|
البقعة الساخنة هذا ما انتهى إليه رئيس الحكومة الاسرائيلية المستقيل ايهود أولمرت, وهذا ما أراد أن يقدمه للاسرائيليين وهو يحزم حقائبه استعداداً لمغادرة منصبه, لكنه يفعل ذلك ويقدمه مرة على شكل اعترافات وأخرى كوصايا لمن سيخلفه!!. والسؤال: لماذا يفعل أولمرت دون سواه, وكيف ومتى وضع يده على كل هذه الاكتشافات?!. أولمرت ربما هو الوحيد بين رؤساء حكومات اسرائيل الذي أعلن اكتشافاته وأخرجها إلى العلن, لكنه بالتأكيد ليس الوحيد الذي أدرك هذه الحقائق وحاول التهرب منها والتملص من استحقاقاتها. المشكلة ليست في أن يعترف أولمرت أو لا يعترف, والحل لا يكمن بالاعتراف من عدمه, لكن ذلك يؤشر إلى حقيقة الافلاس الذي وصلت إليه اسرائيل, وهو ما يؤشر بدوره إلى أن المشروع الصهيوني وصل إلى الطريق المسدودة. حديث أولمرت عن انهيار وتبدد وهم أو حلم اسرائيل الكبرى هو نتيجة لاصطدام مباشر مع الواقع ترك أثره على المشروع بأكمله الذي وإن لم يتحطم بعد فذلك إلى حين ليس إلا, وحديثه عن ضرورة الانسحاب من الجولان والتخلي عن القدس والضفة هو إدراك (جمعي وفردي) متأخر بأن للسلام مقتضياته وبأن المشكلة تكمن فقط في استمرار الاحتلال. أولمرت وكل من سبقه خاضوا تجارب الحرب والسلام (المفاوضات) ولابد أنهم تعرفوا وتحسسوا آلام الأولى واستحالة تحقيق النتائج والأهداف المخطط لها عن طريقها, ولابد أنهم أدركوا أيضاً صعوبة الثانية واستحالة فرض الحلول المجتزأة. وبين خيارات الحرب والسلام كان ثمة انهيار يحدث في العمق ويشير إلى تحول خطير يقع, برز أكثر ما برز في حرب تموز 2006 فكانت أوهام القوة والعظمة بيت عنكبوت حقاً. اعترافات أولمرت واكتشافاته لاشك أنها ستحدث موجة غضب لدى اليمين واليسار الاسرائيلي, وربما تقود الأحزاب والكنيست إلى مزيد من التطرف -وهذا ليس مهماً- لكنها -وهو الأهم- تدل بوضوح إلى أن هذا الكيان الغاصب يعيش أشد أزماته عمقاً على المستوى البنيوي والعقائدي والعسكري والسياسي لن ينفعه معها صحوة تطرف, ولا جرعة دعم أميركية جديدة, ولا طوق نجاة عربي يتبرع البعض بتقديمه.. إنها بداية الانهيار. |
|