|
معاً على الطريق اختلفوا منذ البداية في محتواها لكنهم أجمعوا أنها مادامت من الباشا ينبغي أن تكون ملأى بالعسل واللبن وراحوا يمنّون النفس بالطيبات. وما إن امتدت يد أشجعهم إلى الغطاء وانتزعته حتى خرجت منها رفوف من الزنابير( الدبابير) اندفعت تغرس إبرها فيهم وخلال لحظات تورمت جفونهم وغارت عيونهم واحمرّت صفاحهم ، وأصبحوا سكارى وماهم بسكارى. طبيعي أن يتوقع الشارع العربي نتائج مؤتمر القمة الثاني والعشرين وهو يعرف مسبقاً التناقض في المواقف بين عرب الممانعة الذين يؤرقون أمريكا ويزعزون الكيان الصهيوني) وبين عرب ( الاعتدال الذين يرتبط بعضهم مع العدو الصهيوني بمعاهدات سلام ويسعى إلى التطبيع بل ويمدّ إسرائيل ( بالغاز!) و يدعو إلى ( المقاومة السلمية! ) وإسرائيل والغة في تهويد القدس ساعية إلى هدم المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وطمس المعالم العربية : المسيحية والإسلامية ببناء المستوطنات وإحياء الهجرة التي زلزلتها انتفاضة أطفال الحجارة ، وفي نبش الآثار اليهودية المنطمسة تحت الأنقاض لعلهم يصنعون تاريخاً يلفّون به يهود الخزر، فيرى نفسه أمام دليلين: الأول أن مبدأ السلام الذي تراوغ فيه إسرائيل يتنافى مع أطماعها وأحلامها التوسعية، والثاني استصغارها هذه الأمة بملايينها لأن فيها من يشاركها بالتبعية ( للبعبع) نفسه الذي أوجدها ومازال يرعاها ويدللها ويدافع عنها ويمدّها بكل ما يعوزها من مال وسلاح و( فيتو) وجعل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي تدينها حبراً على ورق.... وقفل نتنياهو راجعاً من أمريكا مزهواً باستنكار إرهاب ( المقاومة الفلسطينية). واضطرار إسرائيل في محاولات الدفاع عن النفس إلى أن تشن حروب الإبادة منذ قبية ودير ياسين حتى قانا وجنوبي لبنان وتدمير غزة وحصارها ، ولم يكن في تلك الزيارة من بارقة سوى ردة فعل الرئيس الأمريكي باراك أوباما على استهانة إسرائيل بالقرار الأمريكي المطالب بوقف المستوطنات بعقوبة ماكرة تجاهل فيها نتنياهو حتى قال شمعون بيريز محتقناً ( الرئيس الأمريكي كارثة على إسرائيل وعدو لها) وغسل نتنياهو يديه - كما فعل بيلاطوس - وأعلن أنه بريء مما قيل في أوباما. لقد أكدّ مؤتمر القمة للشارع العربي أن غياب المقررات أضعف محتواه ، فلا ترفعه الخطب ولا المؤتمرات الصحفية ولا الضجيج الإعلامي قيد شعرة ولا تخفضه فهل نحلم؟... بمقاطعة إسرائيل ديبلوماسياً كما فعل الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، وأن نخرج أمريكا بمقاطعة بضائعها وأن نلّوح باستعمال سلاح النفط كما فعل المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز ... وأن نكف عن إمدادها وإمداد بريطانيا بالدعم المالي لإقالتها من عثراتها؟ إن أسلحتنا - لوتبصرنا - أقوى من القذائف والصواريخ والقنابل الذرية ، فلتكن قلوبنا هي الأقوى. أو فلنحلم بالعسل واللبن. |
|