|
حديث الناس ولأن المسألة تنطوي على ماهو ارادي وحواري في آن معا مع الذات ومع الآخر, وعلى ماينبغي ان يكون له جذر نفسي وتربوي, فانها ايضا تنطوي على ماهو اخلاقي وقيمي حداثي .. ينبغي ان يسود ويعم, وبالتالي, يتحول الى منظومات من السلوك, لاندعي تبنيها والاخذ بها فحسب, بل تمثلها والتماهي فيها, لتكون عرفا عاما وضميرا اخلاقيا لنا جميعا . وفي قطاع ادارة العمل والانتاج, تأخذ المسألة بعدا تكامليا بين الادارة والعامل, كل منهما يستجيب للآخر ايجابيا, او يقومه او يحرض على كشف اخطائه وتصحيحها, فلا تعود الادارة الفاسدة قضاء مبرماً, ولايعود العمل غير المنتج وغير الايجابي قدرا لامفر منه, فإذا فسدت الادارة تناقضت بالضرورة, اخلاقيا على الأقل, مع مرؤوسيها, وبالتالي, انكشفت وافتضحت قبل ان تستفحل وتتسرطن, وإذا فسد بعض المرؤوسين, كان فسادهم بالمقابل ظاهرا امام اداراتهم, وتحت عين الرقابة والمساءلة ? بعض حالات الفساد الاداري تنتمي الى هذا النوع من التواطؤ السلبي الهدام بين ادارة ما وبعض مرؤوسيها, فثمة ادارة فاسدة لاتحتكر الفساد وحيدة, بل توزع بعض فتاته على بعض مرؤوسيها, يشكلون فرقة من الطبل والزمر لاتلبث ان تبدأ العزف الصاخب بمجرد تلقي الاشارة من بؤرة الفساد, تقدم شهادات مزورة لادارة فاسدة, والثمن عادة يكون زهيدا ورخيصا الى حد الفتات .. التغاضي عن الدوام, او احتساب اعضاء الفرقة بمكافأة ما سنوية, او تكليف اعضائها بأعمال ذات هوامش مالية كلجان الشراء والاصلاح وغيرها.. الخ. ولشدة غباء العزف والعازفين والمايسترو, تأتي بعض النغمات متطابقة ومتكررة بين عازف وآخر, حتى ليكتشف المرء بسهولة ان الادارة الفاسدة, وبعد ان كشفت جهة ما فسادها, كالاعلام مثلا, حددت النغمات والالات باجتماع طارئ دعت اليه اذنابها ولقنتهم الافكار جملا موسيقية متشابهة, ثم سلمتها للببغاوات ! هذا جانب من ازمة اخلاقية, نعيش بعضا من فصولها ونماذجها لدى بعض الادارات الانتهازية, التي تتحدث في الاصلاح والتحديث اكثر مما تصلح وتحدث, تناور وتموه وتضلل اكثر مما تعمل وتجتهد! |
|