|
بقلم: ساندرا فلاونديرز- موندياليزاسيون
كما يتم استهداف جميع الدول النامية التي تحاول إنشاء برامج اجتماعية لسكانها. لقد قامت الإمبريالية الأميركية وشركائها الصغار بإحكام الخناق الاقتصادي ليتحول إلى سلاح مدمر، فالعقوبات التي تمارسها قوى عسكرية واقتصادية مهيمنة تقتل الآن عدداً أكبر من الناس، إنه سلاح يعوق نمو الشباب ويؤدي إلى هجرة يائسة... إن العقوبات الاقتصادية والحصار المفروض على فنزويلا، كوبا، إيران،سورية، روسيا والصين معروفة جداً، هناك عقوبات على دول أخرى مثل فلسطين المحتلة ومالي وزيمبابوي وغيرها غير واردة حتى على قائمة مجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان، فأغلب العقوبات يتم التستر عليها عمداً حتى أنه لا يتم ذكرها في الأخبار، كما أنه يوجد عقوبات يتم تبنيها بمجرد قراءة مقالة جديدة حول عنف مزعوم... لا يمكن طرح العقوبات كبديل عن الحرب، اذ هي شكل الحرب الأكثر قسوة حين تستهدف المدنيين الأكثر ضعفاً، فحين نرى مئات ملايين الأشخاص محرومين من حاجاتهم الأساسية فيما يمكن أن تحل مشاكل الجوع والمرض ندرك أن هذه جريمة بحق الإنسانية، رغم أن القانون الدولي والاتفاقات الدولية مثل اتفاق جنيف ونورمبرغ، ميثاق الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان جميعها تمنع بوضوح استهداف المدنيين ولاسيما في أزمنة الحرب. العقوبات ألقى السفير الفنزويلي لدى الأمم المتحدة خطاباً في قمة عدم الانحياز الـ ١٨ التي عقدت في أذربيجان بـ٢٦ تشرين الأول الماضي موجها كلامه للدول الممثلة للمؤتمر ندد فيه بالإجراءات التعسفية التي تعتمدها الولايات المتحدة مسمياً إياها (بالإرهاب الاقتصادي) وقال إن مثل هذا الإرهاب يشكل (تهديداً لنظام العلاقات الدولية وانتهاكاً لحقوق الإنسان). كما دعت مجموعة الدول الـ٧٧ والصين إلى إدانة ورفض مثل هذه الإجراءات كوسيل للضغط على الدول النامية، وأوضحت (السياسية الإجرامية التي تستهدف العزل وتشكل انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي...) سلطة البنوك إن الآلية والقدرة على تدمير دولة ما على الجانب الآخر من الكرة الأرضية غير واضحة. رأس المال الدولي يستخدم الدولار وجميع المعاملات الدولية تمر عبر البنوك الأميركية، وهذه البنوك قادرة على تجميد الأموال حتى لأبسط المعاملات..وبالتالي تفرض واشنطن على جميع البنوك العالمية قبول إجراءاتها المفاجئة وإلا تعرضت للعقوبات. أحياناً توجه وسائل إعلامية أو جماعات تابعة لحقوق الإنسان ممولة من الولايات المتحدة اتهامات بالانتهاكات وتمويل الإرهاب وغيرها كذريعة لفرض عقوبات تأديبية على بعض الدول وهذا يشبه استهداف الجيش الأميركي لأشخاص بالدرونات وإعلان الحروب على بعض الدول. يمكن فرض العقوبات بقرار من الكونغرس الأميركي أو تصريح رئاسي أو وكالة حكومية أميركية ويمكن أن تضغط أميركا على الاتحاد الأوروبي أو مجلس الأمن للحصول على الدعم في قراراتها. أيضاً الشركات الأميركية التي ترغب بالحصول على صفقة تجارية ما، يمكنها الضغط على السياسيين وغيرهم في الدولة العميقة من ممارسة الضغط على الدول الغنية بالموارد للوصول إلى مآربها، حتى العقوبات التي تبدو بسيطة يمكن أن تكون مدمرة... في الواقع، يمكن تجميد جميع المعاملات لدولة ما خلال إجراء تحقيقات معينة ودراسة جميع الحسابات، يدير مكتب الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة المالية الأميركية عدداً من برامج العقوبات المختلفة، يمكن أن تكون العقوبات شاملة أو انتقائية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية.. جرائم بحق الإنسانية حين تتم معاقبة دولة ما يتوجب عليها التفاوض مع مختلف الوكالات الأميركية حيث تطالَب بإجراءات التقشف، الانتخابات، البرامج الاجتماعية وغيرها من التنازلات السياسة والاقتصادية ليتم رفع العقوبات عنها. فالعقوبات هي جزء أساسي من العمليات الأميركية لتغيير الأنظمة، ثم يتم لوم الحكومة وكفاءة الموظفين في حدوث التضخم المفاجئ والضعضعة الاقتصادية والعجز، وتراقب الوكالات الأزمات الداخلية لتحديد الوقت المناسب للتدخل وفرض تغيير الأنظمة، وتمول الوكالات الأميركية العديد من المنظمات غير الحكومية والمنظمات الاجتماعية للتحريض على المعارضة، تم استخدام مثل هذه التكتيكات في فنزويلا، نيكاراغوا، السودان والعديد من الدول الأخرى، هذا ولا يكاد يمر أسبوعاً دون فرض عقوبات جديدة حتى بحق الحلفاء السابقين للولايات المتحدة. لماذا لا تُعاقَب أميركا؟! هل يمكن أن تتم معاقبة أميركا بسبب حروبها التي لا تنتهي؟ حين يطالب المدعي العام لمحكمة لاهاي (فاتو بونسودا) في تشرين الثاني ٢٠١٧ بفتح تحقيقات رسمية حول جرائم الحرب التي كل من ارتكبتها طالبان، شبكة حقاني، القوات الأفغانية والجيش والمخابرات الأميركية، فإن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون يقوم بتهديد القضاة أنه بحال اتهام المحكمة للقوات الأميركية سيقوم بتجريم موظفي محكمة لاهاي وفرض عقوبات مالية عليهم (حسب الغارديان). فالعقوبات سلاح تستخدمه الدول الرأسمالية القوية ضد الدول الأكثر ضعفاً، إنه سلاح صامت لكنه مميت. كما تظهر العقوبات كيف تحمي القوانين الرأسمالية حق ثمانية مليارديريين يمتلكون أكثر ما يمتلكه نصف سكان العالم. الولايات المتحدة التي تمتلك أكبر ترسانة نووية و٨٠٠ قاعدة عسكرية والتي هاجمت العراق، أفغانستان، سورية وليبيا نراها تزعم أن كوريا الشمالية وإيران تشكلان أكبر تهديد على السلام العالمي. واستطاعت من خلال مجلس الأمن أن تفرض عقوبات جديدة عليهما.. طوال التسعينيات استخدمت الحكومة الأميركية العقوبات بحق العراق لمعرفة كيف يمكن تدمير الإنتاج الزراعي وتلويث مياه الشرب، وحين سُئِلت مادلين اولبرايت حول مقتل نصف مليون طفل عراقي نتيجة العقوبات الأميركية أجابت: (نعتقد أن النتيجة تستحق العناء). عمر العقوبات الأميركية على إيران يصل إلى أربعين عاماً فيما تصل عقوباتها على كوبا إلى ٦٠ عاماً. علينا ألا ندع الدول المستهدَفة تصارع وحيدة، فالعدد الكبير للدول التي جوعتها أميركا بعقوباتها لابد أن ترى النور وأن تتم مواجهة الدور الإجرامي للبنوك. ستبدأ الجهود الداعية لحشد الرأي العام العالمي ضد العقوبات باعتبارها جريمة حرب بالدعوة إلى إقامة يوم عالمي للعمل ضد العقوبات والحرب الاقتصادية في ١٣ و١٥ آذار ٢٠٢٠، شعارها: (العقوبات تقتل، العقوبات هي الحرب! ضعوا حداً للعقوبات الآن!) ستكون المظاهرات الدولية هذه الخطوة الأولى الحاسمة، البحث عن شهادات، حلول من النقابات، المجموعات الطلابية، العاملين في الثقافة والمنظمات الاجتماعية... كل أنواع الحملات السياسة للتنديد بالجريمة الدولية للعقوبات تُمثل مساهمة حاسمة. |
|