تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ويبقى اللقاء مع دمشق.. هو الأحب.. سلاما يا دمشق..

الأحد 28-4-2013
سلوى خليل الأمين

سلاما من قلب بيروت الوفية للعروبة، ومن قلب الجنوب اللبناني المقاوم، سلاما من ربا لبنان وناسه الأوفياء، سلاما مؤطرا بالوصل والتواصل اللذين لم تسقطهما كثرة الخيانات وقلة الوفاء،

فأنت دمشق الحاضنة لكل العرب في أزمانهم المربكة..بل أنت لغة العشق الدائم في قلوبنا والمسارات، لهذا ستبقين في حاضرنا ومستقبلنا، كما كنت في ماضينا، العملاقة المرسومة في مساراتنا المتنقلة من الحرف إلى القلب والعقل وإبداعات المعرفة والتفوق، والمدهشة حين انبجاس الحقائق وتظهير الصور، والمتألقة بصبر أبنائها على مقارعة الخطوب, والمزهوة بانتصار سيفها البتار على الخونة الأشرار.. لهذا ستبقين.. دمشق.. لؤلؤة العرب الطامحين إلى تزيين تيجانهم.. بنقائك.‏

أتيتك.. والقلب لهوف إلى حاراتك وعبير الياسمين, والدمع في المقل قوة إيمان وفرح يسجل في كراريس صمودك قوة تفترش مرابع النجوم، فأنت دمشق.. أجمل العرائس في وطننا العربي، الباقية أبد الدهر فارسة المواسم مهما اشتدت العثرات، حيث عند عتباتك خط الفجر أبجديته المنداة بالطموح والصبر على مواجهة الأعداء وذوي الرحم والدم، الذين قتلوا أبناءك في شوارعك الحاضنة مصائبهم الملوثة بتفجيرات النار والبارود، وآهاتهم الشاهدة على عارهم وخياناتهم المطعمة بخمسة نجوم غربية المسار والمصير، استوطنت أحلامهم الشيطانية، فغدوا بنادق على رقعة الشطرنج العالمية التي تحركها أصابع بني صهيون, التي كتبت لهم خزعبلات النصر إملاءات همايونية مزيفة.‏

لقد قرأنا عبر التاريخ وما زلنا نقرأ، أن على جبينك سورية، ترتسم هالات النور والضياء، ومن فوهات بنادق جيشك المظفر تنطلق قوة الإرادة والإيمان بالوطن الحر السيد المستقل، ومن صميم عروبة شعبك الصابر على الضيم وإرباكات االزمن المسطر بالغدر والمؤامرات، وصبر قيادتك القابضة على الجمر، المؤمنة بأن لا أرض تشبهك في مشهدياتها الرائعة، ولا تراب أغلى من ترابك مهما استبدت الجاهلية في الرؤوس من جديد، ومهما انحاز أبناء الظلام إلى المعسكر الصهيوني والأميركي، ومهما تخمرت في رؤوس البعض أحلام اليقظة الفارغة من مضامينها الوطنية والقومية.‏

أنظر إليك.. والخوف ورائي.. والعتب علي قائم من كل حدب وصوب.. فدمشق في أتون النار.. والمخاطرة بالروح أمر غير مستحب.. والطريق دونه المسالك اللامستحبة أو الخطرة.. تملكني العجب من لغة خشبية مضللة، لم تعرف يوما حلاوة الحب لحبيبة لم تتلون، ولم تتغير مشاعرها، ولم تنحاز عواطفها بين مشرق ومغرب، ولم تخن الأمانات، ولم تضل السبيل إلى الحق، ولم تفترس لقمة الفقير، ولم تغدر الأشقاء والخلان في ليلة ليلاء، لهذا كيف لي وأنا العاشقة المتيمة بدمشق، ألا ألقاها.. وألا أغوص في أحضانها.. أشمشم طيب ورودها الجورية، المنداة بدماء شهدائها البواسل, كيف لي ألا أعانق صوت فيروز يصدح في شوارعها ومنازلها : شآم أهلوك أحبابي وموعدنا..‏

فإليك يا دمشق.. يا وردة العواصم الجورية.. يا عاصمة العرب الحبيبة.. كل ما يحمل هذا القلب الرهيف والعقل المدرك من خاطرات الحب المصفى، الوافدة معنا إلى ربوعك، مع صفاء العقول ولمعة اليراعات في زمن التهافت المادي والمصالح الشخصانية، من أجل رسم إشارات التلاقي مع شبابك المناضل عبر مؤتمر «الشباب والحوار» الذي دعتنا إليه مشكورة وزيرة الثقافة الدكتورة لبانه مشوح. لهذا تريننا اليوم في توق شديد إلى ملاقاة جهادهم وفروسيتهم وإقدامهم على مجابهة الحرب الكونية التي تتعرض لها بلدهم سورية منذ عامين وأكثر، وهم الشباب الواعد المعتصم بالصبر على الشدائد،الواثق من ارتقاب الصحو هناءة أمن وأمان، وتوهج بصيرة غشاها الضباب، وثبات مدارك تعلن على الملأ للقاصي والداني: أن سورية لن تخنغ, ولن تنهزم، ولن تسلم نفسها جثة بلا حراك, لأعداء القلب والضمير مهما تمادى الطغاة.‏

لهذا..أصافحك اليوم يا دمشق، بكل احترام وتقدير، وأنحني أمام قيادتك المؤمنة المؤتمنة، التي لم ترض بتسليم الوطن إلى الفريسيين الغادرين وإلى الطغاة الحاقدين، وإلى أعداء الأمة وعلى رأسهم بنو صهيون، والتي لم تتنازل ولو قيد أنملة عن كرامة سورية والمقاومة والقضية الفلسطينية، لأنها لم تقبل، رغم كل سياسات الترغيب والتهديد، والوعد والوعيد، الإذعان والرضوخ للقرارات الصادرة في الأروقة العالمية والأممية وبكل أسف العربية، الموقعة على إغراءات حفظ المقام والعائلة، مقابل تنفيذ ما هو مسطر في قراطيس المستعمرين الجدد من استهزاء بكرامة الشعب السوري والعربي برمته، لهذا تمت مجاهرة القيادة السورية وعلى رأسهم الرئيس الدكتور بشار الأسد ومعه الجيش والشعب بالصمود والتصدي, ومقاومة كل ما رسموه لسورية من مخططات عدوانية وتقسيمية مطعمة بالشر والإرهاب المنظم، لأن سورية.. هي الأمانة الوطنية والقومية التي لا يمكن مصادرتها مهما كبرت التضحيات، ولأنها السيف والقلم مجتمعان في وحدة لا تنفصم عراها، وكلاهما في حومة الميدان فارس، لهذا بقيت بوصلة العروبة فيها متحركة عبر كل الاتجاهات، دفاعا عن الحق والحقيقة، والعرض والشرف، والكرامة الوطنية, برغم كل الصعوبات وكل ما أريق من دماء أبنائها الأبطال، لأنها تعلم حجم المؤامرة والمخططات الجهنمية التي تكالبت القوة الكونية وأذنابها العملاء بتنفيذها على أرض سورية المباركة, وقبلها على مصر وتونس وليبيا وغيرها من الدول العربية، التي لم تنعم لتاريخه بوهم ما سمي في قاموسهم الربيع العربي.‏

التحية مع التقدير أرفعهما إلى جيشك سورية.. حامي الديار، الصامد في مدنك وقراك والحارات، المدافع بصلابة المؤمن بعقيدته القتالية عن كل نقطة دم ترهق غدرا على ترابك, والتحية والحب إلى شعبك الغازل من شعاعات النفس عناقيد الحب الكبير للوطن، هذا الشعب الذي علم أمة العرب كيف تصان الأوطان من غدر الزمان، وكيف تعلو الكرامات مهما نزفت البلاد, وكيف ترفع رايات النصر منارات هدِ وارتقاء رغم كل العقوبات الاقتصادية, وطقوس إيمان بالوطن الذي سيبقى في أزمنة الجدب والجفاف والخيانات المفبركة والمنظمة تنظيما دقيقا,مصانا من الشر والأشرار، بل مسكونا بلهاث القلوب الطامحة إلى جعل الوطن فوق الجميع.. وللجميع. لهذا كله.. يبقى اللقاء مع دمشق هو شعلة الهوى المستدام.. بل الحب الأقوى.. عبر كل المحطات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية