تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ثقافة بالألوان

ثقافة
الأحد 24/7/2005م
ديب علي حسن

قدم الجاحظ للادب العربي ما لم يقدمه غيره على مر العصور, فمن كتاب البيان والتبين الى كتاب الحيوان الى البخلاء الى الكتب الاخرى

التي صنفها في اصحاب المهن واحوال الزمن, لقد استطاع ان يلتقط صور الحياة بألوانها ولم يتردد عن السخرية المرة حتى من نفسه, فهو يروي انه كان في معسكر ما , واذا به امام امرأة طويلة القامة, وكان هو قصيرا فقال لها: يا اختاه هل لك ان تصفي الدنيا من عل..?! فأجابته قائلة: ولم لا تنهض انت وتراها?!‏

ويروي الجاحظ أنه كان قد الف كتابا عن (المؤدبين او المعلمين) ولكنه اتلفه لأن النوادر التي احتواها قد تسيء لهم, لكنه امام حادثة وقعت امامه وكان بطلها احد المعلمين اقسم ان يعيد تأليف الكتاب وان ينقل نوادرهم..‏

واستنادا على طول المرأة التي رآها الجاحظ,وقصر هامته, رأيت ان انقل صورا ملونة لاحداث ووقائع اظن انها تعني شريحة من ادركتهم مهنة الادب فأدركهم الفقر, وآمل ان ارى الدنيا في الحالة الوسطى بين الجاحظ والمرأة..‏

بعد خمسين كتابا...‏

منذ عشرين عاما التقيت احدا لمعنيين بالشأن الثقافي, بل والمساهمين في حراكها متابعة ونشرا, التقيته بمحض الصدفة واهداني كتابه موقعا من قبله ولم يقصر في اهداء الكتب, بل احيانا كانت تنتابه موجة كرم حاتمي تستمر عاما او عامين, لكنها تزول احيانا لتعود من جديد.‏

منذ ايام جلسنا معا كانت طلعته المقبلة على الحياة على الرغم من حرارة الصيف تدل على ان حدثا مفرحا قد حل به, تسريحة ما تبقى من شعره توحي بذلك المساحة الشعرية التي اكلتها هموم الثقافة والصحافة بدأت تعود .. بعد استدراج خفيف وبعد ان استعرض اوراق اليانصيب الخائبة التي تجاوز ثمنها الخمسمئة ليرة سألته: استاذ هاني ما الحكاية? فاجاب: بعد خمسين كتابا انجزتها وآلاف المقالات هل تصدق اني اليوم حصلت من حيث لا ادري على كلمة السر وكيف : بدأت اشتغل في الكتب التي تقرأ وقد انجزت كتابا بعنوان : (الطب الشعبي المجرب) وقد بيعت منه ودفعة اولى 5000 ألاف نسخة الى دولة عربية شقيقة, وما كادت الشحنة تصل حتى طلبت مني شحنة ثانية وبالعدد نفسه,بل ان دولة عربية شقيقة على ما يبدو غار قراؤها من اشقائهم طلبت اضعاف ما ارسلته الى الدولة الاولى نعم بعد خمسين كتابا دخل زميلنا (هاني الخير) كيمياء الطب الشعبي, وعلى روايته فانه يجرب ويبتكر كما ابتكر جدنا الجاحظ . ومبارك ولو جاء الاكتشاف متأخرا..‏

شاعر وكاميرا .‏

اعتز أن اول امسية شعرية حضرتها في حياتي كانت للشاعر الراحل محمد مهدي الجواهري في اللاذقية وبعدها امسية ايضا للشاعر الراحل محمد عمران, وبعد ذلك يمكن ان أعد مئات الاماسي التي لم تكن الا مضيعة للوقت وارضاء للشعراء الذين آمنوا بالاقتصاد ونقشوا لنا على كل صفحة كلمة او كلمتين وجاءت المجموعات الشعرية بياضا ببياض ولولا اسوداد وخجل البياض مما كتب عليه لدعونا وزارة الثقافة ان تشتري هذه المجموعات كلها وتعيد استخدام ورقها الذي يشكو بياضه .‏

وعلى كل حال, فان تكاثر الشعراء والشاعرات له وجهه الايجابي ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا, ثقافيا يحركون الجمود في مراكزنا الثقافية على الرغم من قلة الحضور, واقتصاديا ثمة آلات طباعة تدور وحبر يسال, وعمال يعملون, اما اجتماعيا, فكل شاعر او شاعرة تتعهد او يتعهد للاخر الكتابة عن مجموعته وتقديمه على انه الاول والاخير, ولكن المشكلة الاكثر صعوبة هي في عدم قدرتنا على المتابعة, فاحد هؤلاء الشعراء رأى ان من حق كل شاعر ان ترافقه كاميرا تلفزيونية وصحافي ينقل الى القراء صولاته وجولاته في اماسيه, وللحق نقول: قد فعلنا ذلك صحفيا وعندما لم نعد نستطيع ان نميز بين الشعر والنثر تأخرنا عن هذه المهمة النبيلة, فازداد حنق الشعراء لأننا مقصرون ولأن من يكتبون لا يرفعون الشاعر الى مرتبة بدر شاكر السياب ان لم نقل المتنبي.. وعلى ذكر الامسيات والاماسي فاني انصح من يريد ان يحضر هذه النشاطات ان يختار الجلوس بالقرب من معد الرسالة الثقافية للتلفزيون ان وجد, وان كان محبا للظهور على شاشة التلفزة لأن عين المصور اول ما تبدأ من حيث يجلس, ربما ان النصيحة ايضا مجانية وبابها مفتوح على مصراعيه, فأرى الا يعبر اي شخص الشارع الا حين تعبره الحسناوات وليس بالضرورة ان يكن شاعرات بل المهم ان يلتقط العابر اللحظة التاريخية وينجو من دهس محقق حين تمر قوافل الحسان ويتبعهن, لأن جاذبية الارض ستجعل اعتى السيارات تقف وبقدرة قادر حتى ينتهي العبور , فكيف بجاذبية الشاعرات والكاميرا?..‏

أقوال الصحف..‏

منذ عام أواكثر كتبت عن المزاجية التي تحكم من يعدون هذه الفقرة في اذاعة دمشق, اذ يعمد هؤلاء دائما الى الانتقاء الكيفي في عرض الصفحات الثقافية فعلى سبيل المثال يوم الثلاثاء لا يتم ذكر الصفحة الثقافية ولا الملحق الثقافي لصحيفة الثورة وما اكثر ما يفعلون ذلك حين تكون ثمة اسماء محددة اما حين يكون الاحباء فخذ ذكر الاسماء والتمجيد, هل نذكرهم ان احد زملائهم ذهب الى عاصمة عربية للمشاركة في فعالية ثقافية فلم يتركوا صحيفة او وسيلة اعلامية نقلت الخبر الا وتوقفوا عندها اذاعة وربما تحليلا, واظن ان الامر تبادل ادوار ففي (عين فنون) وجهت تحية الى معد حوار الصباح الذي يتكرر اكثر من مرة ثمة تحية لمعد الحوار واظن ان صاحب ( عين فنون ) من معدي صحافة الصباح ولهذا نذكره ان حوار الصباح يعاد ويكرر اكثر من مرة كما حدث مع مدير النقل الداخلي بدمشق- جميل ان يتآلف الاحباب والاصحاب, والاجمل ان تكونوا موضوعين, فما تتغافلون عنه, قصدا, سهوا, كيفما شئتم, لا يعني انه غير موجود, وربما غدا سوف يخرج منكم من يتحدث عن آليات تطوير التواصل الاعلامي, ولكن قبل ذلك تذكروا ان الدائرة ضيقة جدا جدا..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية