تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«تحوّلات» خارجية...هل مسّّت لهيب الداخل؟!..

ثقافة
الثلاثاء 13-4-2010م
لميس علي

كل تحوّل يناقض الثبات... يعني حركة وبالتالي حياة..

السؤال..‏

هل يختلف الأمر وفقاً لاتجاه التحوّل.. بمعنى: تحوّل خارجي هل يعكس بالضرورة تحوّلاً داخلياً.. أو هل يأتي على التوازي مع تحوّل الداخل - الجوهر.‏

(تحوّلات) عرض مسرحي، تأليف وإخراج بهاء البلخي، قدم على مسرح القباني، عبّر عن سلسلة تحوّلات تقود حياة المرء.. تحاصره.. وتجعله يلوب في دائرتها المغلقة..‏

تحوّل منطقي، واقعي، قسري، فوضوي، إيديولوجي، استراتيجي، وأخيراً كان التحوّل الجذري...‏

جميعها جاءت عناوين لمشاهد قُسّم إليها العمل.. كل عنوان حُمِل على (يافطة) تم تمريرها أمام الجمهور.. وجُسّدت تمثيلاً بفكرة عبّرت عن كلّ منها.‏

بالمجمل..‏

هناك ملمح لفكرة ضدية يمكن استشفافها على الرغم من كثافة التحول التي حاصرت بطل الحكاية (مسعود السعيد - تاج الدين ضيف الله)..‏

ضدية ما بين ثبات القناعات (الجوهر) لدى مسعود، وما بين فائض التبدلات والتحولات الخارجية القاسية واللاإنسانية.. التي حاولت أبداً تهشيم وزعزعة كيانه الداخلي.‏

فكرة التحوّلات التي جاءت مكرّسة بالعمل، صيغت بأكثر من أسلوب وبأكثر من رؤية... توحي لكثرتها أن تحولاً ما سيطرأ على (مسعود).. إلا أن ما يقع له هو آثار تلك التحولات... أصداؤها.. تأثيراتها عليه... وكيف ستبدو ردود أفعاله تجاهها، ثبات القناعة سلاح لن يحيد عنه في مواجهة سيل التحوّلات.‏

وعلى الرغم من ثباته (الداخلي) إلا أن تلك التحوّلات إن لم تقد حياته، أثرت بها بشكل أو بآخر.‏

يركز العرض على كون المرء في ظروف وأحيان كثيرة لا يستطيع خروجاً من واقع كونه مفعولاً به.. منفعلاً.. غالباً.. لا فاعلاً..‏

معظم مشاهد العمل جاءت نابضة بالواقعي الحياتي.. مغرقة باتجاه العادي.. العادي بمعنى المدرك والمعروف بل والمعاش سلفاً من قبل المتفرج.‏

لقطات كثيرة جاءت مصحوبة لدى المتلقي باستفهام عن مغزى تكريس كل هذه اللوحات المألوفة، المجربة من غالبية مهمشة.‏

اتجاه السير التصاعدي لحبكة العمل يصل إلى نقطة تغير في مساره.. جاءت غير مسبوكة وغير محبوكة بدقة.. فهناك محاولة لربط جملة تلك (التحولات) بواقع حياة سياسية.‏

النص يحاول إيصال فكرة: أن كل تحول فاسد مرضي بالضرورة يعكس ضرراً أشد خطراً يتمثل بخسارة أوطاننا‏

عند هذه النقطة تحديداً..‏

يتعثر النص الذي حاول تحمل أمور لا يتسع لها.. خط سيره كان نحو تبدل الحياة والمعطيات الاجتماعية.. جملة قناعات ومبادئ ثم فجأة يحاول قسرياً اختلاق أبعاد سياسية.‏

الفكرة من حيث المبدأ صائبة.. من منطلق أن فساد الداخل المحمل خسارات داخلية لابد يتشعب وصولاً لخسارات على نطاق أوسع.. ملموسة .. والسياسية واحدة منها.‏

ومع هذا..‏

بدا المشهد الذي يندب فيه (مسعود) بعد عودته من سفره، ويبكي أراضينا المحتلة... نافراً.. لم ينصهر بسياق عام طبع العرض.‏

هرباً من نمطية الأفكار التي يسوقها (تحولات) اجتهد المخرج خلقاً لحلول إخراجية تحرك المألوف فأدخل لوحات راقصة جماعية، إضافة إلى أنه حاول التعبير عن عناوين تلك التحولات بفواصل راقصة أداها الثنائي (كمال بدر وباسمة حسن) من فرقة رحيل للمسرح الراقص.‏

كما اعتمد لمحات تغريبية - ملحمية، مثل إدخال (يافطات) تعنون فقرات العمل، أو عن طريق مخاطبة (تاج الدين ضيف الله) الصالة بطريقة مباشرة. محاولة إيجاد قالب إخراجي يسعى لكسر جمود الموضوعة المشغول عليها.. انتشالها من مطب الروتيني، والمطروق مسبقاً... يجعل البعض تحت ضغط لهفة لا توصف لابتكار الجديد - نسبياً - وإكساء البسيط من المعاني.. الجميل والخلاق بصرياً - شكلياً..‏

(تحولات) حاول بكامل عناصره تحقيق تلك المعادلة.. إلا أن حلوله الإخراجية.. عناصر الإخراج تحتاج إلى إعادة شد.. شدّها إلى بعضها لتكون كلاً واحداً.. هدفاً للتخلص من بعثرات بصرية مجسدة أثقلت العمل وأطالته..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية