونية وتجعلنا نفكر في اتجاه آخر غير الذي يقدمه لنا المحللون والإخباريون في بلادنا. بقلم : أوسكار فورتن |
|