تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الثقافة الاجتماعية... هـــــل نفتقـــــدها؟

مجتمع
الأحد 28-4-2013
أنيسة أبو غليون

كثيرة هي المشاهدة الاجتماعية المؤذية التي بتنا نشاهدها فقد استوقفني مشاهدة صبياً شقياً لم يتجاوز الرابعة عشرة يقف بين الفتيان وبيده سيجارة يدخنها بتباه أمام المارة، ظناً منه أنه مكتمل الرجولة ولا ينقصه سوى نظرة الإعجاب، أو لفت أنظار الآخرين،

فمعظم أبناء هذا الجيل من المراهقين مولعون ومصابون بهوس التجربة وتعلم الأشياء المضرة لتصبح فيما بعد عادة لديهم فينزلقون للهاوية، حاولت استهجان هذا التصرف بالنظر إليه شزراً تعبيراً عن الرفض والاحتجاج على سلوكه.. لم يأبه لذلك، فقلت له: تحسب نفسك رجلاً؟ وحتى الرجال لا يمكن اعتبارهم مؤهلين لحمل هذه الصفة بالتدخين.‏

وبعد هذا الموقف رأيت أماً تضرب ولدها داخل أحد المحلات ضرباً مبرحاً وقلبي ينفطر على بكائه، ولم أستطع فعل أي شيء إزاء هذا المشهد المؤلم أيضاً، غير التعبير عن استيائي بملامحي، ولولا خوفي أن أواجه مغبة التدخل لذهبت كي أنقذه من بين يديها.‏

هذان المشهدان وغيرهما الكثير من المشاهد المتكررة التي تحدث أمام الناس، جعلاني أحدث نفسي عن أنجع الوسائل في التعامل معها.. هل يكون بإيثار السلامة والصمت أم بالتدخل بحكمة وذكاء من أجل الدفاع عن الفضيلة لتعزيز القيم والمبادئ في الأماكن العامة.‏

صحيح أن هذه المشاهد المزعجة قد تؤذي مشاعر الآخرين بنسب متفاوتة، لكنها قد تؤثر في نفسية البعض لدرجة تشعرهم بالضيق أو العجز، لأنهم غير قادرين على تفاديها وعدم مشاهدتها.‏

الأماكن العامة محيط اجتماعي ودائرة تفاعلية يتبادل الناس فيها احترام فضاء الآخر، وعندما نتأمل تجربة المجتمعات الغربية نجد أنها أكثر عمقاً لأنها تسن قوانين عامة للسيطرة على سلوكيات كافة الأفراد العلنية، وتفرض عقوبات كالغرامات المالية في حال مخالفتها الأنظمة، كرمي النفايات في غير الأماكن المخصصة لها أو تدمير المرافق العامة.. ومنها أيضاً ما يتعلق بالنواحي الصحية والاجتماعية كمنع بيع الفتيان القصر وغير البالغين السجائر.. وكذلك الحال بالنسبة إلى التعدي على الأبناء أو ضربهم، وأمام هذه القوانين الصارمة لا يمكن لأحد أن يفلت من حبال الإجراءات القانونية.. في السابق كان الغرب يتعلم من قيمنا ومبادئنا وتربيتنا.. ورغم ذلك سنت لدينا عدة قوانين تمنع التدخين في السيارات والحافلات والأماكن العامة المتواجدة فيها الناس وعدم بيع القصر السجائر، لكننا نصطدم دائماً بمن يضرب هذه القوانين والأنظمة عرض الحائط بغية الربح والفائدة دون النظر إلى تبعاتها.‏

لقد آن الأوان لنشر الفكر الإصلاحي ولينطلق كل فرد من ذاته وليكون رقيباً على تصرفاته قبل أن يراقب الآخرين وينعتونه بأبشع العبارات ،لنعد أنفسنا لنكن جميعاً مصدراً للمساعدة والنصيحة وردع المتجاوزين.. لنجعل من المتجاوزين أقل طيشاً أمام العامة، وأكثر إحساساً بالمسؤولية الاجتماعية نحو أفعالهم وتجاه الآخرين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية