تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاحتلال الأميركي يعود إلى العراق من جديد

عن:WSWS org
متابعات سياسية
الأربعاء 17-6-2015
ترجمة: وصال صالح

منذ دخوله البيت الأبيض وعد الرئيس الأميركي باراك أوباما بسحب قوات بلاده من العراق وعلى هذا الأساس تم منحه جائزة نوبل للسلام ، أما اليوم فيبدو أن الرئيس يتراجع عن قراره السابق ويعيد نشر قوات إضافية قوامها 450 جنديا

ليرتفع بذلك عدد القوات الأميركية المتواجدة في العراق إلى 3600 نتيجة النشر الجديد، وتأتي هذه الخطة وسط حالة من السخط والانتقادات التي يواجهها أوباما على نحو متزايد بسبب عدم صرامته وجديته في مجال مكافحة داعش ، في الوقت الذي يأمل فيه مسؤولون أميركيون أن يؤدي تعزيز الوجود الأميركي في العراق إلى شن هجوم مضاد لاستعادة السيطرة على الرمادي عاصمة الأنبار التي سيطر عليها الإرهابيون الشهر الماضي ، وكان الجنرال ديمبسي وهو رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية أعلن أمام الصحفيين خلال زيارته لأوروبا مؤخراً بان البنتاغون يستعد لتطوير شبكة من القواعد العسكرية الأميركية الجديدة في المناطق الاستراتيجية من العراق كالانبار ، ويهدف البنتاغون إلى تأسيس سلسلة من «منصات الزنبق» وأضاف ديمبسي « نحن نبحث منذ مدة طويلة عن مواقع إضافية ضرورية»، وكان الأدميرال جون كيربي وهو المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية قال بأن الولايات المتحدة قد تقرر في نهاية المطاف أن تذهب إلى التدخل الكلي، وفي مثل هذا السيناريو فإنه من المرجح أن تستمر الحرب لمدة تتراوح ما بين 3-5 سنوات على أقل تقدير، وسيكون هناك حاميات أميركية جديدة على غرار خطط تدريب القوات الأميركية- العراقية المشتركة للتقدم في محافظة الأنبار غربي العراق ، وبدوره كشف البيت الأبيض مؤخراً عن مثل هذه الخطط وأن القاعدة الأميركية الجديدة ستكون بمثابة نقطة انطلاق لاستعادة السيطرة على الرمادي وستعمل القوات الأميركية الجديدة على تدريب القوات العراقية ومساعدتهم للاتجاه نحو الرمادي وسيرافق العمليات على الأرض دعم جوي أميركي، ومن الملاحظ أن القوات الأميركية ستتحرك بشكل «أقرب إلى الحرب» خلال العمليات المشتركة مع القوا ت العراقية في الأسابيع والأشهر القادمة ، وفقاً لمسؤولين تحدثوا ل النيويورك تايمز التي نشرت مقالاً بعنوان «أوباما يتطلع لإضافة قواعد وقوات في العراق » .‏

ونقل عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم بأن أوباما «استجاب» لمطالب البنتاغون لنشر شبكة من القواعد الجديدة، ونشر ما يزيد عن المئات من القوات الإضافية، ما يعني مزيداً من التوسع والتدخل الأميركي في العراق « ورداً على تصريحات ديمبسي للصحفيين وعد المتحدث باسم البيت الأبيض غوش إرنست » بان البيت الأبيض ينظر «بجدية « إلى أي اقتراحات جديدة يتقدم بها البنتاغون « وبالمقابل قال نائب مستشار الأمن القومي بن رودس بأن الرئيس «سيلقي نظرة فاحصة» على أي اقتراح لتوسع القواعد الأميركية وفق الترتيبات في العراق.‏

تجدر الإشارة إلى أنه منذ النشر الأول ل300 جندي الصيف الماضي وسعت الولايات المتحدة وعززت من وجودها على الأرض بينما قامت ب4400 ضربة جوية في غرب وشمال العراق وشرق سورية تحت ما يسمى قتال داعش التي يعود وجودها في العراق وسورية إلى الامبريالية الأميركية ويعمل البنتاغون على توسيع دائرة التدخل العسكري الذي بات أكثر وضوحاً اليوم من أي وقت مضى والذي يمكن أن نسميه إعادة غزو واحتلال العراق ، لقد كشفت تصريحات البيت الأبيض والبنتاغون بشكل لا لبس فيه أن عمليات الانتشار هذه بدأت دون أي ذريعة أو عملية ديمقراطية أو نقاش ، وهي مجرد بداية لمرحلة من مراحل لتدخل أكبر من ذلك بكثير والتوسع المستمر في الولايات المتحدة .‏

باختصار نجد أن تحركات البنتاغون نحو تأسيس شبكة من القواعد الأميركية هي «أقرب إلى الحرب» و يؤكد على أن «عملية الحل الحقيقي» ستصبح طي النسيان وسط تفاقم الحرب البرية وبوتيرة سريعة وعلى نطاق واسع على المسار الحالي، ولن يمر وقت طويل قبل أن يشارك الآلاف وحتى عشرات الآلاف من القوات الأميركية بشكل مباشر بالعمليات القتالية في الخطوط الأمامية داخل العراق، مع العلم أن كبار البيروقراطيين يدعمون استراتيجية الحرب الأميركية القادمة و يؤيدون دعماً كاملاً لاقتراحات البنتاغون من أجل توسع كبير للوجود العسكري الأميركي في العراق.‏

وفي إطار شجب سياسة أوباما واعتبارها «زحف تدريجي» إلى العراق، طالب أنتوني كورد سمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن القوات الأميركية تصاعد من هجماتها ضد أهداف مدنية في العراق وسورية، ويعترف بأن ذلك سيؤدي إلى المزيد من عمليات القتل الجماعي وأنه لن يكون بوسع الولايات المتحدة تجنب كل هذه الخسائر في صفوف المدنين « قال كوردسمان في شهادته أمام الكونغرس .‏

«الوجود الحالي في العراق «غير كاف» وسيظل كذلك حتى بعد الزيادة في عدد القوات»، حسبما قال ريك برينان وهو كبير المحللين في مؤسسة بحثية موالية للامبريالية بشكل كبير.‏

إذاً ، الولايات المتحدة تعود من جديد إلى العراق وتخوض جولة أخرى من مناورات «فرق تسد» لتشكيل «القوة القابضة»على غرار»الصحوات» التي أنشأتها ما بين 2006-2007 في محافظة الانبار لتحصل بذلك على دعم للقوات الأميركية والعراقية، وهي رسالة واضحة لبغداد لتسير على خطها الاستراتيجي أو أن تواجه تصعيد جهود الولايات المتحدة لتجاوز تعويض سلطتها من خلال إعادة توجيه المساعدات العسكرية والمالية إلى القوى المدعومة من دول الخليج.‏

على الرغم من تحول العراق وسورية إلى ساحات مباحة للقتل من قبل الجماعات الإرهابية المتطرفة ، فإن النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة تحضر لمزيد من التلاعب الطائفي من ذلك النوع الذي أنتج فيما مضى حمام الدم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية