|
شؤون سياسية الذي طالب رسمياً بإبقاء كتائب أميركية في الجزء الشمالي من العراق حتى مابعد انسحاب القوات الأميركية في آب المقبل، ونشر وترويج هذه الفكرة قبل أسبوعين من الانتخابات العراقية. وتحسباً لعدم حدوث فوضى مزعومة وسط صفوف الجنود والضباط الأميركيين العاملين في العراق، سارع وزير الدفاع الأميركي للإعلان بأن أي تأخير في عمليات الانسحاب للقوات الأميركية والذي هو ضمن جدول محدد، يستلزم بالضرورة حدوث تدهور بالغ في الوضع الأمني داخل العراق. لكن تصريحات غيتس لم تكن كافية، فقد استغل مناصرو الإبقاء على الجيش الأميركي في العراق الوضع ورددوا صدى أفكارهم في وسائل الإعلام، فقد كتب توماس ريكس، وهو عضو بارز في مركز نيو أميركان للأبحاث الأمنية، افتتاحية في صحيفة نيويورك تايمز وأخرى في فورين بوليسي يحث فيهما الرئيس أوباما على تأخير سحب القوات الذي من المفترض أن يبدأ العام الحالي، وطلب ريكس من أوباما إلغاء انسحاب آخر القوات المجدول في نهاية عام 2011. لاشك أن ريكس وأوديرنو وغيرهم يراهنون علناً بأن الولايات المتحدة سيكون لها 30 ألف جندي في العراق في الأعوام الأربعة المقبلة، وقد ذكر ريكس بأن قائد القوات الأميركية في العراق تلقى إيماءة بالموافقة من الرئيس أوباما، عندما عرض اقتراحه الخاص بالإبقاء على قسم كبير من القوات الأميركية داخل العراق لفترة أطول. جدير بالذكر أن الرئيس أوباما كان يقول إنه سيلتزم بسحب القوات الأميركية من العراق في التاريخ المحدد لذلك 31 آب 2010 وقد كرر ذلك عشرات المرات إبان حملته الانتخابية، وأعلن بوضوح في خطابه في كامب ليجون، العام الماضي وكرر ذلك في كلمته التي ألقاها في جامعة القاهرة، وكذلك فعل نائبه جو بايدن حيث ذكر مؤخراً: بحلول نهاية الصيف المقبل، سترون 90 ألف جندي أميركي سيعودون إلى أميركا. وفي النصف الأول من آذار، أعاد البيت الأبيض تأكيد نيته على إنهاء عملية حرية العراق في 31 آب. خلال الشهر الماضي أرسل 28 عضواً في الكونغرس من ضمنهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية خطاباً للسيد أوباما يمدحونه ويوصونه بالمضي قدماً في خطته التي تقضي سحب القوات في 31 آب القادم بغض النظر عن الوضع على الأرض أو (على الساحة العراقية). إلا أن تصريحات قائد القوات الأميركية في العراق جاءت مناقضة ومعاكسة لسيل التأكيدات والتطمينات التي أطلقها البيت الأبيض والكونغرس، ونتيجة لذلك تضررت مصداقية الرئيس أوباما في العراق، وللمرة الأولى منذ تولي أوباما السلطة، تثار ضده عاصفة انتقادات بهذا الحجم، فقد امتلأت وسائل الإعلام العراقية بوابل من البيانات والتصريحات السياسية، والتحليلات والنشرات الصحافية تشجب كلها احتمالات إطالة وتمديد بقاء القوات الأميركية المحتلة، وقد أكدت البيانات الصادرة في الداخل العراقي بأن القوات الأميركية هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن تدهور الأوضاع الأمنية. إضافة إلى أن إطالة أمد القوات داخل العراق لن يؤدي إلى تناقص حالة الفوضى وسط العراقيين، الأمر الذي يتطلب من الإدارة الأميركية الحصول على الموافقة من الحكومة العراقية المقبلة إذا كانت تخطط لترك أي جندي في العراق بعد توقيت الانسحاب المقرر والمتضمن في الاتفاقية الأمنية المشتركة. لقد طالب بعض النواب العراقيين بإجراء استفتاء عام على الاتفاقية المذكورة، حيث إنه من الممكن أن يلغي هذه الاستفتاء تلك الاتفاقية، ويعود الأمر بالطبع إلى انسحاب مبكر لقوات الاحتلال من العراق، والبقاء من دون غطاء دولي و قانوني. إن مراوغة أوباما حول جدولة الانسحاب ستكون لها عواقب وخيمة وخطيرة داخل الولايات المتحدة وداخل العراق وتجعل مصداقية الرئيس أوباما على المحك. |
|