|
آراء إذ حسب الوقت الطويل يدفعه إلى الحلم بأن العالم بات غابةً من السعادة والحبور!!.. وأن مآسي التاريخ قد ولت إلى غير رجعة فهجع إلى أحلامه وغفا حتى كاد التاريخ أن ينتهي!! اتسعت اللوحة المتعبة المحزنة حتى شملت الأرض كلها.. فما من بقعة فيها عرفت طعم الهدوء أو الطمأنينة حتى بات الزمان غريباً عن عالمه وأرضه!!..نهض وطوى عباءته ليمضي..لكن إلى أين ؟!..ففي كل منعطف أو ناصية: مشاهد مفجعة لبقايا آدميين تغطي الأنحاء.. والمشردون عّزلٌ يجوبون الأرض وأسمالهم تفصح عن تلك السعادة المأمولة الآسرة!!!... بقايا بشر فقدوا الأهل والوطن والراحة الأبدية... يذوي في إهابهم حلم المستقبل والشمس المشرقة على فضاء من الأرض المخضرة السعيدة!!.. ويستيقظ في أعماقهم واقعٌ مريرليس فيه من بهاء سوى الأحلام!!.. ففي صدرته الفاقعة لاتلوح سوى المآسي وصولة الإنسان الذي يريد أن يبتلع الأرض كلها ولايشبع!!.. حار الزمان في أي سمتٍ يمضي وحارت خطاه التي كانت تحكم الوجود!!...فوقف هو الآخر معزولاً حتى من أحلامه وآثر الغيبوبة على اليقظة!!..أين هي تلك الصورة الهانئة التي ظن أنه رسمها للعالم؟؟... وأين هو ذلك الإخاء الذي حسبه سيصير عنواناً للقادم من الأيام؟؟!!..وأين هي الفرحة التي ظن أنه رسمها على الوجوه الذابلة؟؟..ماذا حدث في غيابه القصير حتى انقلبت الدنيا ولاحت بيارق اليأس والألم والاختصار ؟؟!!.. وغطت المساحة الهائلة من «الأرض السعيدة» جنبات اللوحة حتى تلاشى فيها أي لون للفرح والسعادة؟؟...وصارت الفراشات بقايا ضحايا مافعله الإنسان في هذا الكوكب الجميل !!... ونما في جنباته تاريخٌ جديد لايعرف الرحمّة ولا الإخاء..وتبدلت الصورة الباسمة الفرحة: إلى غابةٍ من الأنياب والأشداق الفاغرة التي امتصت من عنان السماء: قطرات المطر التي كانت تنشد أن تروي ظمأ الأرض القاحلة... وغدا اليباب واليباس والفضاء القاحل: سيد اللوحة الأبدية !!.... طوى الزمان أشياءه وبيارق السعادة التي حملها طويلاً ومضى!!...لكن إلى أين ؟؟...إلى بياض الثلج علّه يجد هنالك مافقده!!.. وصعقه أن يفتقد هنالك البياض والقمم الخالدة: إذ رأى يباباً أكثر من يباب الأرض وتلاويح مأساة جديدة قادمة: تغمر الأرض ومابقي منها فتريحها من ظلم بني الإنسان!!... بقي الزمان وحيداً مشرداً تلفه أسمال الفاقة بدل ألوان اللوحة الفرحة السعيدة!!.. تعثر بنفسه وبما رآه، وشدّ خطاه إلى حيث اللاشيء...تململ في أسماله ويمم شطر اللاشيء أيضاً ورغم ذهوله المريرفضّل أن يغفو ويعود إلى نومه الأزلي حالماً بما كان يأمل!!... وتعشعش في ذاكرته وخياله صور المآسي التي اعتصرته إلى حد الرماد!!.. وذرت بين يديه إهابه وأحلامه وتوقه إلى بني الإنسان: في لوحة سعيدة صارت من الماضي وطغى عليها ظلم وجشع البشر: الذي دمّر اللوحة وقتل في أعماق الزمان توقه الأزلي إلى فرح غامر ٍيحول الأرض والفضاء إلى لوحة خالدة!!... غطى عينيه وعاد إلى إغفاءته ونومه السرمديّ وأحلامه البائدة... اللوحة هي اللوحة والزمان هو الزمان والأحلام هي الملاذ الأخير!!..... |
|