تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الحقيقة السورية بأبسط وسائل التعبير عنها...

شباب
الأحد 28-4-2013
غانم محمد

انتبهتُ إلى أبنائي الثلاثة وقد اغرورقت عيونهم بدمع الكبرياء وهم يشاهدون المقطع الأخير من تمثيلية «الجسر» التي عرضتها القنوات الوطنية في ذكرى عيد الجلاء

بعد أن ارتقى الوطن في مجريات الأحداث إلى الرقم واحد والوحيد معبّراً عن الحقيقة السورية التي لا يراودنا بها أدنى شكّ، وأعقب ذلك جلسة حوار عائلية أقام الأبناء من خلالها عليَّ حجة التقصير التي لبستني بانتسابي إلى جيل سبقهم ولم يعطِ مرحلة الاستقلال والنضال التي تلاها ما تستحق من تسليط الضوء على بطولات شعبنا رغم ضعف إمكانياته، متمنين بالوقت نفسه أن يتمّ ربط ذلك التاريخ المجيد بما يحدث الآن لأن العدو هو نفسه والعزيمة الوطنية تجدد نفسها وتقوى وتشتدّ، والإشارة موجهة للإعلام وللدراما في سورية والتي هربت إلى حارات افتراضية وبخلت في تناول الواقع بمشهده الحقيقي إلا نادراً.‏

بعد حوالي سبعة عقود على الاستقلال ما زالت الأطماع بخيرات بلدنا وموقعه وموقفه قائمة، وما زلنا كشعب مؤمنين أن الموقع والموقف فرضا علينا فاتورة كبيرة جداً سنستمر بدفعها إلى أن يخزي الله الباطل على أرضه، ولهذا فكم أطبقت عيوننا على وجع من راح ومن غاب وما زالت بعض بيوتنا السورية تطبق جفنها على وجع من يغيب عنها، لكن وفوق عتبة كل منزل هناك سراج من الوعد والأمل يقتات زيت الثقة والإيمان بالله وبالوطن وبقدرة صاحب المنزل على الصبر، هذا الصبر الذي يستمّد مقوماته مما يجري على الأرض ومما يترسّخ في الأذهان حول ما يتعلّق بالمستقبل السوري الناصع والآمن إن شاء الله.‏

هل توضّأتَ هذا الفجر.. إذاً هيّا بنا نلحق الصلاة في محراب الوطن الذي يشمّر عن ساعديه وقد حان موعد الخلاص.‏

الدفاع عن الوطن ليس بارودة ورصاصة فقط، فإنه عندما تهديني نجاحكَ في الصف الأول أو الخامس أو العاشر أو في أي صف فإنكَ تصلّي النافلات في حبّ سورية، هناك مدارس كثيرة ومعلمون أوفياء في محافظة طرطوس أصرّوا على الأخذ بيد بعض الضعفاء من التلاميذ ببعض المواد من خلال دروس تقوية بعد الدوام على حساب راحتهم ، ومن أجل أن يعبروا عن رسالتهم حقّ تعبير ويستحقون منّا كل التحية والتقدير ..‏

عندما تحمل على عاتقكَ تحريض «النخوة» الموجودة أصلاً لدى أقرانكَ من الطيبين، وتحفزّهم على دفع ما تيّسر ليتمّ توزيعه على أسر شهداء وأسر جرحى أو مخطوفين أو عسكريين وتكون السبّاق بينهم فإنكَ وهم من خيرة أبناء هذا الوطن، مجموعة من شباب قريتنا أخذت على عاتقهم هذا العمل وبدأت بتوزيع ما يزيد على مئة ألف ليرة شهرياً لمن يستحقها من هذه الأسر.‏

وعندما تتكفّل بطباعة وتوثيق شهداء قريتك وتزيّن بهذه اللوحة المطرّزة بعبق الخلود فإنكَ تشترك معهم بنبل هذه القيمة، زوروا قرانا ولاحظوا سجلات الخالدين في مداخل معظم هذه القرى وإن كان أكبرها في مدينة الدريكيش والتي تمّ الاحتفال بإزاحة الستار عنها في ذكرى عيد الجلاء..‏

وعندما تغطّي إسمنت جدار كبير بصور آلاف الشهداء فإنك تقوم بعمل كبير يرتقي إلى شرف العمل الوطني، القوا نظرة على الجدار الشمالي لكراجات الانطلاق في مدينة طرطوس أو المدخل الجنوبي للمدينة «الغمقة» أو الشارع العريض وشاهدوا تلك اللوحات الجميلة.‏

وعندما تأتي جهة مسؤولة وتسألها: ماذا بإمكاني أن أفعل من أجل هذا الوطن الغالي؟ فإنك تقوم بواجبكَ بأعلى درجات المسؤولية والوعي والإدراك.‏

لا نستغرب أن يحمل السوريّ هذه الصفات الكبيرة، بل نستغرب أن يتخلّى البعض عنها في الوقت الذي يجب أن تحضر بأينع صورها.‏

الصور الإيجابية موجودة بكثرة وأينما التفتَ حولك، هنا مجموعة تنظّف الشارع، وهناك أخرى تجمل همَّ غيرها وليس بعيداً مجموعة ثالثة تتبرع بالدم في لوحات وطنية شبابية تزيدنا فخراً واعتزازاً ببلدنا وبأبناء بلدنا، أما ما هو سلبي وعلى الرغم من زيادة تفشيه فإنه مازال محدوداً ولا يشكل ما يشبه «حالة» وإنما سلوكيات فردية تنمّ عن عقليات مريضة أشار إليها السيد الرئيس بشار الأسد عندما قال إنه في مثل هذه الأزمات يوجد عدد من المواطنين الذين لا يملكون حسّاً وطنياً كبيراً، هذه الشريحة من المواطنين يجب أن يتمّ التركيز عليها لتعود إلى رشدها الوطني لأن الوطن بحاجة لكلّ أبنائه.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية