|
إضاءات إلا أن المؤشرات الأولية وطريقة تعاطي أردوغان وعنجهيته تدل على أن حزب العدالة والتنمية الإخواني ورغم خسارته الأغلبية التي تخوّله تشكيل حكومة دون الحاجة إلى الأحزاب الأخرى فهو بالوقت ذاته لن يسمح بصعود تلك الأحزاب إلى السلطة دون حزبه وهو محور الأحداث السياسية التركية في الأيام والأسابيع القادمة. فأردوغان الذي لم تفده جولاته ودعمه لحزب العدالة وتجاوزه صلاحياته الدستورية سيضحّي بزميله المنظّر الإخواني أحمد داوود أوغلو الذي خاض الانتخابات البرلمانية التركية بقدم إلى الأمام وأخرى إلى الخلف، لأنه يعرف أنه كان في حال فوز الحزب بأغلبية برلمانية سوف تكون نهايته السياسية على أيدي أردوغان إذا ما قيّض للأخير إجراء التعديلات الدستورية التي كان يسعى إليها، وإذا خسر الانتخابات فسيحمّله أردوغان نتيجة فشل الحزب فيها، وهو ما سوف يحصل لاحقاً. والأسابيع القليلة القادمة كفيلة بأن توضّح صورة الوضع السياسي الجديد الذي تمر به تركيا بعد النتائج الموجعة لأردوغان وحزبه والتي شكّلت صدمة وحائطاً منيعاً أمام أطماعه في التفرّد بالسلطة حيث لم يقبل الشعب التركي بهذا التفرّد وكانت نتائج الانتخابات النيابية جواباً واضحاً من الشعب بإيقافه عند حدّه هو وحزبه في أخونة تركيا العلمانية التي لا تقبل بغالبية شعبها أن يعود بها أردوغان إلى أيام السلطنة العثمانية البائدة. ولا يمكن لهذه النتائج أن تمر دون أن تؤثر على الوضع الخارجي الذي ربما يعيق تحالف أردوغان المعلن مع التنظيمات الإرهابية التي أصبحت تعيث وتسرح في الأراضي التركية دون رقيب أو حسيب وتصدر دليل وصول آمن إلى المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» الإرهابي عبر الأراضي التركية، وبالأسماء أيضاً... هذا الدعم الفاضح في حرب أردوغان وحزبه ضد سورية التي بادرت إلى تقديم كل ما من شأنه أن يعزز الصداقة مع تركيا ويتعامل معها على أساس أنها سند للعرب في حربها ضد العدو الصهيوني ويفتح لها الآفاق الاقتصادية من الباب الواسع في المنطقة العربية. لقد تبخّرت أحلام السلطان العثماني أردوغان في إقامة منطقة عازلة ومنصّة للإرهاب داخل الأراضي السورية، ولكن إذا ظلّ أردوغان وحزبه الإخواني في السلطة فستبقى تركيا مصدراً رئيسياً للإرهاب في سورية والمنطقة عموماً. فهل يتّعظ أردوغان ويصحا من حلمه الخبيث، أم أن عنجهيته تمنعه من الاعتراف بأنه رئيس فاشل وجعل من تركيا عدواً لسورية دون مبرر، أم أن هناك تطورات أخرى سوف تجعله يقتنع رغماً عنه؟؟ ربما نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في تركيا تعتبر الحدّ الفاصل لتركيا ليس فيها أردوغان ولا لحزبه الإخواني الذي بدأت رحلة الانتكاس تحوم حوله، فاستغلاله منصب رئيس الجمهورية والأجهزة الحكومية والإعلامية لم يمنع تراجعه وهو ما يوحي أن شيئاً ما سوف يتغير في تركيا ويضع حدّاً للإرهاب الذي بدأ يضرب أراضيها أيضاً بفعل سياسته، وقد تُجبر حكومته على تصحيح سياساتها الفاشلة التي تسببت في تعقيد الوضع في المنطقة إلى الحدّ الكارثي القائم. |
|