تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العمل التطوعي قيمة إنسانية غايتها المجتمع

مجتمع
الثلاثاء14-4-2015
غصون سليمان

العمل التطوعي الأهلي ليس بماركة وموضة موسمية متطفلة على مروءتنا وإحساسنا ببعضنا البعض وتجاه الآخرين بل هو فعل قيمي اجتماعي متغلغل في معاملاتنا اليومية يتم تجسيده بأشكال مختلفة وحسب تطور الحاجات والظروف ..

فهو قديم حديث وكانت زهوة هذا الفعل والنشاط في الخمسينات والستينات من هذا القرن وأخذ يتقدم ويتطور حسب تطور البنى المعرفية والمادية على السواء ..وطالما معادلة الحياة تقوم على فقير وغني ،ميسور ومحتاج ، محروم من بعض الأشياء وكذلك الآخر ،فإن شيئا متبادلا قد يكون بالإرادة أو بغيرها يجعل حالة الرحمة والمودة تتقدم داخل النفوس بشكل سري لتقوم بواجب النية قبل أن تترجمه تطبيقا وسلوكا ..‏

إنه العمل التطوعي الذاتي الذي أخذ طابع العمل الجماعي المؤسساتي وبشكل ممنهج بعد السبعينات ليسلك مهام كل قطاع ودائرة ومؤسسة ..فمن منا لايذكر معسكرات الشبيبة في المرحلة الثانوية وتحديدا الصف العاشر مرورا بالمعسكرات الجامعية بشقيها الصحي والتعليمي والعسكري والخدمي ومازال لغاية اليوم ،لكن صور العمل لعلها أخذت أشكالا متباينة في درجات التعاطي لاسيما في السنوات الأربع الأخيرة ،حيث أخذ العمل التطوعي الاهلي أدوات وعناوين شائكة في ظروفها من ناحية التطبيق والتنفيذ على ارض الواقع..‏‏

فرأينا بأم العين كيف ارتقى العنصر الأهم والجوهري في النظرة الإيجابية لفعل الخير تجاه الناس والوطن لاسيما عند شرائح كبيرة من المجتمع السوري بشكل عام والشباب العربي السوري بشكل خاص ،إذ كانت الصورة واضحة في غيرة هؤلاء منذ الأشهر الأولى للعدوان على بلدنا، فتحت شعار الإحساس بالواجب كان مفهوم التطوع الحقيقي يترجم بأعمال رائعة وبأفكار وطنية ذكية جدا تجاه مايتعرض له البلد..‏‏

أخذت الحملات التي أطلقها أصاب النخوة من عنوان سورية بخير بصمة شباب ،حملات دعم أسر الشهداء،والوفاء للشهيد وبلسمة آلام الجرحى ،إلى جانب الحملات البيئية وطرق تقديم المساعدات من مواد غذائية وألبسة وإغاثية أخرى ، مرورا بحملات تنظيف الشوارع وجدران المدارس التي لطخها الإرهاب بشعارات الحقد الأسود ،كذلك توحيد أسوار المباني والمحلات الداخلية والخارجية بألوان العلم العربي السوري وغيرها الكثير الكثير مما أنتج فعلا على الأرض..‏‏

كل هذه الحملات العديدة والغنية برسائلها الوطنية الوجدانية هدفها عنوان واحد هو ان الشعب العربي السوري هو شعب حي وفعال وخلاق ومازالت الغيرية في دمه والإيثار في سلوكه وإحساسه وشعوره ، وان اللحمة الوطنية لايمكن تمزيقها بأي حال من الأحوال مهما نفخ مخزون الإرهاب في أعصاب الطائفية والمذهبية البغيضة ..‏‏

فالنشاط التطوعي الأهلي ساهم وعزز إلى حد كبير في تماسك بنية المجتمع وأعاد الثقة والقوة كما كل الانشطة الأخرى المختلفة التي ساهم فيها غالبية أبناء المجتمع وفي المقدمة المؤسسة العسكرية والأمنية إلى كل الزوايا التي كان من الممكن أن تتهمش وتنكسر ، فكان الصمود والتحدي في مواجهة كل حملات التجييش الداعية إلى نشر الفوضى وتكريس حالة من الضعف والفقر والاستسلام لليأس من خلال سرقة الأمن والأمان واستغلال الحاجات الطارئة الغير معهودة على طقوس السوريين .. فكان الواجب الأهلي التطوعي مقدرا ومدخرا ومعطاء من قبل جميع الأوفياء والمخلصين للوطن والقضية والحياة ..‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية