|
معاً على الطريق طبعا , من حق آدلر أن يرى ما رأه, وأن يقنع نفسه بموضوعية المنطق الذي يرضيه, بيد أن رؤية كهذه, ليس شرطا أن ترضي أو أن تقنع الآخرين ممن هم حوله أو من قرائه فعلى سبيل المثال, يقول وزير خارجية فرنسا الأسبق ( أوبير فيدرين ) كما لو كان ردا على ما رأه آدلر: إن العصر القديم قد انتهى بالفعل مع انهيار الاتحاد السوفييتي وليس مع انهيار برجي التجارة, ويتساءل, في الوقت ذاته, بما معناه هل حقاً سيكون كل شيء مختلفاً بعد تاريخ الحادي عشر من أيلول عما كان قبله?. ونحن نقرأ قولا كهذا أو ذاك, ترانا ننظر - أو يجب أن ننظر إلى هذه المسألة - مسألة القديم والجديد, متى بدأ العالم أو انتهى بعين عربية- إن صح التعبير- من دون تطرف? وهل يحق لنا القول إن هزيمة النازية في الحرب العالمية الثانية في العام ,1945 تصلح لأن تكون مؤشرا لنهاية عصر وبداية عصر جديد?. وهل يمكننا الاستناد إلى حدث غزو الفضاء مع الرائد السوفييتي يوري غاغارين والدوران حول الكرة الأرضية في العام 1961 بداية الجديد وانتهاء القديم في سجلات التاريخ? وأيضا إلى ما هنالك من أحداث شكلت منعطفات حاسمة في التاريخ البشري المعاصر, هذا في حال تجاوزنا أحداثا قديمة نسبيا كان لها وقعها في مثل هذه الرؤى السياسية لدى كثيرين من دارسي التاريخ?. لعل ما يلفت الانتباه, في إطار هذه الرؤى خصوصا أن أحدا من المؤرخين الأجانب أو من إعلامييهم ومفكريهم الاستراتيجيين, لم يقارب حدثا عربيا ليكون عتبة خروج من عصر قديم لدخول عالم جديد, كأن العرب عموما, بتاريخهم وواقعهم, هم خارج التاريخ, ولم يكونوا يوما صناع التاريخ الذي ينعم الأوروبيون بتداعياته الحضارية المعاصرة حتى يومنا هذا. المهم ليس أن يستوقفنا, نحن العرب, مثل هذا السجال بين مؤيد ومعارض لتاريخ بدء أو انتهاء عالم أو عصر من العصور, المهم أن تكون لنا رؤية حول ما لحق أو يلحق بنا من أحداث جديرة بأن تقرأ جيدا, لندرك كم هي المسافة التي تبعدنا أو تقربنا من عالم أو عصر مضى وآخر أطل علينا. إن قراءتنا لتاريخنا, لابد أن تضعنا أمام حقائق لا يمكن التقليل من شأنها, وبالتالي ستكون عونا لأبنائنا وأحفادنا, كي يتفهموا أن عصرا قديماً عشناه كان بفعل الاستعمار والهيمنة على بلداننا العربية ما أدى إلى تراجعنا أو تخلفنا عن مسيرة الحضارة, وأن عصرنا العربي هذا -إن صح التعبير- يمكننا أن نجدده بإرادتنا وعزمنا على البقاء أحياء مهما أحاطت بنا الصعاب. إن القديم هو ما ينبغي لنا أن ننبذه, والجديد هو ما ينبغي لنا أن نصنعه بأيدينا. فمسألة الـ(قبل) والـ(بعد) من حدث أىلول أو انهيار الاتحاد السوفييتي وغير ذلك من أحداث, مسألة فيها نظر, وبودنا أن تكون لنا أعيننا العربية لقراءة الأحداث العالمية وألا نبقى ننظر إليها بعيون غربية على أنها, هي وحدها, الصائبة. |
|