تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ســــحر الأدب الروســـي نبــــض الحضــــارة والحيـــــــاة

ثقافـــــــة
الأحد 28-4-2013
 ترجمة: مها محفوض محمد

«لا يمكنهم تصور قوتنا إلا من خلال مظاهر بربرية»، كلمة قالها الأمير ميشكين بطل رواية الكاتب الروسي الكبير دوستويفسكي «الأبله» التي نشرت عام 1869 وفيها تعبير عن نظرة الغرب للحضارة الروسية حتى اليوم علماً أن مستجدات عديدة طرأت على تلك البلاد على كل الصعد.

فبعد مرور عشرين عاماً على سقوط جدار برلين ظهرت متغيرات لا حصر لها على صعيد الوعي الجماعي شرقاً وغرباً أثبتت أن الشعب الروسي لا يزال يقدم للعالم أكثر من موسيقا وألحان تشايكوفسكي وقصائد بوشكين الرائعة ولوحات كاندانسكي وغيرها..‏

فسحر الثقافة الروسية لا يزال ساري المفعول على صعيد الفنون التجريدية والرواية التاريخية أيضاً في الشعر السياسي الملحمي والقص الاجتماعي ليتابع الأدباء الروس المعاصرون مسيرتهم في حمل مشعل التراث الإنساني مع انتشار حوالي 175 مسرحاً في موسكو وعدد يماثله لصالات عرض موسيقية مع ترجمة عشرات المؤلفات الأدبية الروسية إلى اللغات الأخرى.‏

وفي هذه المقالات نتوقف عند باقة من الأدباء الروس الذين لهم أثر كبير في الثقافة العالمية اليوم على غرار: بوريس آكونين كاتب الرواية البوليسية وفلاديمير سوركين مع فيكتور بيلوفين ويسير هذان الاثنان على خطا غوغول من حيث السخرية والتهكم في الأسلوب كذلك الأمر بالنسبة لزميلهم فلاديمير مادلين الذي ينتمي أبطال رواياته لعالم مشافي الأمراض النفسية آراكاي بابتشكنو وآدري غيلاسيموف في حين تعرض ناتاليا كليو تشاريفا في رواياتها معاناة المهمشين التائهين بين بطرسبورغ وموسكو كذلك يرسم أناتولي كوروليف بانوراما المآسي الإنسانية في رواياته ذات النزعة العالمية.‏

في رواية «العطش» للكاتب أندريه غيلاسيمون يسلط الضوء على كوسيتا الراوي الذي شوهته حرب الشيشان بعد أن أطلق عليه قناص رصاصة أصابته في الوجه فأصبح كأحدب نوتردام «كازيمودو» بطل رائعة فيكتور هيغو الشهيرة.‏

أما الأديب الروسي فلاديمير فيدروفسكي - وهو الدبلوماسي المعروف أيام الاتحاد السوفييتي وأبرز أقلام الحزب الشيوعي عمل إلى جانب الرئيس بريجينيف ثم غوربا تشوف- فيرى أن الآداب الروسية تستمد أسباب وجودها من الروح الروسية، روح الشعب الجبار يقول: وترتبط تلك الحيوية بالجغرافيا والتاريخ وبالمناخ الروسي الفريد من نوعه المتأرجح بين الصقيع والبرودة التي لا يحتملها سوى شعب قادر على التحدي باستمرار تحدي الطبيعة وبناتها.‏

ويضيف فيدروفسكي: بالنسبة للجغرافيا فما من أديب روسي يستطيع تجاهل الأستيب وهي السهول الواسعة الخالية من الشجر باستثناء شجيرات تغطي أرضها الثلوج على امتداد العالم فتدفع تلك الجغرافيا والمناخ القاسي الروس باتجاه ميتافيزيقا خاصة بهم.‏

هذا وكان قد صدر للأديب فيدروفسكي خلال العامين الماضيين مؤلفان: «الروح السلافية» و«رواية تولستوي».‏

عندما فاز الأديب الروسي الكبير إيفان بونيرنين عام 1933 بجائزة نوبل للآداب كتب يقول: «كنا سعيدين جداً لدرجة أننا استحسنا البكاء» وهذا ما يميز الآداب الروسية المرتحلة بين تجربتي اليأس والأمل بين الفرح والحزن.‏

ومن عباقرة الثقافة والفنون الروسية سيرج دودياغليف (1872- 1929) فهو مؤسس باليه روسيا رمز الحداثة الفنية وهو الفنان الأكثر عالمية يمكن تشبيهه بـ ليوناردو دافنشي.‏

أما روسيا الخالدة كما دعاها تشخوف فهي تسمية تنطبق على الواقع مع هيمنة الميثولوجيا والوجوه التاريخية على الآداب ليستطرد فيدروفسكي القول: إن وطننا يمتاز بخصوصية تجعله فريداً لا شبيه له.‏

فمنذ العصر الذهبي والثقافة والحضارة الروسية أيام الامبراطورة الروسية كاترين الثانية (1762- 1796) وصولاً إلى أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين عاشت الآداب الروسية شهرة عالمية تستحقها أقلامها ومازالت اليوم تتابع مسيرتها كما عهدها قراء وعشاق هذه الثقافة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية