تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


جوقة التآمر في جولة جديدة ؟

شؤون سياسية
الأحد 28-4-2013
 محمد عبد الكريم مصطفى

قد يكون هذا هو المؤتمر قبل الأخير الذي يُعقد تحت لافتة (أصدقاء سورية) تجتمع فيه جوقة التآمر على سورية في جولة جديدة ومحاولة أمريكية لتوزيع الأوراق النهائية التي في جعبتهم لتأجيج الأزمة السورية وإطالة أمدها

بعد أن تيقنوا بأنها وصلت إلى حد لا يُمكن معه تجاهل صمود الشعب السوري وجيشه العربي البطل الذي بدأ العمل بتكتيك جديد مختلف كلياً عما كان يعتمده على مدى العامين السابقين حيث كان الجانب الإنساني أولوية أي خطوات على الأرض، لكن مع حتمية تنفيذ عملية الحسم، والحصول على الضوء الأخضر لاستخدام إستراتيجية القضاء النهائي على العناصر الإرهابية دون هوادة في كافة المناطق، مع إعطاء فرصة لكل من يرغب برمي سلاحه وتسليم نفسه للسلطات المختصة، ترافقت هذه الخطوة الجدية على الأرض مع إشاعة حالة من الذعر بين أفراد العصابات المسلحة وبعضها أخذ يبحث فعلياً عن منفذ للفرار هرباً من ضربات الجيش العربي السوري المركزة التي غيرت قواعد اللعبة في الداخل والخارج بكل ما تعني الكلمة من معنى، وأصبح الهم الأكبر للبلدان المصدرة للإرهابيين هو إيجاد طريقة للتخلص منهم قبل أن يتمكنوا من العودة إلى موطنهم الأصلي ويتحولوا إلى قنابل موقوتة تدمر بلدانهم ذاتها، كما عبر مفتي تونس الشيخ عثمان بطيخ موضحاً بعض الفتاوى التي أطلقها تجار الدين وهي تستخدم الدين مطية لأغراض سياسية ومخابراتية لا أخلاقية وخارجة عن حدود الإنسانية وخاصة فتوى جهاد النكاح وغيرها من الخلاعات الجديدة حيث قال:» جهاد النكاح بغاء وفساد أخلاقي وزنا باسم الدين»، وأكد الشيخ بطيخ أن الشباب التونسيين الذين سافروا إلى سورية للقتال فيها تعرضوا للتضليل وتم التغرير بهم بالأموال من قبل جماعات منظمة وأن الجهاد هو ضد الاستعمار الصهيوني في فلسطين. وطالب الدولة التونسية بالتصدي لظاهرة انتشار الأفكار المغلوطة في صفوف الشباب».‏

وبالعودة إلى اجتماع جوقة التآمر على سورية في اسطنبول نجد أن هذا الاجتماع اقتصر على من يُسمون أنفسهم أصدقاء سورية ممثلي الدول الداعمة للإرهاب في سورية بشكل مباشر وبرعاية أمريكية، وأن ما حصل داخل المؤتمر يدعو للسخرية حقيقة والتفاؤل في الوقت ذاته بقرب إنهاء حالة ما يُسمى ائتلاف الدوحة وتفككه نتيجة فقدانه لأي خطة إستراتيجية سوى استجداء الخارج لإطالة أمد الأزمة السورية من أجل تدمير مكونات القوة عند السوريين، والمطالبة بمزيد من الدعم المالي للائتلاف لتحضير مرحلة الهروب الكبرى التي يسعى إليها سيدهم الأمريكي أكثر منهم، لذلك نجد أن الأمريكان يُقدمون الوعود فقط بدعم لوجستي بأسلحة غير فتاكة أوغير مدمرة، وهذا لا يُلبي مطامح كومبارس الجوقة الفاشلة !!‏

من يُراقب السياسة الأمريكية والوعود التي تُطلقها في الاجتماعات المغلقة بعيداً عن الإعلام، والتزامها ببنود اجتماع جنيف الذي عُقد في حزيران من عام 2012 واستعدادها للعمل معا مع حلفاء سورية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية عبر الضغط على المعارضة التي تعمل تحت لواء أمريكا للدخول في مفاوضات مع النظام من أجل تنفيذ بنود جنيف، يُلاحظ أن الإدارة الأمريكية لا تعمل بمنهج ثنائي فقط بل ثلاثي ورباعي وأكثر وفق السوق الذي تعرض بضاعتها فيه، فموقفها في سورية يعتمد على إطالة أمد الأزمة السورية تحت أي خطة أو منهج، بالرغم من ظهور بوادر فعلية وانتشار الأعمال الإرهابية داخل الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها، ومن مواطنين أمريكان وهي إشارة ودليل على أن الإرهاب العابر للحدود لا يعرف مكانا أو زمانا ولا يعترف بحدود، نجد أن الإدارة الأمريكية تستمر في المراوغة والكذب وما قدوم/ 200 /جندي أمريكي إلى الأردن سوى مقدمة لإيفاد أكثر من عشرة آلاف جندي أمريكي لتشكيل قاعدة عسكرية أمريكية في الأردن يترافق وجودها مع نصب صواريخ «باتريوت» لمحاصرة سورية من جهة الأردن مساعدة «لإسرائيل» عند الضرورة.‏

إن لأمريكا تاريخاً أسود حافلاً بالتضليل الإعلامي لأهداف استخباراتية، وقد انكشف في العراق وفي أفغانستان وقبلها في كوريا الشمالية وفيتنام، ولم تتعلم الإدارة الأمريكية أنه في حال غياب التعاون الفعلي بين الدول الفاعلة، لن يكون بمقدور أمريكا أو أي دولة أخرى منع حدوث أعمال إرهابية داخل مجتمعاتها، في ظل تنامي الفكر المتطرف التكفيري، الذي ترعاه أمريكا وشركاؤها في الاتحاد الأوروبي لتحقيق غايات سياسية مرحلية، متجاهلين أن هذا الكائن الظلامي لا يُمكن أن يقف عند حدود معينة أو دول محددة بنشاطاته التخريبية ولا يُفرق بين من يُغذيه ومن يُواجهه، وسيرتد في الوقت المناسب على من أنشأه ورعاه وبالاً وهو يعمل على ضرب البلد التي قدمت له الدعم قبل غيرها، لأنه يحظى بتسهيلات لديها غير موجودة في كثير من الأماكن الأخرى.‏

السؤال الذي يدور في كواليس العمل السياسي في المنطقة العربية هو:هل اقترب موعد إعلان نصر سورية الدولة والشعب والقيادة على حرب استعمارية جديدة لم تتعرض لها بلد من قبل؟ وهل تعمل الإدارة الأمريكية في الكواليس لإبلاغ أدواتها في المنطقة بأنها تقوم بعملية انسحاب حقيقية من منطقة الشرق الأوسط معلنة تسليم زمام إدارة المنطقة لروسيا مع ضمان المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية وتأمين مصالحها في المنطقة؟ وهل هذه السايكس - بيكو الجديدة التي تحدث عنها المحللون غمزاً؟‏

من المؤكد أن السياسة الأمريكية تواجه فشلاً كبيراً في المنطقة انعكس أزمات واسعة داخل المجتمع الأمريكي ذاته، أزمة اقتصادية ومالية وأزمة اجتماعية وأخلاقية نتيجة الحروب العدوانية التي أعطت نتائج معاكسة للأهداف المرجوة منها، وأدت إلى تراجع ثقة الشعب الأمريكي بإدارته التي اعتمدت منهج تنفيذ السياسة الصهيونية بغض النظر عن النتائج وتأثيرها على المصالح الأمريكية الإستراتيجية، لذلك تقوم الإدارة الأمريكية الآن وفق تقديرات المتابعين بترتيب أوراقها النهائية في المنطقة، وهي تُقدم جوائز الترضية لأدواتها من الأعراب وغيرهم الذين سيواجهون الواقع بضعف شديد نتيجة غياب الغطاء السياسي الأمريكي الذي كانوا يتباهون به طوال مرحلة تنفيذهم لتعليمات المشروع الصهيو- أمريكي الجديد.‏

لقد أثبتت سورية الدولة والقيادة والشعب رؤية صحيحة، وموقفاً صلباً في مواجة عملية التدمير الممنهج التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية وعملاؤها في المنطقة وأدواتها في الداخل السوري في حرب ظالمة لتخريب الدولة السورية، وتدمير مؤسساتها ولإنهاء الدور السوري في المنطقة الذي بدا مؤثراً على الساحة العالمية مؤخراً، وهذا ما أقلق أمريكا وشركاءها في الغرب، وإن انتصار الجيش العربي السوري الساحق على الإرهاب لا يخدم سورية وحدها فحسب، بل هو خدمة لدول العالم الحر قاطبة وسيكون الخاسر الأكبر وطاويط السياسة الذين ركبوا عربة الإرهاب الدولي ودعموه بالمال والإعلام والسلاح.‏

Email: mohamad.a.mustafa@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية