تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مكتبة في الجيب

رؤية
الأحد 13-6-2010م
محمد قاسم الخليل

لا نعرف ماذا ستقدم التكنولوجيا في الزمن القادم من تقنيات على صعيد نشر المعرفة والتوسع في تطوير الوعاء المعرفي، لكن بالتأكيد نحن محظوظون أكثر من الأجيال السابقة في الاطلاع على كمية هائلة من الأخبار والمعارف والكتب بيسر وسهولة.

قبل الطباعة كان الناسخون يواصلون الليل والنهار من أجل نسخ كتاب تتراوح مجلداته بين العشرين والثلاثين كتاريخ دمشق أو الأغاني ،بل إن بعضهم كان يرى في نسخ الكتب نوعاً من العبادة لأنه يزود الناس بالعلم والمعرفة.‏

ثم كانت الثورة في الطباعة التي أسهمت في زيادة رقعة انتشار الكتاب لاسيما بعد انتشار التعليم على نطاق واسع، ثم قامت في بعض البلاد سياسة توفير الكتاب بسعر رمزي، وصدرت سلاسل معرفية مثل كتاب الجيب والكتاب للجميع واقرأ.‏

لكن الثورة الكبرى في عالم الكتب جاءت في زمننا، حيث كثر من الجهات الثقافية الخاصة والعامة تنشر الكتب على المواقع الالكترونية، وأصبح بإمكاننا أن نتصفح وأن نخزن في حاسوبنا الشخصي مئات الكتب، وهي تحتاج إلى عمر مديد لنقلب صفحاتها تقليبا، فكيف الأمر إذا أردنا أن نتمعن فيها ونقرأها قراءة المتدبر الذي يريد أن يستوعب ما فيها.‏

من المفارقات الطريفة أنهم في الستينيات كانوا يعتبرون أنفسهم محظوظين عندما يضعون كتابا في الجيب باعتباره خفيفاً ظريفاً، يمكن أن يستخرجه صاحبه في الحدائق أو القطارات.‏

ولكن كيف ننظر الآن إلى أنفسنا ونحن نحمل في جيبنا قطعة صغيرة تسمى (الفلاش ) تحتوي على آلاف الكتب ولا يزيد وزن هذه القطعة عن خمسين غراما - أي ربع وقية - وربما أقل، ويمكن أن نستعرض ما تخزنه هذه القطعة في أي مكان بواسطة الحاسوب الثابت أو المحمول أو الآي باد الذي يقرأ لنا الكتاب ونحن مستغرقون في التأمل بما نراه .‏

ولكن السؤال الذي ينزل على الرأس: هل نقرأ حقا لنكون محظوظين أكثر ممن سبقنا ؟!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية