تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأردن يتـورط... في ســورية

صفحة أولى
الثلاثاء 27-8-2013
د. غـازي حســـين

أفشل أمير قطر السابق بدولاراته وتبعية نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية له مهمة مبعوث الجامعة العربية اللواء الدابي ومهمة مبعوث الأمم المتحدة الجنرال مود في سورية.

ونجح في تجميد عضويتها في الجامعة العربية وإعطاء مقعدها إلى الائتلاف المعارض الذي شكلته قطر بالتعاون والتنسيق الكاملين مع الولايات المتحدة وفرض الحصار الظالم عليها، لتغيير النظام فيها وكسر إرادتها السياسية وتشكيل حكومة تابعة للولايات المتحدة لتوقيع اتفاق إذعان على غرار اتفاقات الإذعان في كمب ديفيد وأوسلو ووادي عربة لتصفية قضية فلسطين.‏

وحملت قطر بالتعاون مع آل سعود وآل نهيان الجامعة العربية على اتخاذ قرار يبيح تسليح المجموعات المسلحة لوأد الحوار الوطني الشامل والحل السياسي وزيادة سفك الدم السوري وتدمير الدولة السورية ومؤسساتها ومنجزاتها. وأرسلوا المسلحين من السعودية وليبيا وتونس ومصر والأردن ولبنان والشيشان وباكستان وغيرها للإطاحة بالنظام وقياداته وتغيير توجهاته وخدمة المشروع الصهيوأميركي والمصالح الأميركية والصهيونية في المنطقة وصياغة سايكس- بيكو2 أسوأ من سايكس- بيكو1 ولإقامة الشرق الأوسط الجديد أو الكبير بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل.‏

ودفع آل سعود وآل ثاني والولايات المتحدة الأميركية مليارات الدولارات إلى الأردن لفتح أبوابه على مصراعيها لاستيراد الإرهابيين من جبهة النصرة والسلفيين والوهابيين وتدريبهم وتصديرهم إلى سورية عبر الحدود الأردنية- السورية إلى المنطقة الجنوبية لمحاولة احتلال العاصمة دمشق.‏

وكان الأردن قد فتح أراضيه منذ العام 2012 لتمركز القوات الأميركية الخاصة والمخابرات البريطانية والفرنسية وإجراء مناورات «الأسد المتأهب» العدوانية في الأردن للسيطرة على «السلاح الكيماوي» داخل الأراضي السورية.‏

ونفى الأردن كعادته في تضليل شعبه وأمته تمركز قوات أميركية على حدوده مع سورية، ما حدا بوزير الدفاع الأميركي السابق بانيتا إلى الإعلان في مؤتمر صحفي عن وجود (150) من القوات الأميركية الخاصة على الحدود الأردنية للتدخل في سورية، تحقيقاً للهدف الاستراتيجي للعدو الإسرائيلي وهو السيطرة على ما يسمونه «الكيماوي» ولمنع وصوله إلى حزب الله في لبنان على حد زعم إسرائيل وأميركا واتباعهم من غربان الخليج.‏

وأصبح الأردن معبراً ومقراً وممراً للاعتداء على جارته الشقيقة سورية والمساهمة في زيادة سفك الدم السوري الطاهر وتدمير منجزات الشعب والدولة.‏

ولم يتوقف دور الأردن عند هذا الحد بل ناشدت حكومة النسور مجلس الأمن الدولي بالتدخل، وطلبت من إدارة أوباما إرسال المزيد من القوات الأميركية للتمركز على الحدود مع سورية وإرسال بطاريات صواريخ باتريوت وطائرات إف 16 والمزيد من الجنود الأميركيين، في سابقة فريدة وخطيرة وكارثية في تاريخ العلاقات العربية- العربية.‏

دور دول الخليج في توريط الأردن‏

كان من الأجدى والأنفع والأسلم للأردن ولفلسطين وللاستقرار في سورية والعراق أن تلتفت الحكومات الأردنية المتعاقبة إلى مصالح الشعب الأردني وأزمات الأردن السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتلاحم نسيجه الوطني وتحقيق المساواة أمام القانون بإلغاء التمييز المقيت تجاه مواطنيه من أصول فلسطينة، ومعالجة تفشي الفساد وازدياد الفقر وارتفاع معدلات البطالة والغلاء، وتردي الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ورفاه اجتماعي. وأدت هذه الأزمات وارتهان الأردن إلى شروط البنك الدولي، وتبعيته للولايات المتحدة، وتمسكه بمعاهدة الإذعان في وادي عربة، وهرولته في تطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي إلى تصاعد الفقر والغلاء وإلى تفشي الفساد في جميع مفاصل الحياة في المجتمع الأردني وزيادة العجز في الميزانية والديون الخارجية.‏

وتعمل قطر والسعودية على توريط الأردن أكثر فأكثر في المخططات الصهيوأميركية للقيام بدور السمسار بين رئيس السلطة وإسرائيل بدلاً عن الدور الذي كان يقوم به الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك لتصفية قضية فلسطين وبيعها بشكل نهائي لليهود من خلال التوطين والوطن البديل والكونفدرالية ومشروع الشرق الأوسط الجديد ومن خلال الدور الخطير الذي قام به ويقوم به ناصر الجودة وزير خارجية الأردن في لجنة المتابعة للجامعة العربية التي عدلت المبادرة العربية وتعمل على التطبيع العربي الجماعي مع العدو الإسرائيلي، عدو العروبة والإسلام والمسيحية وعدو السلام العالمي والبشرية جمعاء.‏

وتعني مبادرة السلام العربية وتعديلها شطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وضم أكثر من 85٪ من المستعمرات اليهودية في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة عام 1967 إلى الكيان الصهيوني. وبالتالي توريط دول الخليج العربية وجامعة الدول العربية (التي أسسها تشرشل) الأردن أكثر فأكثر ليس ضد سورية الشقيقة فقط وإنما أيضاً ضد مصالح شعبه ووطنه وأمته، وضد مبادئ القانون الدولي والعهود والمواثيق والقرارات الدولية وأبسط مفاهيم حسن الجوار والعلاقات التاريخية بين أبناء الشعب الواحد في البلدين.‏

مقابلة الملك مع جيفري غولد بيرغ‏

ألقت مقابلة الملك عبد الله الثاني مع الصحفي الأميركي غولدبيرغ الضوء على موقف الأردن الحقيقي من قضايا الساعة، حيث وصف غولدبيرغ الملك بأنه أكثر قادة المنطقة ولاء للولايات المتحدة الأميركية. وأخبره الملك بأنه يريد أن يكون للفلسطينيين تمثيل برلماني يناسب حجمهم. واتهم الملك المخابرات بأنها تعيق إعطاء الفلسطينيين حقهم، كما تعيق الإصلاح. وقال له الملك إنه يريد الإصلاح ومن غير المسموح للإخوان المسلمين أن يخطفوه باسم الإسلام. وصفهم بالعصبة الماسونية ويريدون تقويض مملكته.. ويريد التنازل عن بعض سلطاته للناس المناسبين.‏

ويرى الصحفي غولدبيرغ أن علاقة عشائر الضفة الشرقية بالعائلة الهاشمية تقوم على تبادل تجاري: هم يدعمون حكم الهاشميين، والهاشميون يحمون لهم امتيازاتهم.‏

وأخبره الملك أن زعماء العشائر متغلغلون في المخابرات وفي جميع أجهزة الدولة، وأن بعض ضباط المخابرات يتدخلون في السياسة لمصالحهم الخاصة، وأن اثنين منهم في السجن والثالث مات، لكنه يعمل على إصلاح هذا الجهاز بالتعاون مع السي آي إي.‏

وأخبره أنه فكر في التنحي حين أفشلت المخابرات مساعيه الإصلاحية لكن أسرته رفضت ذلك بقوة.‏

ويرى الملك أن عهد الملكيات أخذ في الزوال، ولا بد من الملكية الدستورية، لكن أسرته تريده حاكماً مطلقاً. ويعلم الملك بحسب رأي غولدبيرغ أن العرش الهاشمي لن يبقى ما لم يسرع في تحديث البلد.‏

ويرى غولدبيرغ أيضاً أن الإسرائيليين والخليجيين من أكثر داعمي الملك وأن إسرائيل أهم حليف للأردن، وأن علاقة الملك بنتنياهو قوية. ويعترف الملك بدور نتنياهو في الحفاظ على استقرار الأردن.‏

وبرأي غولدبيرغ أن الأردن يعمل بهدوء مع إسرائيل والولايات المتحدة لمراقبة الأسلحة الكيماوية السورية، وأن الملك لا يقبل أن يرى حكومة (أردنية) تتنكر لمعاهدة وادي عربة.‏

وحمل الملك على الإخوان ووصفهم بالذئاب في ثياب حملان وأن ولاءهم جميعاً للمرشد في مصر.‏

وكانت تصريحاته حول الأزمة السورية فيها بعض التخبط وعدم الدقة نظراً لصعوبة الموقف الأردني وخطورة دوره على سورية وفلسطين والأردن نفسه والوطن العربي بأسره.‏

وكان باراك قد تعهد في بيانه الوزاري عام 1998 أمام الكنيست بإعطاء حسني مبارك وملك الأردن دوراً في عملية صناعة التسوية يين إسرائيل والفلسطينيين، وكأن الأردن جاء من المريخ ولا يمت لقضية فلسطين بصلة.‏

وكلفت الولايات المتحدة نتنياهو الملك الأردني بعد خلع الطاغية مبارك القيام بنفس الدور الذي كان يلعبه مبارك في المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية للتوصل إلى اتفاق الحل النهائي بتحقيق رؤية الدولتين التي أخذها مجرم الحرب بوش من مشروع السفاح شارون للتسوية.‏

وأكد الملك الأردني أكثر من مرة أن هناك قلقاً غربياً وإسرائيلياً من وقوع الأسلحة الكيماوية في أيدي جماعات جهادية وجبهة النصرة على التحديد، ومن ثم استخدامها ضد أهداف إسرائيلية، وقال الملك إن نتيناهو كان بصدد شن هجمات جراحية لتدمير المخازن الثمانية الموجودة فيها، وتراقبها الأقمار الصناعية الأميركية ليل نهار. ومنعته الولايات المتحدة من الإقدام على هذه الخطوة لتفضيلها إرسال قوات عالية التدريب والتسليح يقدر عددها بـ 17 ألف جندي للاستيلاء عليها.‏

زيارة أوباما وتصعيد التورط‏

ازداد تورط الأردن بعد زيارة الرئيس أوباما إلى عمان في الشأن الداخلي في سورية من خلال معسكرات التدريب وإرسال المسلحين والسلاح إلى المنطقة الجنوبية، وذلك انتهاكاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وعلاقات الإخوة وحسن الجوار بين البلدين.‏

وتشرف المخابرات المركزية والبريطانية بالتعاون مع المخابرات الأردنية على تدريب وإرسال المسلحين والمعدات العسكرية إلى نقاط معينة على الحدود الأردنية- السورية.‏

وجاءت أكذوبة استخدام الجيش العربي السوري للأسلحة الكيماوية في خان العسل التي تلقفها الموساد والكونغرس الأميركي لإعادة سيناريو العراق الذي دمرته الولايات المتحدة بأكذوبة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل.‏

وتعمل حكومة النسور على تصعيد تورطها في سورية بالاستقواء بالولايات المتحدة ومجلس الأمن وزيادة تمركز القوات الأميركية في حدودها مع سورية، وإقامة منطقة عازلة في درعا.‏

ولجأت حكومة النسور إلى أميركا وبان كي مون كي تدافع عن تورطها في سورية ولحمل المواطنين على السكوت عما يحاك من مؤامرات على مستقبل الأردن من خلال الكونفدرالية والوطن البديل وعلى مصير قضية فلسطين.‏

وسمحت حكومة النسور زيادة استباحة الأراضي والأجواء الأردنية بعد زيارة أوباما في نيسان 2013 لقاء الأموال التي تلقتها وتتلقاها من غربان الخليج وإدارة أوباما.‏

وطالب النسور في مقابلته مع قناة العربية في 3 أيار 2013 بالتدخل كما حصل في صربيا، وإقامة مناطق معزولة في درعا ونصب بطاريات باتريوت على حدوده مع سورية وإرسال المزيد من الجنود وطائرات إف 16.‏

وفي الوقت نفسه تجري الأحاديث عن تحويل الأردن إلى الوطن البديل وإقامة اتحاد اقتصادي ثلاثي- إسرائيلي- فلسطيني أردني على غرار اتحاد بنيلوكس لتصفية قضية فلسطين وانهاء الصراع العربي- الصهيوني بدعم وتأييد كاملين من آل سعود وآل ثاني ونهيان وأنظمة كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة وأنظمة الإخوان المسلمين.‏

لقد مولت الولايات المتحدة عن طريق السعودية وبقية دول الخليج العربية الأفغان العرب والقاعدة في أفغانستان. ودفع الغرب الثمن غالياً حيث ارتد إرهاب القاعدة إلى الدول الغربية وحتى السعودية.‏

ويدعم الغرب حالياً ممثلاً بالولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وأتباعهم من غربان الخليج المجموعات الإرهابية في ليبيا وسورية. وسيرتد العنف لاحقاً إلى داخل الولايات المتحدة والدول الأوروبية. ويخشى الغرب حالياً انتقال مخاطر العدوى السورية إلى دول الجوار مع موجات إرهابية داخل الولايات المتحدة.‏

وأكد تشاك هاغل وزير الدفاع الأميركي أن الولايات المتحدة ستعزز وجودها العسكري في الأردن لتدريب الجيش الأردني، واحتمال التدخل (في سورية) لتأمين مخزون الأسلحة الكيماوية. وتالياً تتحمل الولايات المتحدة والحكومة الأردنية مسؤولية التصعيد العسكري على الحدود الأردنية- السورية وفي المنطقة الجنوبية وصولاً إلى ريف دمشق.‏

التيار السلفي الأردني وتنظيم القاعدة‏

ظهر التيار السلفي الجهادي بعد مقتل أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وتفجيرات الفنادق بعمان في نهاية 2005 مجدداً في الأزمة السورية.‏

ودخل السلفيون الأردنيون بسلاحهم إلى سورية بعد دعوة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في شباط 2012 لنصرة المعارضة المسلحة ضد النظام الكافر (العلماني) المتحالف مع إيران. وانضموا إلى جبهة النصرة.‏

انخرط هذا التيار بدعم من فرنسا وبعض دول الخليج العربية المرتبطة بالغرب وحلف الناتو ضد الأنظمة العربية وبشكل خاص في ليبيا وسورية والعراق.‏

واستدعت الجامعة العربية، جامعة آل سعود وآل ثاني ونهيان تدخل حلف الناتو لتدمير ليبيا وتغيير النظام فيها، تماماً كما فعلت الولايات المتحدة وبريطانيا والصهيونية العالمية بالعراق. وسلموا ليبيا إلى التيار السلفي الجهادي لخدمة مصالح دول الناتو في ليبيا وفي طليعتها السيطرة على النفط وأمواله.‏

حاولت إدارة أوباما الاستفادة من دروس الحروب العدوانية على أفغانستان والعراق وليبيا وفتحت الأبواب على مصاريعها لجمع تنظيمات القاعدة وما يسمى المجاهدين من جميع أنحاء العالم بما فيها دول الاتحاد الأوروبي وإرسالهم إلى سورية من خلال البوابات التركية واللبنانية والأردنية. وحققوا نجاحات على الأرض بدعم وتأييد كاملين من آل سعود وآل ثاني والمخابرات الغربية وعملاء الصهاينة والمتصهينين العرب، فالجهاد ليس في قتل العرب من مسلمين ومسيحيين في سورية وإنما في فلسطين لتحرير القدس بشطريها المحتلين من أسوأ استعمار استيطاني واحتلال عنصري وارهابي في التاريخ، وتبنت المعارضة السورية الدفاع عن جبهة النصرة ونفت صفة الإرهاب عنها وعلاقتها بتنظيم القاعدة.‏

وجاء تصريح أبو بكر البغدادي عن توحيد جبهة النصرة مع دولة العراق الإسلامية تحت اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وإعلان جبهة النصرة انضمامها إلى تنظيم القاعدة، ليؤكد بجلاء أن جبهة النصرة أي التيار السلفي الجهادي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من تنظيم القاعدة.‏

ويحتل الأردنيورن مواقع قيادية في جبهة النصرة. ويعتقد أن النظام الأردني في بادئ الأمر أراد الحصول على الأموال من آل ثاني وآل سعود ومن الولايات المتحدة وفي الوقت نفسه أرادت هذه الأطراف المذكورة التخلص من أكبر عدد منهم بفتح الحدود أمامهم أو غض الطرف عن دخول المئات منهم بأسلحتهم وعتادهم إلى المنطقة الجنوبية في سورية، في محاولة من التنظيمات المسلحة دخول العاصمة السورية.‏

وأخذت المخاوف الشعبية وفي أوساط بعض الدوائر في الأردن تتصاعد بعد وصول أعداد كبيرة من السلفيين الجهاديين من تونس وليبيا والسعودية ومصر والشيشان من احتمال استبدال النظام السوري العلماني بنظام تكفيري على حدود الأردن الشمالية، ومن تفتيت سورية على أسس طائفية ومذهبية وعرقية وانتقال عدوى الفوضى الخلاقة التي بشرت بها كونداليزا رايس للقضاء على النظام الأردني وإقامة دولة الخلافة الإسلامية.‏

والتقت مصالح الولايات المتحدة والصهيونية العالمية والدول الأوروبية وغربان الخليج بالتخلص من الجهاديين إلى سورية لمحاولة تدمير الجيش العربي السوري والدولة السورية لتصفية قضية فلسطين برعاية إدارة أوباما وجامعة الدول العربية وإقامة اسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير الذي بشر به هرتسل وأقره مؤتمر بلتيمور الصهيوني، وطرحه بيريس وتبنته ادارة بوش ومشيخات وممالك الخليج الذين باعوا فلسطين للامبريالية والصهيونية. وساهم الاخوان المسلمون جنباً إلى جنب مع غربان الخليج والمخابرات الغربية بإرسال المسلحين والسلاح إلى داخل سورية.‏

لقد وجدت عمان نفسها تنضم أكثر فأكثر إلى الصراع في سورية وعليها مع نشر قوات أمريكية على الأراضي الأردنية وفتح معسكرات تدريب المعارضة االمسلحة وإدخال المسلحين والسلاح إلى العمق السوري، تماماً كما فعلت بالعراق في عشية الغزو الأمريكي في 20 آذار 2003، ما أظهر بجلاء عدم وفاء الحكومات الأردنية للأخوة العربية وحسن الجوار وأبسط مبادىء القانون الدولي.‏

إن عبور السلفيين الأردنيين وجبهة النصرة والمجموعات المعارضة المسلحة والسلاح من الحدود الأردنية لإسقاط النظام وهو بمثابة صب الزيت على النار وتعرض المنطقة إلى المزيد من الفوضى والاضطراب والاقتتال الطائفي والمذهبي والعرقي.‏

معسكرات التدريب‏

كشفت الصحف الأميركية والعربية ومنها الأخبار اللبنانية الصادرة في 19 نيسان 2013 أن الأردن افتتح معسكرات لتدريب (5000) إخونجي وجندي وجرى بالفعل تدريب (300) مسلح ووصل منهم إلى منطقة درعا 1560 مسلحاً، مدججين بالسلاح المضاد للدبابات والطائرات عبر 13 منفذاً حدودياً غير شرعي بين الأردن وسورية. وأصبح الأردن مقرآً للمعارضة السورية المسلحة ويحتضن معسكرات تدريب بحسب جريدة الأخبار اللبنانية الصادرة في 18 نيسان 2013 وبإدارة ضباط أردنيين إلى جانب الأميركيين والبريطانيين وكشف مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية أنهم يعملون عن قرب مع كل من اسرائيل والأردن ودول أعضاء في حلف شمال الأطلسي وتركيا للسيطرة على عشرات مواقع تخزين الأسلحة الكيماوية السورية والتنسيق من أجل التدخل عند الضرورة.‏

وأكدت مجموعات مسلحة سورية أن عسكريين واستخباريين أمريكيين وبريطانيين يشرفون على معسكرات تدريب في الأردن لتدريب مجندين على كيفية استخدام كافة أنواع الأسلحة بما فيها صواريخ ستينجر المضادة للطائرات وصواريخ كوبرا المضادة للدبابات.‏

ونشرت وكالة مجموعة صحف ماكلاتشي الأميركية في تقرير لها من عمان بأن معسكرات تدريب مسلحي المعارضة السورية في الأردن قد بدئ العمل بها من تشرين الأول عام 2012، وأنه يسمح للمتدربين بأخذ الأسلحة التي يتدربون عليها إلى سورية.‏

ويتجسد التورط الأردني ليس فقط بفتح معسكرات التدريب واستدعاء المزيد من القوات الخاصة الأمريكية وبطاريات صواريخ باتريوت وإنما أيضاً بإقامة محطة أميركية للتجسس متخصصة في الاتصالات والرصد مكونة من عدة مئات من العسكريين الأميركيين وتهريب أسلحة ومعدات حربية اشترتها السعودية من صربيا.‏

وتعمل الولايات المتحدة واسرائيل على أن يقوم الملك بلعب الدور الذي كان يلعبه الطاغية المخلوع حسني مبارك في تحريك المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية والقيام بدور الضاغط لتسويق التسوية الأمريكية لتصفية قضية فلسطين.‏

أمعن النظام الأردني في الحصول على المساعدات الخارجية لقاء الدور الذي قام به ويخطط له القيام به مع بريطانيا أولاً ثم الولايات المتحدة واسرائيل وأمراء وملوك الخليج، إلا أن شروط المساعدات الخارجية لتغطية العجز في الميزانية بعد تفاقم أزمة الغرب الاقتصادية وشروط آل سعود وآل ثاني السياسية أصبحت تمس الأمن الوطني الأردني والأمن القومي العربي في مجال الحل النهائي لقضية فلسطين والقدس وفي التوطين والوطن البديل والكونفدرالية والتورط في الأزمة السورية والتي من شأنها أن تحدث تغيرات لمصلحة الوطن البديل ومشروع الشرق الأوسط الجديد.‏

ويعتقد بعض المحللين الأردنيين كما جاء في جريدة الأخباز اللبنانية الصادرة في 19 نيسان 2013 أن تحذير الرئيس بشار الأسد من أن النار لن تقف عند حدودنا إنما يقع من باب الحرص على أن إقدام المسؤولين الأردنيين على تدريب وتسليح المقاتلين وارسالهم إلى سورية، سوف يرتد على أمن الأردن من خلال التغذية الارهابية الراجعة، ذلك ان استمرار هذه العمليات سوف يؤدي إلى حالة من الفوضى على الحدود الأردنية السورية تقود إلى انتقال الإرهابيين وإلى تنفيذ مخططاتهم بشأن الأردن. وأكد هذا الاستنتاج الواقعي رئيس مجلس الأعيان الأردني طاهر المصري في حديث له مع الحياة في 29 نيسان 2013 حيث اعتبر أن استمرار الصراع في سورية وبروز مظاهر الانقسامات العرقية والدينية داخل المدن سيدفع باتجاه انتقالها إلى داخل دول الجوار مؤكداً أنه من شأنها أن تهدد المصلحة الأردنية العليا وتعرض المملكة إلى خطر الحريق السوري.‏

مناورات الأسد المتأهب‏

جرت في الأراضي الاردثية قبل نهاية عام 2012 في خضم الأزمة السورية المناورة الأولى من مناورات «الأسدالمتأهب» وشاركت فيها19دولة برعاية الولاياتالمتحدة وعلى مقربة من الحدودالسورية الجنوبية الشرقية مع الأردن، وكان الهدف المعلن من المناورة القيام بتدريبات للاستيلاء على مخازن الأسلحة الكيماوية.‏

واحتضن الأردن في العاشر من حزيران 2013 للمرة الثانية مناورات «الأسد المتأهب بمشاركة ثمانية آلاف عسكري من 19 دولة منها قطر «السعودية والامارات العربية وتركيا وبريطانيا وفرنسا».‏

وأكد المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني أن بلاده التي تشترك بحدود يزيد طولها على(370كم) مع سورية ترغب في نشر بطاريات باتريوت لحماية أجوائها.‏

واستدعت حكومة النسور الحالية ارسال قوات أمريكية وطائرات من 016وطالبت بإقامة منطقة حظر جوي في درعا على غرار ماحدث في العراق قبل الغزو الأمريكي وماحدث في ليبيا وأدى الى تدميرالبلدين العربيين وقتل حوالي المليونين من مواطني البلدين.‏

وترغب الحكومة الأردنية أن تكون منطقة الحظر الجوي في جنوب سورية ومحاذاة جبهة الجولان وذلك :‏

- أولاً: ايجاد منطقة تسيطر عليهاالمعارضة السوريةالمسلحة.‏

- ثانياً: حماية اسرائيل وطمأنينتها من أن بعض المجموعات الجهادية الموجودة على الأرض في سورية لاتشكل خطراً عليها وإنما على النظام، ولن يسمح لها بدخول المنطقة العازلة.‏

وتفيد المعلومات الصحفية أن اسرائيل تشترك مع الولايات المتحدة والأردن ودول الخليج العربية وتركيا لتنسيق المواقف لمواجهة الأزمة السوريةوالتدخل في الشأن الداخلي السوري.‏

وبتاريخ 9 حزيران 2013أعلن الجيشان الأردني والأمربكي انطلاق مناورات الأسدالمتأهب.‏

وأعلن الجنرال الأمريكي روبرت كتلانوتي في عمان أن المناورة تهدف الى تطبيق مهارات على سيناريو حرب غير تقليدية تستمر نحو أسبوعين، ينخرط فيها قرابة 8 آلاف جندي وأضاف: المناورات تمثل أضخم تمرينات عسكرية تجري في المنطقة ، وتتضمن التعامل مع الحرب الكيماوية ، وشن غارات على مواقع الجماعات الارهابية إضافة الى التنسيق والتعامل مع قضايا اللاجئين واعتراض السفن وقال الجنرال كتلانوتي أن قوات برية ستساند طائرات مجنحة وعمودية لتأمين منصات الاسناد الجوي وخدمات العبور والنقل.. وتشارك حتى لبنان والبحرين في هذه المناورات.‏

إن تمرين مناورات «الأسد المتأهب» الأول والثاني ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأزمة الجارية في سورية وتزيد من عوامل تفجير الصراعات داخل بلدان المنطقة وترمي الى خدمة المصالح الاسرائيلية والأمريكية بالدرجة الأولى وتعرض سورية الى خطر تدخل الناتو كما حدث في ليبيا تعرض منطقة حظر جوي فوق الأراضي السورية مما يعطي البدء بتدخل عسكري مباشر.‏

إن مساعي ادارة أوباما تصفية قضية فلسطين والتدخل الخارجي في سورية وملف ايران النووي وحركات المقاومة في البلدان العربية حاضرة في صلب مناورات الأسدالمتأهب فوق الأراضي الأردنية وتنذر بعواقب وخيمة لمستقبل المنطقة الممتلئة بالنفط والغاز والثروات الطبيعية المختلفة.‏

أن تدريب وارسال المسلحين السلقيين وغيرهم وارسال الأسلحة من الحدود الأردنية الى العمق السوري والمناورات واستقدام القوات الأمريكية الي الحدود الأردثية مع سورية يهدد سورية وسيادتها وأمنها ودماء مواطنيها والجيش العربي السوري وسيادة الدولة السورية ومنجزاتها.‏

وأوردت وسائل إعلام أمريكية نقلاً عن مصادر عسكرية في واشنطن أن المناورات ستشهد تدريب قوات أردنية علي كيفية التدخل لحماية أماكن أسلحة كيماوية داخل سورية في حال انفلات الأوضاع هناك ، مما يشكل أخطر أنواع التهديد بالتدخل الخارجي بين قطرين شقيقين وجارين يرتبطان بأوثق العلاقات التاريخية والعائلية والثقافية والاقتصادية.‏

موقف التيارات الوطنية والقومية واليسارية‏

واجهت التيارات الوطنية والقومية واليسارية تهديدات وضغوط جماعة الاخوان المسلمين في الاردن المدعومة من بعض الأوساط الشعبية وتحركت بشجاعة لتغيير الرأي العام الذي تأثر بإعلام وأموال آل سعود وآل ثاني نهيان ، تحركت هذه التيارات المتمسكة بمصالح وأهداف شعبها وأمتها بدعم من بعض الأوساط العشائرية (عشيرة آل عبيدات) والبيروقراطية المدنية والعسكرية ونجحوا في اضعاف تأثير جماعة الاخوان المسلمين في الشأن السورية والحيلولة دون إعطاء غطاء شعبي أردني للتآمر على الدولة السورية وجيشها ومؤسساتها ومنجزاتها، وأخص بالذكر الدور الرائع الذي قام به التيار القومي والنخب والشخصيات القومية واليسارية.‏

ونجحوا في تكتيل رأي عام شعبي قوامه أن التدخل الأردني في سورية سينقل فوضى التطرف والاهاب الى الاردن ،ويعطي جماعة الاخوان والتيار السلفي الفرصة للاستيلاء على الحكم في الأرض ضمن تفاهمات سياسية تبرقها جماعة الاخوان مع ادارة أوباما حول فلسطين والقدس والتطبيع ومعاهدة واتدي عربة والوضع في سورية ،تماماً كما فعلت جماعة الاخوان في مصر وتونس والمغرب.‏

ورافق تحرك جماعة الاخوان في الاردن ممارسة ضغوط مالية وسياسية سعودية وقطرية على الأردن، لمصلحة تدريب وتسليح المجموعات المتطرقة وإرسالها الى العمق السوري لتدمير الدولة العلمانية في سورية.‏

وأدى تآمر التنظيم الدولي للاخوان المسلحين بزعامة القرضاوي شيخ إشعال الفتن الطائفية والمذهبية على الإمارات العربية ومعادات الإمارات للإخوان وتأبيدهم للمعارضة السورية المسلحة من سلفيين ووهابين وغيرهم وغيرهم الى سلوك النظام الاردني سلوكاً حذراً( بعض الشيء) تجاه الأزمة في سورية والتدخل الخارجي فيها حفاظاً على تحالفاته الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وعلى كيانه.‏

ولعب التيار القومي وقوى يسارية وعشائرية دوراً هاماً في بلورة الموقف الشعبي والحزبي والبرلماني المعارض للتدخل العسكري في سورية.‏

وساعد على تقوية هذا التوجه بروز تيار أردني يعتقد أن إدارة أوباما تخطط للحل النهائي لقضية فلسطين بشطب حق عودة اللاجئين الى ديارهم وضم الأكثرية الساحقة من مستعمرات الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية الى الكيان الصهيوني وتوطين اللاجئين وإقامة الوطن البديل من خلال الكنفدرالية على حساب الأردن وطالب دعاة هذا الاتجاه اتباع سياسة الحياد تجاه الأزمة في سورية وعدم التورط فيها حفاظاً على مصالح الاردن واتخذت الحركة الوطنية والقومية في الاردن توجهاً يقوم على مقاومة المشاريع الامريكية في الاردن وفلسطين وسورية.‏

ويمكن القول أن النخب الفكرية والسياسية الوطنية والقومية والشعبية باستثناء جماعة الاخوان المسلمين تقف ضد التدخل الخارجي في سورية وضد تدمير الدولة السورية ومؤسساتها.‏

وأدى هذا الجو الشعبي الجديد الى مطالبة البرلمان الاردني بالاجماع بطرد السفير الاسرائيلي من عمان رداً على انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي الجسيمة بحق المسجدالأقصى المبارك ، وطالب نواب عبر مذكرة وقعوها الى رئيس البرلمان بإعادة النظر في قانون التصديق على اتفاقية وادي عربة لثلاثة أسباب... الانتهاكات المتكررة والمتعمدة بحق المقدسات الفلسطينية، ورفض الشعب الاردني لهذه الاتفاقية وعدم جلدية ونفعية الاستمرار بأحكامها وفي الوقت نفسه صمت الاردن الرسمي وعن آدائه الغارة الاسرائيلية العدوانية على جمرايا وأدائها مجلس النواب فقط.‏

أشار تقرير لصحيفة واشنطن بوست عقب زيارة الملك عبدالله الثاني في نيسان 2013 الى واشنطن الى أهمية دعم اسرائيل والسعودية للنظام الاردني وأكد التقرير أن استقرار الاردن يمثل مصلحة اسرائيلية عليا.‏

كما أكدت صحف عربية أن الأدرن رضخ لمؤامرة سعودية تتعلق بإرسال السلاح والمسلحين الى سورية وجاء صمت الاردن الرسمي عن إدانة الغارة العدوانية على جمرايا ليعبر عن اتفاقات ومصالح مشتركة مع اسرائيل وتقيم الاردن علاقات استراتيجية مع واشنطون والرياض وتل أبيب تحتل مكان الصدارة في علاقاتها الخارجية وتفرض سلوكه تجاه الأزمة في سورية.‏

وتجعل المصالح المالية والأمنية والعسكرية للحكومات الأردنية أكثر اقتراباً من المحور الأمريكي - الاسرائيلي - السعودي.‏

وتلعب بنية النظام وارتباطاته وتحالفاته التاريخية دوراً في الاقتصاد عن الدولة السورية المتمسكة بقضية فلسطين والاقتراب من المعارضة المسلحة وداعميها من آل سعود وآل ثاني والامبريالية الأمريكية والصهوينية العالمية.‏

إن من مصلحة النظام الاردني عدم الزج بالاردن في حرب تزيد من سفك الدم السوري ومن تدمير الدولة السورية.‏

مما يتجاوز قدرات الاردن ويمس بأمنه الوطني وبالأمن القومي العربي وبقضية فلسطين وعروبة القدس بشطريها المحتلين.‏

سادت الاضطرابات واتقاد الحروب العدوانية والمجازر الجماعية منذ أن نجحت الامبريالية والصهيونية والرجعية باستغلال الهولوكوست النازي وإقامة اسرائيل ونكبة فلسطين عام 1948 وترحيل الفلسطينيين وعدم السماح للاجئين بالعودة الى ديارهم.‏

إن احتلال اسرائيل لفلسطين والجولان وجنوب لبنان والحروب التي أشعلتها والمجازر والاعتداءات التي ارتكبتها هي السبب المباشر للمآسي والويلات التي يعيشها الشعب الفلسطيني والجماهير العربية، وسبب الاضطرابات وعرقلة التنمية والتطور في المنطقة.‏

إن الموقف المغامر والخطير الذي تقوم به السعوية وقطر والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا واسرائيل والذي يساهم في سفك الدم السوري وتدمير الدولة السورية وتصفية قضية فلسطين يلحق أفدح الأضرار بسورية وفلسطين والاردن والعراق ولبنان ويقودالى احراق المنطقة وسيؤدي في حال استمراره الى تقيدت الدول العربية من خلال إشعال الطائفية والمذهبية والعرقية والتوطين « الوطن البديل والكنغدرالية على حد قول الجنرال الاسرائيلي ارييه نافية قائد المنطقة الوسطى (الضفة العربية المحتلة) السابق ربما سيكون الملك عبدالله الثاني آخر ملوك العائلة الهاشمية ، وذلك لرسم خريطة سايكس بيكو2وإقامة اسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية