|
مجتمع علما ان الأمثلة التي ذكرت عن الشغب ليست من الحالات التي يصعب السيطرة عليها، وهي في حدود فورة المراهقة. وفي مدرسة ابتدائية أخرى من مدارس ريف دمشق يشكو طلاب الصفوف الأولى من قسوة وعنف( الخوامس والسوادس) معهم، وعدم تدخل الادارة لمنعهم بحزم! ان كل ماتقدم يدفعنا الى التوجه الى معلم المدرسة وشخصيته المهمة والمؤثرة في حياة أطفالنا ولانبالغ اذا قلنا: إن المعلم يأتمنه الناس جميعاً على عقول أولادهم وقلوبهم، وأجسادهم، وأوقاتهم. ومسؤوليته ليست كغيرها من المسؤوليات؛ لأن فيها حياة أمة ونهضة مجتمع، وحماية جيل، فهي بناء عقول، وتربية نفوس، وعلى قدر إخلاصه يتحقق كل ذلك، لكن وحتى لايبقى مانقوله مجرد عواطف وإنشاء نقول أيضا : إن شخصية المعلم ركن أساسي من العملية التربوية، ولابد أن تكون تنمية مهاراته جزءاً من تنمية طرق التعليم والاستراتيجية التربوية والتعليمية. علما أن قضية تنمية ممارسة طرق التعليم تتوسط قضايا التعليم الساخنة ضمن الملفات التربوية في كثير من الدول ، خصوصا المتقدمة صناعيا، اقتصاديا، تكنولوجيا، وتربويا. و أضحت الجودة في ظروفناالراهنة هدفا ووسيلة في الوقت نفسه، اذا كان ذلك في الدول المتقدمة فكيف الحال بالنسبة لنا، حيث يشكو الحاضر التربوي من عدة نواقص وقصورات و في مقدمتها الإطناب المعرفي الممل والحشو المعلوماتي الرهيب الذي يميز المحتويات والبرامج على حساب الإبداع و الابتكار، والازدحام في الباحة وقاعة الصف، وهي ربما واحدة من الأسباب التي تؤدي الى الشغب والعنف، لكن حقل التعليم و التعلم شهد خلال السنوات الأخيرة تطورات هامة لامست جل مكونات الفعل التعليمي التعلمي، و كذا تمفصلاته وميكانيزماته و آلياته، فقد طرح موضوع التعلم مدى الحياة، والمدرسة صديقة الطفولة، وقامت الوزارة بإعادة تأهيل المعلمين، أي أن الأنظار توجهت بشكل مهم نحوالثروة البشرية، وهي المعلم والطالب، لكن بقي هناك فجوة بين تلك الخطط وبين ما يمارس مع الطلاب في المدارس، فتنمية مدارك المعلم ورفع قدراته وازدياد علومه، وتطوير وسائله، لابد أن تكون دورية، أي بتنفيذ دورات تربوية متخصصة بانتظام، للاطلاع على الوسائل التعليمية المبتكرة، والتعرف على لغة العصر وكيفية التواصل مع الأجيال الناشئة ليحصل التقارب فيما بين المعلم والطالب، لأنه في ظل الانفتاح الذي يعيشه الطفل والاطلاع على المزيد من المعارف والمعلومات من وسائل الاتصال تزداد تحديات العملية التربوية، ولايمكن لشهادة التخصص التي يحصل عليها المعلم ان تكون آخر المطاف. ونعود للقول إن البلدان التي استثمرت في الرأسمال البشري و حسمت باكرا إصلاح و ملاءمة أنظمتها التربويةو بالتالي عرفت الأدوار التي تلعبها طرائق التعليم والتربية الحديثة، اعتمدت تغييرات جذرية سواء على مستوى البناء الأكاديمي أو على مستوى الممارسة الفعلية للعملية التعليمية التعلمية، حيث بات لزاما علينا مواكبة المستجدات التي تحدث على صعيد تطبيق المناهج و المقررات التربوية من جهة، و كذا على صعيد استراتيجيات تفعيل مقتضيات السياسات الوطنية للتربية و التعليم، ، فتأتي الخطط والبرامج بقصد تحقيق منتوج معرفي عالي الجودة، بالاضافة الى نسبة مهمة من الكفايات أثناء مزاولة مهمة التدريس داخل أسوار المدرسة، من أجل ضمان التقدم المرغوب فيه، فضلا عن تفادي المعلم أو الموجه التربوي السقوط في فخ النمطية و التلقين الببغائي و الوحدة و التسلط، أو في جميع الحالات السقوط في الأمية المعرفية التي تعيق بشكل واضح، أداءه التفاعلي و تكبح استمرارية عمله وتواصله مع الطلاب في ظل الظروف المتذبذبة و غير المستقرة التي تعرفها العملية التربوية التعليمية اليوم، و تساهم في إغراقها في دوامة السلبية والتراجع واللاتوازن بين الكفايات المدرسية والواقع المعيشي وسوق العمل أي مخرجات التعليم في مرحلة لاحقة. اذاً مسألة “ تنمية ممارسة التعليم أو كما تسمى تنمية ممارسة البيداغوجية تعتبر مكونا غير قابل للإهمال، و بنية متكاملة يحكمها نسق محدد، كما تعتبر ذاتا لا تعرف الاستقرار؛ حيث تتشكل من جملة من الوظائف و التي تنهل بدورها من مجموعة من الفروع العلمية، و بالتالي فهي مشروع تربوي له خصوصيات مميزة، و مطلب أساسي للنهوض بأوضاع الحياة المدرسية بشكل عام، أي أنها في قلب العملية التربوية التعليمية، وقد نكون في طريقنا اليها في ظل شروط تعيين المدرسين الجديدة، خاصة اذا ماتمت متابعة مدى تطبيق القرارات التربوية التي نسمع عنها. |
|