|
ساخرة المفكر والأديب المصري لطفي السيد الذي يعتبر أحد رواد التنوير، كان متعصباً تعصباً شديداً للديمقراطية،وكان يسعى لنشرها في مصر، وفي مطلع القرن العشرين رشح نفسه للانتخابات النيابية عن دائرة الدقهلية وكان شعاره الديمقراطية وأنه ديمقراطي. وكان منافسه في الدائرة يجمع بين الخبث والذكاء فقد أخذ يجول على الناخبين في أنحاء الدقهلية ويقول لهم: انتبهوا أيها الناخبون، أحمد لطفي السيد ديمقراطي وديمقراطي يعني كافر. ولما كانت الديمقراطية جديدة على الناس، ولا يفهمون معناها بسبب انتشار الجهل فقد صدقوا كلام المرشح المنافس. وحين قام أحمد لطفي السيد بجولاته الانتخابية ليبشر بدعوته، كان الناس يسألونه: هل أنت بالفعل ديمقراطي؟ فكان يجيب بأعلى صوته: أنا ديمقراطي وابني ديمقراطي وأضحي بحياتي في سبيل الديمقراطية. وكانت من نتيجة ذلك أن سقط أحمد لطفي السيد في الانتخابات لأنه (كافر) كما فهم الناس، ونجح منافسه الخبيث. ومن مطبات السياسة أنه في عهد حكومة النقراشي في مصر أيام العهد الملكي، تقرر أن يقوم الملك فاروق بوضع حجر الأساس للمدينة الجامعية في القاهرة. وذهب اسماعيل تيمور أمين القصر الملكي ليعاين مكان وضع حجر الأساس فوجد أن طلاب الجامعة وفي تصرف عدائي للملك قد طمروا المكان بالقاذورات فأخبر الملك بما شاهد، وعلى الفور أمر النقراشي رئيس الوزراء بتنظيم المكان بسرعة، وأصدر أوامره بمنع طلاب الجامعة من حضور الاحتفال خوفا من هتافاتهم العدائية ضد الملك، واقتصر حضور الاحتفال على حاشية الملك والوزراء. ولكن وزير المعارف لم يعرف بالاجراءات التي اتخذت بمنع طلاب الجامعة من حضور الاحتفال فبدأ بإلقاء كلمته المكتوبة مسبقا بقوله: أبناء طلاب الجامعة... إلى آخر الخطبة. فارتفع صوت الملك غاضباً: أين أولئك الأبناء ياغشيم؟ وتوقف الوزير عن خطبته وانصرف الملك غاضبا وفي اليوم التالي قدم النقراشي استقالة حكومته. |
|